فيينا3 .. مستقبل سوريا تقرره روسيا

انتهت في العاصمة النمساوية فيينا يوم أمس جولة جديدة من المحادثات للدول المعنية بالملف السوري لبحث مسألة الحل السياسي في سوريا، في مشهد مختلف هذه المرة عن كل الاجتماعات المؤتمرات السابقة، حيث تزامنت مع الحوادث الأمنية التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس أول أمس وراح ضحيتها المئات بين قتيل وجريح.

وقال البيان الختامي لإجتماع فيينا الذي نشر أمس السبت :”اتفق المشاركون في محادثات فيينا الهادفة لإنهاء الحرب في سوريا على عقد لقاء جديد خلال نحو شهر، لإجراء تقييم للتقدم بشأن التوصل لوقف لإطلاق النار وبدء عملية سياسية في البلد المضطرب”، وأضاف البيان إلى إن ممثلي الدول الـ17 إضافة إلى الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وجامعة الدول العربية اتفقوا خلال لقاء “فيينا” على جدول زمني محدد لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا خلال 6 أشهر وإجراء انتخابات خلال 18 شهراً.

وبخصوص هذا الموضوع أجرى راديو الكل حوارٍ خاص مع المعارض السوري بسام جعارة، الدكتور غزوان عدي المحلل السياسي والحقوقي.

حيث قال المعارض بسام جعارة إن ماجرى في مؤتمر فيينا بالأمس ليس له علاقة على الإطلاق بما حدث في مدينة باريس الفرنسية، لأن القرارات كانت متخذة في 30 الشهر الماضي وتم الإعلان عنها رسمياً، وأن ما حدث في المؤتمر الحالي الدخول في تفاصيل القرارات وتحديد موعد لبدء الحوار مع النظام وتحديد موعد انتخابات وتشكيل حكومة وحدة وطنية مع “قاتل مجرم”، على حد وصفه.

مضيفاً على أن الإتفاق الحالي (الروسي، الأمريكي، الغربي) يريد بقاء بشار الأسد وقتل الشعب السوري، وأن تكليف المبعوث الأممي إلى سوريا ستفيان دي مستورا بتشكيل وفد معارضة يدلل على الإستغناء عن الإئتلاف كجهة معترف عليها عالمياً من قبل أكثر من 100 دولة ن أصدقاء الشعب السوري، منوهاً على أن الوفد الذي سيشكله دي مستورا سيكون معظمه من الشبيحة وفقاً لما تم تسريبه من أسماء، بمعنى آخر أن الشبيحة هم سيحاورون الأسد وليس الشعب السوري، وفقاً لجعارة.

وأشار إلى أن كل من يرفض هذا الإتفاق الذي يبقي الأسد وقرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار سوف يقصف ليس من روسيا فقط إنما قصف روسي واميريكي وأوربي وربما عربي، منوهاً على أن تكليف الأردن لكي تقوم بوضع الفصائل الإرهابية لتتضاف إلى جبهة النصرة وتنظيم داعش كتنظيمات إرهابية جاء بعد خلاف بين الدول المشاركة بفيينا، مبيناً على وجود غرفة روسية لمكافحة الإرهاب في الأردن، وبالتالي روسيا هي التي ستحدد من هو الإرهابي ومن هو غير الإرهابي –حسب جعارة- وأن دي مستورا هو الذي سوف يحدد المعارض، مشيراُ إلى المعرفة بترشيح قدري جميل ومجموعة من المرتزقة الذين سوف يمثلون الشعب السوري، متوقعاً أن تكون المعركة طويلة وسوف تكون الفاتورة كبيرة من دماء أبناء الشعب السوري.

وأكد المعارض السوري في معرض كلامه على أن الموقف الأمريكي لم يتغير حيث قال: “الموقف الأمريكي لم يتغير وهم يكذبون طيلة الفترة السابقة ولولا الموقف الأمريكي المتواطئ مع الأسد وإيران وروسيا لما جرى ما جرى اليوم وأن أميركا هي عدو للشعب السوري منذ بداية الثورة”، موضحاً على أنه كان يتوجب على الأشقاء العرب “دون اتهامهم” الخروج من الإجتماع لكي لايكونوا شهود زور على هذه الخيانة المرتكبة بحق الشعب السوري في فيينا.

وأوضح جعارة على استبدال هيئة الحكم الإنتقالي بحكومة وحدة وطنية، حيث أن مفهوم هيئة الحكم يتمتع بصلاحيات سياسية واقتصادية وتنفيذية وتشريعية كاملة، ولكن عند الإستعاضة بحكومة وحدة وطنية فهذا يعني حكومة للأسد تأخذ فيها المعارضة عدد من المقاعد، مؤكداً على أن الشعب السوري لم يقاتل الأسد من أجل الحصول على مقعد وزاري لأن من يريد أن يقرر المصير خرج إلى الشوارع وقدم نصف مليون شهيد، وأن الشعب السوري لن يتوقف عن ثورته حتى إسقاط الأسد.

وفي سؤالنا حول الكيفية التي ستتعامل بها الدول مع الملف السوري قال: “رأس المشكلة هو النظام والإحتلال الروسي والإحتلال الإيراني، وأن تركيا وقطر والسعودية الذين تحفظوا على وقف اطلاق النار سيلتزمون رغماً عنهم عندما يتخذ مجلس الأمن هذا القرار وإلا سوف يعتبرون معارضون للشرعية الدولية”.

 

وختم حديثه مؤكداً على أن الأخطر من الأسد هو الجيش الطائفي والأجهزة الأمنية التي تقوم منذ 50 سنة بقتل الشعب السوري، ولولا وجودهم لما تمكن الأسد من القتل، وفي ظل هؤلاء سوف يتم تشكيل الحكومة الإنتقالية المعلن عنها في مؤتمر فيينا.

 

من جهته كان للدكتور غزوان عدي المحلل السياسي والحقوقي رأي مخالف حول علاقة اجتماع فيينا بأحداث باريس حيث قال: “ما يظهر للعيان أن تفجيرات باريس حدثت من أجل إجبار الدول الأوربية في الإجتماع على الرضوخ للمطالب الروسية ببقاء النظام واعتبار كل الفصائل المعارضة للنظام هي فصائل إرهابية”، موضحاً على محاولة “النظام” استثمار ما جرى بقوله: أنتم تتعرضون ما أتعرض له”.

وأضاف عدي في السياق على أن ما جرى في فرنسا مغاير لما يجري في سوريا، ففي سوريا هناك ثورة وأن من حدث في باريس قيام مجموعة من المرتزقة تم تجنديهم من تنظيم داعش أو بشكل مباشر عن طريق النظام وحلفاءه، للقيام بقتل البشر من أجل تخويف المجتمع الغربي بأنهم إذا لم يعيدوا العلاقة مع النظام ويقطعون علاقتهم مع الشعب السوري فسيكون عقابهم القتل، وتابع الدكتور قائلاً: “أن مفتي النظام أحمد حسون صرح في وقتٍ سابق بالقدرة على تشغيل الخلايا النائمة وأن تجري أنهار من الدم في الغرب”.

وأكد في مستهل حديثه على أن ما جرى في فيينا محاولة لإستهلاك الوقت من الروس وإجبار الآخرين على الرضوخ على الحل الذي يتصورونه، وأضاف قائلاً: “هم سيختارون بقاء الأسد ويختارون من المعارضة التي ستقبل بشروطهم ويحددون لها مايجب أن تفعل وهي عبارة عن تمثيلية أقرب للكوميديا”، منوهاً إلى إنه إذا لم يتعرف الروس والمجتمع الدولي على إن مايجري في سوريا هو ثورة شعب ضد عائلة تحكم سورية منذ قرابة 45 سنة، لن يستيطعوا أن يجدوا أي حل للشعب السوري وللإرهاب الذي يقوم بإنتاجه نظام الأسد.

وفي سؤالنا حول إيجابيات وسلبيات الحكم الإنتقالي لمدة 18 شهر ومن ثم انتخابات مبكرة، أشار إلى أن النقاط الإيجابية تقول بإستحالة استمرار الوضع القائم في سوريا، واستحالة استمرار شكل الحكم في سوريا وإلا لم يكن هناك حاجة لمرحلة حكم انتقالي، في حين تكمن السلبيات –وفقاً لعدي- بأنهم ما يزالو يحلمون بأنهم يستطيعون فرض اليوم ما عجزوا عن تحقيقه في 56 شهر منذ انطلاق الثورة السورية وسيكتشفون سريعاً على عدم قدرتهم، وعلى روسيا وقف قتل الأطفال في دوما وداريا بحجة قتال الإرهاب، مؤكداً على أن الثورة السورية ستنتصر مثل بقية الثوارت ي العالم وأن طريقها سوف يبقى معبد بالدماء والشهداء.

وأشار الدكتور إلى توجب إمداد الثوار بوسائل الدفاع وبمضادات الطيران لمواجهة الغزو الإيراني الروسي، من قبل الدول الداعمة للثورة كتركيا وقطر والسعودية، موضحاً على أن النظام نجح جزئياً في طرح قضية الإرهاب على الدول الغربية وعلى دول العالم كخطر حقيقي وأكبر مثال على ذلك عملية باريس من خلال القتل العشوائي.

وبيّن الدكتور في ختام حديثه على أن داعش هي عبارة عن تركيبة من مجموعة إرهابية مدعومة من نظام الأسد والنظام العراقي ومن إيران، وذكر عدي على تسليم 10 آلف سيارة نوع “تويوتا” كانت باسم رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي لعناصر داعش، وإعتراف وزير العمل العراقي أيضاً بتهريب 1200 من سجن أبو غريب نحو سوريا.

وكان وزير خارجية السعودية عادل الجبير قد صرح بالأمس على هامش محادثات فيينا إن بلاده ستدعم عملية سياسية تفضي إلى رحيل الأسد أو ستواصل دعم المعارضة لإبعاده بالقوة، مضيفاً على أن الأسد لن يكون له مستقبل في سوريا لأنه “مجرم حرب” وإن إذا تبين عدم جدية النظام وحلفائه في العمل من أجل رحيله فالخيار العسكري قائم ودعم المعارضة السورية سيتواصل.

فيما قال وزير الخارجية الأميريكي جون كيري في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف والمبعوث الأممي إلى سوريا دي مستورا، إن الإختلاف مازال قائماً على مصير الأسد، مشيراً إلى إنه أبلغ من قبل الشركاء بأن الأسد مستعد لإرسال وفد والمشاركة في مفاوضات حقيقية.

بدوره جدد لافروف التاكيد على أنه “يعتقد أن مستقبل الأسد ينبغي أن يتم تحديده من جانب الشعب السوري”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى