الحرب تدمر وتضيع تراث سوريا الإنساني وآمال بإعادة الترميم

فوق ترابها عبرت اقدم الحضارات الإنسانية على وجه الأرض، و من سواحلها بدأت الحروف الإنسانية بصياغة الكلمات، و في قلبها خبأت كنوزا لا تقدر بثمن لتراث بشري يمتد في القدم أكثر من سبعة ألاف عام، هي سوريا أرض الحضارات الإنسانية التي تتعرض اليوم بتراثها العريق لابشع انتهاك و مع بدء الثورة السورية  و تحرر عدد من المناطق بدأت بعض عصابات التهريب بأعمال البحث و استخراج الاثار و الاتجار بها عبر دول الجوار أيضا قام نظام الأسد بافراغ العديد من المتاحف من اثارها، و تم ذلك باعتراف مدير الاثار و المتاحف التابع للنظام مأمون عبد الكريم اذ صرح أن قوات الأسد أفرغت أكثر من 40 متحف من الاثار قبل الانسحاب من المدن و البلدات و لم يتم تحديد الجهة التي تم نقلها إليها.

كما قامت مديرية الاثار و المتاحف بالاعتراف بتضرر 750 موقع اثري دون ان تشير إلى الجهة المسؤولة و المتمثلة بقوات الأسد كونها الجهة المسؤولة بشكل مباشر عن اعمال العنف على الأرض السورية وكون هذه المواقع تدمرت بأسلحتها بشكل مباشر .

وكانت اليونيسكو قد صرحت في وقت سابق أن هنالك مواقع أثرية ومدن التاريخية ذات قيمة عظيمة في سوريا تعرضت للتدمير وذلك منذ بدء الثورة في آذار 2011 و في تقاريرها حذرت من تدمير مواقع أثرية تعتبر من التراث العالمي نتيجة ما يحدث في سوريا.

لم يكن النظام الجهة الوحيدة التي أضاعت إرث سوريا الحضاري فيتهم تنظيم داعش بالاتجار بالاثار السورية في المناطق التي سيطر عليها اذ تعتبر هذه التجارة أحد وسائل حصوله على الأموال، عدا عن تجار الحرب الذين وجدوا في الانفلات الأمني فرصة ذهبية لممارسة تجارتهم.

وفي هذا السياق أشار الدكتور “فاروق اسماعيل” المختص في اللغات والآثار القديمة وأستاذ سابق في جامعة حلب، إلى أن الحضار السورية تكتسب أهمية خاصة لأنها كانت مكان للتواصل بين شعوب المنطقة والتثاقف بين الناس، كما أن المجتمع السوري منفتح على محيطه، كذلك شهدت سوريا انتقال الكتابة من بلاد الرافدين إلى الأناضول، كما انتقلت الأبجدية من سواحل بلاد الشام إلى بحر إيجه وما بعده.

ولفت “اسماعيل” لراديو الكل، إلى أن منظمة اليونسكو ومنذ بدء الثورة قصرت في دورها كثيراً اتجاه ما يحصل من تدمير للآثار السورية، حيث كانت بين الحين والآخر تقوم فقط بإصدار بيانات إدانة والإبتعاد عن المواقع الآثرية المشهورة في سوريا، كما اعتبر “اسماعيل” أن اليونسكو على تواصل مع النظام حتى الآن وتعتمد على ما ينقل إليها عبره دون معرفة حقيقة ما جرى للآثار السورية في المناطق المختلفة.

 

 

 

 

ونوّه إلى خروج الكثير من القطع الآثرية السورية عبر لبنان والأردن وتركيا، كذلك توجد بعض القطع السورية في المتاحف التركية الحدودية التي تم ضبطها مع المهربين أثناء نلقها إلى تركيا ومن ثم إلى أماكن آخرى.

وأكد المختص في اللغات والآثار القديمة على إنه كان يتوجب على المعارضة السورية أن توجه سابقاً نداء عالمي لجميع دول العالم لمعرفة مصير القطع السورية المسروقة وتسجيلها وحفظها.

وبيّن في ختام حديثه على أهمية الترميم الذي يحتاج لمساعدات من قبل جهات خارجية تمتلك خبرات متقدمة في مجال ترميم الآثار، منوهاً إلى إمكانية المحافظة على بعض الآثار المدمر لتدلل على وحشية النظام، معتبراً أن تدمير الآثار هو تدمير للماضي والحاضر في آنٍ واحد.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى