المعارك تحبط حلم إيران بمد خط غاز الى اوروبا عبر سوريا

راديو الكل

اكتسبت طهران نفوذًا اقتصاديًّا أوسع في سورية؛ وذلك بفضل العزلةِ الاقتصادية التي فُرضت على دمشق دوليًّا في السنواتِ القليلة الماضية

وقالت دراسةٌ صادرة عن مركزِ الجزيرة للدراسات أن مصالحَ إيران في سورية تبرزُ من خلالِ استحواذِها على عددٍ متزايد من العقارات

وعلى صعيدِ الطاقة، فإنه مع اشتدادِ الحرب في سورية وسيطرة داعش على المنطقة الشمالية السرقية، تراجعت فرصُ مدِّ أنبوبِ الغاز الطبيعي الإيراني إلى سورية وصولاً إلى أوروبا؛ ولكن من جهة أخرى، استمرَّ مشروعََ مدِّ خط الغاز إلى الأراضي العراقية؛ الذي كان مخططًا انتهاؤُه، وبدءَ تصديرْ إيران لغازِها من خلالِه، بين أيار وتموز من العام الجاري

وبينت الدراسة أنه في حالْ تقسيم سورية إلى دويلات، فإن إيران ستتمكنُ من تعزيزِ تمددِها الاقتصادي في الشريطِ الساحلي وربما الكيان الكردي بالشمال الشرقي.

وشكَّلت الثورة السورية نقطة تحولاً في العلاقات التجارية والاقتصادية بين طهران ودمشق؛ وذلك من حيث زيادة اعتماد الثانية على الأولى بصورة دراماتيكية، وبشكل فاقم من عجز الميزان التجاري بين الطرفين، ويمكن فهم حجم هذا التحول بالعودة إلى حجم التبادل التجاري في سنوات ما قبل الثورة؛ فتشير غرفة تجارة دمشق (تابعة للنظام السوري) مثلاً في تقرير قصير لها إلى مسألة ضعف العلاقات التجارية بين البلدين كالتالي:

“بلغت الصادرات السورية إلى إيران ما قيمته 706 ملايين ليرة سورية؛ أي ما نسبته 0.12% من إجمالي الصادرات السورية في عام 2010؛ وهي نسبة ضئيلة جدًّا بالمقارنة مع تطور العلاقات السورية الإيرانية، والاتفاقيات الموقعة بين البلدين”. وفيما يخص الواردات من إيران: “بلغت المستوردات السورية من إيران عام 2010 ما قيمته 14,018.3 مليار ليرة سوريا أي ما نسبته 1.73% من إجمالي المستوردات السورية”

وكانت الثورة السورية دافعًا جيوسياسيًّا قويًّا لطهران لكي تسير في طريق تعزيز علاقاتها التجارية والاقتصادية بدمشق؛ التي كانت جزءًا من مشروع إيراني يطمح إلى إنشاء كتلة اقتصادية إيرانية-شرق متوسطية (تضم إلى جانب إيران وسوريا كلاًّ من: العراق, الأردن, ولبنان) في عام 2010.

بعد اندلاع الثورة, في إبريل/نيسان عام 2012 عقد الجانبان الإيراني والسوري اتفاقية التجارة الحرة؛ التي نصَّت على خفض الحواجز الجمركية تدريجيًّا؛ وذلك بحيث لا تزيد عن حدود 4% مستقبلاً، وهو ما استُهدف من خلالها آنذاك رفع حجم التبادل التجاري إلى ملياري دولار في الأعوام التالية بحسب ما صرَّح به مسؤولون إيرانيون

في العام التالي, تلقَّت دمشق قرضًا من إيران بلغت قيمته مليار دولار أميركي في شهر يناير/كانون الثاني من عام 2013 بعد انخفاض إيرادات الحكومة السورية بشكل كبير وبنحو 50% مقارنة بعام 2010، وأدَّى النزاع المسلح والعقوبات الاقتصادية إلى تخفيض العوائد النفطية بنسبة 90%، فضلاً عن تراجع الإيرادات الضريبية من القطاع الخاص؛ انطلاقًا من ذلك، خصصت الحكومة السورية القرض الأول لاستيراد السلع الغذائية، ولدعم الاحتياطي النقدي الرسمي؛ الذي كان يتآكل منذ اندلاع الاحتجاجات بسبب تزايد الإنفاق العسكري.

وفي شهر أغسطس/آب 2013 تلقَّت دمشق من طهران قرضًا ثانيًا بلغت قيمته 3.6 مليارات دولار؛ وقد خصصه النظام السوري بشكل أساسي لاستيراد المشتقات النفطية، كما ساعد القرض الثاني في كبح حدة انخفاض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار لتجنب انهيار العملة المحلية

ويبدو في العام التالي -أي عام 2014- أن عملية تقليص الحواجز الجمركية (بالإضافة إلى إعفاء واردات القطاع العام من إيران من الرسوم الجمركية والضرائب منذ يناير/كانون الثاني 2014 إلى 2015) مع الدعم النقدي الذي تلقته دمشق، قد انعكس على حجم التبادل التجاري بينها وبين طهران؛ إذ تشير مؤسسة تنمية التجارة الإيرانية إلى صعود حجم التبادل التجاري بين البلدين من 430 مليون دولار في عام 2010 إلى 869 مليون دولار في عام 2014، ولكن وفقًا للملحق التجاري بالسفارة الإيرانية بدمشق علي کاظميني, وصل حجم التبادل التجاري إلى مليار دولار في العام الماضي.

وهناك ما يشير إلى احتمال استيراد سوريا من إيران آنذاك سلعًا تتجاوز قيمتها المليار دولار؛ إذ صرح معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري عبد السلام علي في العام الماضي ببلوغ قيمة واردات سوريا من إيران 422 مليار ليرة سوريا (2.6 مليار دولار)، مُشَكِّلة نسبة 34% من الحجم الكلي للواردات السورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى