هل ستتأثر العلاقة بين روسيا وتركيا على خلفية إسقاط الطائرة ومدى انعكاسها على إقامة المنطقة الآمنة؟

لم يكن رئيس الكرميلن فلاديمير بوتين، وهو الذي اعتاد أن يظهر بمظهر المتحكم، وهو الرجل المعروف ببرود ملامحه ومواقفه بما يخص الملف السوري، ستتحول إلى صفيح ساخن بعد إسقاط تركيا لطائرة عسكرية تابعة لقواته في ريف اللاذقية الشمالي قرب الحدود مع تركيا ومقتل أحد طياريها، ومن ثم تدمير الثوار لطائرة مروحية كانت في مهمة البحث عن طيار مفقود، في خسارة ليست في حسبان الروس بعد اعتقادهم أن الأجواء السورية ملك وحيد لهم يفعلوا بها مايشاؤون.

وفي هذا الصدد أجرى راديو الكل حوار خاص مع المحلل السياسي محمود الحمزة، وناصر تركماني مدير المكتب الإعلامي في المجلس التركماني السوري.

حيث قال ناصر تركماني: “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فاجئ العالم بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية عندما أعلن إصرار تركيا على إقامة المنطقة الآمنة لتصل إلى الساحل السوري بعد أن كان مزُمع إقامتها بين مدينتي جرابلس وإعزازفقط”.

وأضاف أن سعي تركيا لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، يأتي بعزم ٍ منها لحماية أمنها القومي في المقام الأول، على حد تعبيره.

وفي سؤالنا حول قراءته للمواقف التركية بعد إسقاط الطائرة الروسية، أشار إلى أن تركيا قامت بعد الحادثة بحملة دبلوماسية، حيث أجرت اتصالات مع عدد من الدول كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ومع أعضاء حلف الناتو.

كما استدعت السفير الروسي في أنقرة –حسب تركماني- وبلغته احتجاجها بشكل رسمي على اختراق أجوائها، إضافة لنشرها تقرير تقني للتسجيلات الصوتية و”الرادار” الذي بموجبه تبيّن لحلف الناتو إن تركيا تعرضت لإنتهاك مجالها الجوي.

وأشار في معرض حديثه إلى أن نشر روسيا صواريخ نوع “أس 400” في مطار حميميم باللاذقية، يشكل خطراً غير مسبوق لحلف الشمال الأطلسي “الناتو”.

وأوضح على أن القضية التركمانية تشكل حساسية لكافة الأحزاب التركية بحكم التواصل الإجتماعي والثقافي بينهم، ووجود قرابة بين المجتمع التركي والتركمان المتواجدين في جبل التركمان بريف اللاذقية وفي شمال حلب.

منوهاً في السياق على أن روسيا تستهدف التركمان لمعاقبة تركيا أو لكسب ورقة في المفاوضات مع المجتمع الدولي، مشيراً إلى تصريح الرئيس التركي بأن “تركيا لن تتخلَ عن التركمان وعلى روسيا وقف قصف المدنيين”، موضحاً على أن الصحافة التركية تهاجم اليوم نظام الأسد والموقف الروسي الداعي إلى مزيد من التصعيد في المنطقة.

وختم مدير المكتب الإعلامي في المجلس التركماني السوري كلامه موضحاً على أن أي تحرك عسكري غير محسوب من أي طرف من الأطراف على هامش إسقاط تركية للطائرة الروسية سيكون له آثر في مفاوضات فيينا وجنيف.

من جانبه وصف المحلل السياسي محمود الحمزة حادثة إسقاط تركيا للطائرة الروسية بالخبر “الصاعق” في الداخل الروسي، حيث هزّ القيادة الروسية كما كان له انعاكسات كبيرة على النخبة السياسية وحتى بين المواطنين الروس.

مضيفاً على أن روسيا قامت بحملة إعلامية كبيرة للرد على إسقاط طائرتها من خلال تصريحات شديدة اللهجة من القيادة الروسية ابتداءً بالرئيس فلادمير بوتين ووزير الخارجية سيرجي لافروف مروراً بمجلس الشيوخ والسياسيين والإعلاميين والخبراء الروس.

مؤكداً أن روسيا لن تدخل في مجابهة عسكرية ضد تركيا، بسبب المشاكل الأزمة الإقتصادية التي تعاني منها، إضافة لوجود اتفاقيات اقتصادية ضخمة بين البلدين حيث يقدر حجم التبادل التجاري بحوالي 44 مليون دولار، على حد تقديره.

وتوقع المحلل السياسي أن يتم استيعاب الموقف المتأزم بين تركيا وروسيا عاجلاً أم آجلاً، من خلال تدخل حلف الشمالي الأطلسي “الناتو” لتهدئة الأوضاع وإعاداتها إلى وضعها الطبيعي بعدة فترة من الوقت.

وعن نشر روسيا منظومة صواريخ “أس 400” في اللاذقية قال: “لاأعتقد قيام روسيا بنشر المنظومة من أجل استعراض قوى فحسب” مضيفاً: “يجب أن نتوقع كل شيء فقد تتعرض هذه الصواريخ لأهداف تركية بحجة انها تشكل خطر على القوات الروسية في الساحل السوري”.

وأوضح الحمزة على أن روسيا تقصف المعارضة السورية والمدنيين بحجة إنها تحارب تنظيم داعش في سوريا، مبيناً أن روسيا أقدمت على التدخل العسكري في سوريا لدعم نظام الأسد، فهي الآن تقوم بعدوان وتحتل أجزاء من سوريا.

وأكد في ختام حديثه أنه في حال تواجد أي دولة خارجية تحارب نظام الأسد سابقاً، لما كانت روسيا قامت بالتدخل العسكري في سوريا.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد دافع عن حق بلاده في حماية حدودها بعد أن أسقطت مقاتلات تركية طائرة حربية قرب الحدود السورية، مؤكداً أن تركيا ستدعم المعارضة السورية المعتدلة ضد نظام الأسد.

وشدد على أن جبل التركمان منطقة مهمة جداً بالنسبة لتركيا وهي منطقة لا يوجد فيها أية منظمات إرهابية، مشيراً إلى أن تركيا وبالتعاون مع حلفائها ستنشئ قريبا “منطقة إنسانية آمنة” بين جرابلس السورية وشاطئ المتوسط.

من جانبه كان قد وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إسقاط تركيا مقاتلة روسية فوق سوريا بـ”طعنة في الظهر”، مؤكداً أنه سيكون لهذه الحادثة عواقب وخيمة على العلاقات مع تركيا.

يذكر أن مقاتلتين تركيتين من طراز”اف 16″  أسقطتا مقاتلة حربية روسية من طراز “سوخوي 24”  أول أمس الثلاثاء بعد تحذيرها عدة مرات لاختراقها الأجواء التركية بالقرب من الحدود السورية التركية في ريف اللاذقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى