جميعات تدّعي الإغاثة تتحول إلى دكاكين تتاجر بصور النازحين السوريين

نيفين الدالاتي_فؤاد بصبوص/خاص راديو الكل

يتصدّر العمل الإغاثي في سوريا أولوية إنسانية وأخلاقية، في ظل المعاناة التي يعيشها الأهالي وافتقادهم إلى الكثير من مقومات الحياة الأساسية، فكان حضور المنظمات والجميعات نتيجة طبيعية لما آلت إليه الأحوال من تدهور وسوء في مختلف المناحي.

إلا أن المتتبع لعمل هذه المنظمات على مدى الخمس سنوات الماضية؛ يلمس بشكل واضح الأخطاء التي وقعت فيها، وبأنها بدل أن تحافظ على خصوصيتها وأهدافها السامية؛ تحوّل بعض منها إلى دكاكين تتاجر بصور المستفيدين أثناء توزيع المساعدات لهم، على نحو أجمع الكثير بأنه مذل ومهين، ولم يجلب سوى العار لشعب اكتفى من كل أشكال الظلم والمأساة.

ورداً على من قد يقول بأن تصوير عمليات الإغاثة ضروري لجهة التوثيق وحثّ الناس على التبرع؛ أشار أحدهم إلى أن مكان هذه الصور ومثيلاتها هو المنظمات الداعمة، وليس فضاء الانترنت وصفحات التواصل، فيما يأسف آخر بأن غياب النزاهة والأخلاق فرض وجود مثل هذه الظواهر.

مراسل راديو الكل في حماة “أحمد المحمد” ومن خلال متابعته لعمليات توزيع المعونات؛ أكد بأن التصوير يكون للتغطية على ما يتم إخفاؤه من باقي المواد، وبأن الكميات التي توزع لا تتجاوز 20 بالمئة من حجم الإغاثة المقدمة، لافتاً إلى أن التوزيع لابد أن يكون بموجب جداول وبيانات وإيصالات دورية تقدم للجهات المانحة، وليس بالصور المؤدلجة والمذلة، فيما يرى الناشط “علاء الدين” بأن لا مانع من الصور شريطة أن تكون عفوية، ولا تظهر المستفيد بمظهر المتسول.

مدير المكتب الإعلامي في مؤسسة “أهل البلد” الخيرية “فياض أبو راس”، يرى بأنه يمكن تنظيم عملية التصوير في نطاق التوثيق دون المساس بكرامة المستفيدين، وذلك بناء على معايير وشروط عدة من بينها عدم إظهار الأشخاص بشكل غير لائق أو مهين، وتجنب إظهار النساء قدر الإمكان، لافتاً إلى أن الصور المسيئة التي يتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال عمليات التوزيع؛ سببها عدم وجود الخبرات الإعلامية الكافية في المنظمات الإغاثية العاملة في سوريا، فيما يرى مدير المكتب الإعلامي في الهيئة الإنسانية بجمعية”روافد”؛ “أبو عادل كفرزيتاوي”، ضرورة اعتماد معايير للعمل الإغاثي والتوثيق، تصحّح الأخطاء الموجودة، وتضبط عمليات التوزيع على نحو تُراعى فيه كرامة المستفيدين.

من جهته أوضح “محمد شكيب الخالد” رئيس المكتب السياسي للهيئة السياسية في إدلب؛ أن ظاهرة تصوير المنظمات الإغاثية للأشخاص المستفيدين من المعونات؛ تنتشر أكثر في الداخل السوري، وذلك بسبب غياب عدم وجود جهة رقابية تملك المحاسبة والمساءلة، لافتاً إلى أنه يمكن تنظيم ومتابعة العمل الإغاثي من خلال تعاون المجالس المحلية والفصائل المقاتلة على الأرض.

إذاً  قد تكون مسألة الصور المذلة أثناء توزيع المعونات بسيطة في نظر الكثيرين أمام آلة القتل اليومي، ولاتحتاج كل هذا النقد والشجب، وربما يرى آخرون بأن لا ضرورة لمقارعة مثل هذه التجاوزات الصغيرة، ولكن وبعيداً عن كل المبررات التي لا طائل منها؛ لابدّ أن يحافظ العمل الإغاثي والتطوعي على التزاماته الأخلاقية، وأن لا يحيد عن أهدافه الإنسانية السامية في مساعدة المنكوبين دون المتاجرة بصورهم وأزمتهم، وإلا فستكون الصورة ليست بألف كلمة كما كان يقول كونفوشيوس الحكيم الصيني؛ إنما بملايين الدولارات!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى