الزعماء النائمون والشعوب الإرهابية ..!

فؤاد عزام

لم تمثل سوريا معارضة أو نظام في قمة البحر الميت , بل كان لافتا وضع علم النظام في المقعد السوري الخالي , وإلى جانبه عدة زجاجات من المياه , في مشهد أقرب ما يكون لتكملة عرض مسرحي , وكأن الزعماء ينتظرون شخصيات قد تأتي لشغل المقعد إلى جانب مقاعدهم أو لإتمام الصورة التذكارية الناقصة .

قد يعطي العرض الذي تواصل في بضعة فصول ميزة هي الأقرب للمضمون الدرامي بالنسبة للذين يشاهدونه وهم في منازلهم أو منتجعاتهم أو مكاتبهم , لكنه بالضرورة يتجلى على شكل تراجيديا أو مآساة بالنسبة لمن هم في الخيام وبين أنقاض منازلهم المهدمة أو في دول اللجوء .

ثمة إرهاق أصاب بعض الزعماء فغط في نوم عميق هو أقرب لحال الأمة , وثمة من تزحلق وسقط أرضا إلا أن هذه الحال لا يؤخذ عليها إلا عدم اتقان تجسيد شخصية دورها , لكن من جهة أخرى فقد تم التعويض عن تلك الإنزياحات بنجاح باهر من خلال كلمات عنترية موجهة للسوريين خصوصا بأنهم باتوا الآن مجرد لاجئين وهم عبء على الجوار العربي خصوصا وهو الذي يتحمل تكاليف إضافية لإيوائهم وإطعامهم .

الفوضى التي تسبب بها هؤلاء اللاجئين من خلال ثورتهم على النظام بحسب الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط ووزير خارجية حسني مبارك سابقا , أو خلق عدم الإستقرار وإعاقة التنمية بحسب أمير الكويت , من الممكن ببساطة أن تؤدي إلى اتهامهم بأنهم إرهابيون رجالا ونساء وأطفالا سيما وأن أولوية محاربة الإرهاب وهو المصطلح الناشئ منذ أحداث 11 أيلول في العام 2001 , والطارئ على ثورات الربيع العربي منذ اندلعت , احتل مكانة الصدراة في القمة .

من الصعب تصور خروج الزعماء العرب عن محاور استراتيجيات القوى العظمى , ولا تختلف الشعوب العربية التي انتفضت في إطار الربيع في مسار انتفاضتها عن تلك الإستراتيجيات فهي لم تقف ضد الإرهاب , فحسب بل وكانت أكثر من تضرر منه , بيد أن تحول قضيتها وخاصة القضية السورية بنظر الزعماء العرب إلى قضية انسانية فهي قمة الغدر والإنتهازية .

هل ثمة تخاذل أو غدر أو تآمر ؟ بنظر بعض أكثر المتشائمين من الزعماء نعم هو كل ذلك فهم فرضوا منذ بداية الثورة وصايتهم على الشعب السوري , وأغدقوا مساعدات له لم تكن بريئة وهي لم تكن إلا من أجل إفشال الثورة , أما لماذا ذلك فالأمر يفسره أكثر حضور ممثلي روسيا والولايات المتحدة والمبعوث الأممي في هذه القمة .

لم يتدافع الزعماء العرب من أجل اللحاق بقضية شعب , بل تساقطوا على أدراج قاعات قمة البحر الميت نتيجة تخمة مطابخ القمة , فحين دخلت قوات حزب الله إلى محيط قصر المهاجرين لحماية النظام من السقوط كان الرئيس اللبناني الحالي الساقط أخيرا على المنصة ينأى بنفسه عن ” الأزمة  السورية ” في حين غط الزعماء الآخرون في نوم كان عميقا حين دخلت ميليشيا إيران متعددة الجنسيات واستيقظوا على وقع التوحش الروسي لا خوفا على السوريين بل على مصالحهم التي من الممكن أن يتهددها تمدد إيران باتجاه دولهم .

لم يفعل هؤلاء الزعماء بمعظمهم شيئا عمليا لمساعدة الشعب السوري على اسقاط النظام الذي استدعى أقذر مافي المجتمع السوري لمواجهة أنبل مافيه , كما استدعى حثالة الميليشيات الأفغانية واللبنانية والعراقية لقتل حراكه المدني السلمي الهادف إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية .

ثورات الربيع العربي بشكل عام كان من الممكن أن تشكل نواة لمشروع عربي متكامل, بيد أن صمت الزعماء العرب إزاء قتل الثائرين على يد أنظمة , وعن دخول الغزاة واستباحتهم المناطق السكنية وحرمة العرب يجعلهم في ارتباط كامل مع المشاريع الدولية ولا يملكون أية رؤية .

من الصعب تصور أن يقبل السوريون بأن تكون قضيتهم هي مجرد قضية لاجئين فهم قدموا طاقات كبيرة نزفت سيما من شباب البلد الذين أدهشوا بإطلاق ثورتهم حتى القوى الغربية رغم امكاناتها الاستخبارية الضخمة ومراكز الدراسات ، والثورة لم تغير البلاد فحسب بل أصاب تأثيرها مختلف دول العالم بحيث لا توجد دولة واحدة إلا وتحدثت عن سوريا في الحد الأدنى أو انعكس مسار الثورة بشكل مباشر أو غير مباشر على أوضاعها , وإذا كان النوم والسقوط سمة بعض الأنظمة , والقتل والإرهاب والظلم سمة أنظمة أخرى , فبكل تأكيد لا يمكن أن يكون الإرهاب سمة تلصق بالشعوب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى