اغتيال “زهران علوش” والهدن في ريف دمشق..تقويض لجهود المفاوضات أم بداية لمشروع التقسيم في سوريا؟


شهد ريف العاصمة السورية دمشق خلال اليومين الماضيين أحداث متسارعة على الصعيدين الميداني والعسكري، كان أبرزها اغتيال قائد جيش الإسلام “زهران علوش” في استهداف من الطيران الروسي، إضافةً لاغتيال قائد المجلس العسكري في بلدة قدسيا من قبل مجهولين، تزامن ذلك مع صفقة كان يعقدها النظام مع تنظيم داعش جنوب دمشق، لم تعرف بنودها التفصيلية سوى خروج التنظيم من العاصمة باتجاه مدينة الرقة.

وتشير المعطيات إلى نية الروس إعادة رسم الخارطة السورية بعجالة قبيل الدخول بمفاوضات بين النظام والمعارضة المزمع عقدها في بداية العام.

وبخصوص هذا الموضوع أجرى راديو الكل حوار خاص ضمن برنامج هذا المساء مع العقيد الركن أحمد حمادة الناطق الرسمي باسم مجلس القيادة العسكرية العليا، والاستاذ عبد الرحمن مطر مدير مركز الدراسات المتوسطية للأبحاث الاستراتيجية.

حيث قال حمادة التدخل الروسي في سوريا جاء لحماية مصالح موسكو الحيوية في الشرق الأوسط والإبقاء على نظام الأسد الذي تعتبره الضامن لتلك المصالح، منوهاً إلى محاولة الروس القضاء على الثورة السورية بكل أطيافها بحجة محاربة الإرهاب، لوضع المجتمع الدولي أمام خيارين لا ثالث لهما ، أما النظام أو تنظيم داعش، وحينها سينحاز العالم برمته لمحاربة التنظيم والإبقاء على النظام، حسب تعبيره.

وبالنسبة لاغتيال قائد جيش الإسلام زهران علوش، اعتبر عملية الإغتيال كمسمار أخير في نعش العملية السياسية في سوريا، مشيراً إلى مشاركة جيش الإسلام في مؤتمر الرياض الأخير الذي ضم أطياف المعارضة السورية وموافقته على البيان الختامي الذي أفرز هيئة عليا للدخول بمفاوضات مع النظام.

مؤكداً أن النظام يسعى للقضاء على جيش الإسلام وتفكيك جسمه القوي الذي يضم أكثر من 20 ألف مقاتل صامد منذ 5 سنوات، معتقداً أن جيش الإسلام لولا الدعم الإيراني والشيعي للنظام ومؤخراً التدخل الروسي لكان تمكن من تحرير دمشق، وفق تقديره.

وأضاف أن جيش الإسلام يعد من أقوى الفصائل في الساحة السورية حيث له امتداد في حلب وإدلب وحماه ودرعا والقلمون الشرقي إلى جانب الغوطة الشرقية.

وعن مدى وجود رابط بين الإتفاقية الحاصلة بين النظام وداعش في جنوب دمشق وعمليات الإغتيال، قال العقيد أن روسيا تتحكم بالمفاصل السياسية والعسكرية على الساحة السورية، وإن أذانبها الإيرانيين والنظام هما اللذان اتفقا مع داعش لخروج آمن لعناصر التنظيم إلى الرقة.

وتسائل حمادة في معرض حديثه حول كيفية الحديث عن عملية سياسية معترف عليها دولياً من قبل قرار مجلس الأمن في ظل غياب أمان وسلامة قيادة الفصائل؟.

مشيراً في السياق إن روسيا التي قامت بإغتيال “علوش” كانت قد وقعت على قرار مجلس الأمن 2254، مؤكداً أن روسيا ترغب بتثبيت نظام الأسد في الحكم ولا تريد عملية سلام في سوريا حيث تتبع سياسية الأرض المحروقة بارتكابها المجازر وقصف المستشفيات والأفران، موضحاً في الختام إلى أن المجتمع الدولي متواطئ وغير جاد بعملية سياسية في سوريا.

من جانبه قال الأستاذ عبد الرحمن مطر مدير مركز الدراسات المتوسطية للأبحاث الاستراتيجية، إن عمليات الإغتيالات لم تنفك تحدث بين الفينة والآخرى منذ بدء الثورة السورية بحق القادة العسكريين والسياسيين والناشطين، وأن اغتيال “علوش” يأتي في سياق التحضير لانعطاف جديد في الثورة السورية، وفق تقديره.

مؤكداً أن تصفية قائد جيش الإسلام ونائبه من قبل والقائد العسكري لقدسيا والعديد من القادة العسكريين، هذا يعني محاولة تفتيت القوى الأساسية على الأرض بحيث يسهل دفع القوى العسكرية التي تفقد قادتها للدخول بمفاوضات بالحد الأدنى من المكتسبات، فيما تكون المكتسبات الأساسية بيد الروس التي تسعى لحماية مصالحها وجزء منها استمرار نظام الأسد.

وأوضح مطر أن القوات الروسية والتحالف الدولي لم يستهدفا مقرات تنظيم داعش الفعّالة في سوريا، بالمقابل قصف الطيران الروسي مواقع الفصائل الثورية التي تحارب نظام الأسد.

وفي سؤالنا حول امكانية سير النظام والروس في مشروع لتقسيم سوريا، قال مطر لا أعتقد أن الطرفين يحبذان عملية التقسيم لإنهما يريدان سوريا بأكملها، وأن روسيا لا تقبل بمصالح ضيقة بالساحل السوري فقط، مشيراً إلى محاولة النظام لإنجاز هدن في محيط دمشق لتأمين العاصمة وما يجاورها بشكل أساسي، لأن تأمين العاصمة يمنح النظام قدر سياسي وأمني لتنفيذ تحركات عسكرية في المناطق الخارجة عن سيطرته، موضحاً على قيام روسيا بالتعاون مع النظام وإيران بعملية سياسية وأمنية وعسكرية لإخلاء المناطق واستعادة السيطرة عليها.

 

وبيّن في السياق سعي روسيا لإحتواء المفاوضات المُزمع عقدها بين المعارضة والنظام، لتضمن مشاركة انصارها وأنصار النظام بدرجة أسياسية لإجراء المفاوضات وفقاً لرغبتها لإبقاء نظام الأسد إلى أمد طويل وحماية مصالحها.

 

وختم مدير مركز الدراسات المتوسطية للأبحاث الاستراتيجية حديثه بالإشارة إلى أن روسيا تسعى لإزاحة كافة القادة والأشخاص الذين لهم تأثير فعّال في مجريات عملية التفاوض السياسي بشأن سوريا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى