التسول في شوارع سوريا و دول الجوار …. بين الحاجة و الإمتهان

التسول ظاهرة قديمة حديثة تتواجد في مختلف المجتمعات المتخلفة منها و المتقدمة , تختلف أسباب ظهورها فتارة يكون السبب عدم توافر فرص عمل و تارة أخرى عدم القدرة على العمل , و لكن يبقى السبب الأوضح هو سهولة الحصول على المال , فالمتسول ليس بحاجة أكثر أن يستقبل الصباح بوجه تعلوه أثار البؤس و الشقاء , وعيون مليئة بالدموع في كل وقت , وصوت اعتاد التذلل للأخرين .

قبل الثورة كان هناك انتشار لظاهرة التسول في عدد من المدن السورية لكنها ازدادت بشكل كبير مع بدء الثورة , وما رافقها من نزوح عدد كبير من المدنيين عن منازلهم بسبب ظروف الحرب التي شنها نظام الأسد ضد شعبه الثائر , ومع ما خلفته هذه الحرب من أرامل و أيتام و مصابين بعاهات مؤقتة و مستديمة , بالإضافة إلى ظروف التشرد وفقدان المدنيين لأرزاقهم و لأعمالهم , و غيرها من الكوارث الإنسانية التي أدت إلى اعتبار أن الأزمة الإنسانية السورية هي أسوأ أزمة يواجهها المجتمع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية . هذه الظروف أدت إلى انتشار ظاهرة التسول سواء في الداخل السوري او في دول الجوار التي هُجر إليها الكثير من السوريين , مما حدا بالمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس أن يقول : «بعد سنوات في المنفى، يستنفذ اللاجئون مدخراتهم ويلجأ عدد متزايد منهم إلى التسول وإلى الجنس من أجل البقاء، وإلى عمالة الأطفال. وتعيش العائلات من الطبقة الوسطى التي لديها أطفال بصعوبة في الشوارع، وقد قارن أحد الآباء حياته كلاجئ بالعالق في الرمال المتحركة – كلما تتحرك تغرق أكثر».

فلا تلبث أن تمشي بضع خطوات في شوارع ريف دمشق الشرقي حتى تباغتك صور الأطفال و كبار السن الذين يوقفون المارة لبيعهم قطع من الحلوى و ما شابهها في سبيل تسول بضعا من النقود الإضافية , فنتيجة للحصار الذي يعيشونه و الارتفاع الكبير للأسعار في ظل عدم توافر فرص العيش الكريم و في حالات كثيرة فقدان رب العائلة أو عدم تواجده في الحصار .

هذه الظاهرة أرخت بظلالها على لبنان فقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” أن أكثر من 1500 طفل يعيشون أو يعملون في شوارع لبنان، 3 أرباعهم تقريبا من السوريين، حيث يتعيش أغلب الأطفال من التسول أو البيع على أرصفة الطرقات. طبعا التسول لم يقتصر في لبنان على الأطفال و إنما تعداهم لكبار السن و للنساء أيضا .

فأينما كنت في لبنان ستطالعك صورا لأطفال يحملون باقات الورد الأحمر و أدوات تنظيف زجاج السيارات و غيرها من أدوات التسول يوقفون المارة و السيارات لكسب بضع ليرات .

أما إسطنبول التركية لم تكن ببعيدة عنهم , فلسنا بحاجة إلى أكثر من الذهاب إلى أي منطقة مكتظة بالناس حتى نرى شابا سوريا يضع جواز سفره أمامه في إشارة إلى جنسيته التي هي بحد ذاتها باتت بطاقة تعريف عن حاجته للمال .

التسول واحدة من الظواهر السيئة التي أفرزتها الحرب التي شنها النظام ضد الشعب السوري , و ما بين … من بات يعتبرها مهنة و بين من يضطر إليها , يبقى السؤال قائما ما الحل ؟؟؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى