خسائر سوريا نحو 900 مليار دولار… وإعادة الإعمار تحتاج إلى 30 سنة!

نيفين الدالاتي/خاص راديو الكل

رغم استمرار الحرب والخسائر في سوريا يوماً بعد يوم؛ يكثر الحديث عن ملف إعادة إعمار البلاد، التي تحولت إلى ساحة صراع إقليمي ودولي مفتوح، تتحارب فيها عدة قوى عالمية بمختلف أنواع الأسلحة والذخائر.

عمليات عسكرية مستمرة ينفذها نظام الأسد منذ عام 2011 في المناطق الخارجة عن سيطرته، مدعوماً من قبل أطراف عدة في مقدمتها روسيا وإيران والصين، على المقلب الآخر؛ ترد فصائل المعارضة بهجمات متعددة، بالإضافة إلى تلك التي تقوم بها التنظيمات والميليشيات المتعددة الأخرى، مثل تنظيم داعش والوحدات الكردية.

كل ذلك تسبّب على مدار الست السنوات السابقة بانهيار البنية التحتية، من ماء وكهرباء واتصالات، وتدهور واقع الخدمات والمرافق العامة، وتدمير المنازل والمؤسسات وتقطع الطرق، فاضطر الملايين لهجر مناطقهم هرباً من جحيم القتل والقصف الذي يلاحقهم حتى الآن دون توقف، وهو ما يجعل ربما الحديث عن إعادة البناء يبدو سابقاً لأوانه، وخاصة مع استماتة الأهالي لتأمين احتياجاتهم الأساسية واليومية، وذلك حسب استطلاع للرأي أجراه راديو الكل، اتفقت فيه معظم الآراء أن لا مشروعية لطرح مشاريع إعادة الإعمار قبل الخلاص من النظام.

البنك الدولي قدّر تكلفة إعادة بناء سوريا بنحو 200 مليار دولار، والأمين العام لجامعة الدول العربية “أحمد أبو الغيط”؛ نقل عن ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي “فيديركا موغريني” قولها قبل أيام، إن مشروع إعادة الإعمار يحتاج إلى 900 مليار دولار، وسبق لها أن أعلنت مطلع شهر آذار/مارس الجاري، عن عقد اجتماع في الخامس من نيسان/إبريل القادم، لتقويم الوضع بما يخص إعادة الإعمار في سوريا.

في الحقيقة الكلام عن هذه المشاريع ليس وليد اليوم، إذ بدأ الحديث عنها في الأمم المتحدة أواخر عام 2012، من خلال خطة لمستقبل سوريا قدمت إلى حكومة نظام الأسد، وبعدها مشروع رسمي آخر سمي “خطة مارشال السورية”، تمحورت حول تكرار تجربة إعمار القارة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية بقروض أميركية؛ إنما بتمويل من قبل حلفاء الأسد، روسيا وإيران والصين حسب توقعات مراقبين.

تلا ذلك مشروع “مجموعة دبي” بإشراف مجموعة من الاقتصاديين السوريين والمغتربين خارج البلاد، وآخر ارتبط باجتماع في كوريا الجنوبية عام 2014، وكان أحدث مشاريع دعم الإعمار؛ الخطة التي كشف عنها الاتحاد الأوروبي منتصف شهر آذار/مارس الجاري، والتي وصفها بأنها تهدف إلى تشجيع الأطراف المتحاربة على التوصل إلى اتفاق سلام.

كل المشاريع السابقة تعاقبت عبر مراحل زمنية متختلفة؛ في ظل عدم وجود أرقام دقيقة عن كلفة إعادة الإعمار، بسبب صعوبة حصر الأضرار كون الدمار ما زال مستمراً، فضلاً عن عدم وجود أي تصور عن حجم الخسائر في بعض المناطق التي لا يمكن الوصول إليها كما في مناطق سيطرة داعش مثلاً.

من جهته أشار الأكاديمي السوري الدكتور “عماد الدين المصبح”، إلى عدم وجود أي معطيات كافية لترجيح أي من التقديرات الواردة بخصوص إعادة الإعمار، مبرراً التضارب الحاصل بين الأرقام الصادرة عن المنظمات الدولية والإقليمية المختلفة؛ إلى إطلاق كل منها رقماً يتناسب مع مصالحها واستراتيجياتها المستقبلية.

واعتبر “المصبح” في حديثه مع راديو الكل؛ أن جميع الأطراف الدولية تتعمد التهويل في حجم الأضرار الحاصلة في سوريا أو “الكعكة” كما وصفها، والتي يستميت الجميع لتقاسمها، لافتاً إلى أن إعادة الإعمار لن تنتهي قبل 30 سنة، استناداً إلى المفاهيم الاقتصادية الراهنة.

ورداً على سؤال بخصوص غياب دور المعارضة عن ملف إعادة الإعمار؛ وعدم طرحها أي خطة أو رؤية في هذا الصدد، أسف “المصبح” بأن الحكومة المؤقتة لديها ما يشغلها أكثر من مسألة إعادة الإعمار، وهي التي تعجز عن الوفاء بمتطلبات الملفات الأكثر إلحاحاً.

وشدّد “المصبح” في ختام حديثه مع راديو الكل؛ على أن مسألة إعادة الإعمار تتطلب عملية مسح شامل لحجم الأضرار، وليس بناء على عينات أو توقعات أو منهجيات قياسية، وبأن عملية توثيق الأضرار تبدأ من قبل الشخص نفسه الذي تعرض منزله للقصف، ومن ثم يأتي دور المجلس المحلية في حصر الدمار الحاصل في البنية التحتية ضمن المناطق العاملة فيها.

إذاً تنفتح شهية جميع الأطراف لدى الحديث عن ملف إعمار سوريا رغم أنها لم تخرج بعد من فم الحرب، إلا أن براغماتية مكونات الصراع تجعلها تستميت لكي يكون لها مكان على مائدة الإعمار الدسمة، حيث سيكون التنافس محتدماً بين شركات محلية وعربية ودولية على استقطاب المشاريع والسيطرة على أرباحها، ولكن بعيداً عن حسابات عالم الاقتصاد؛ أين نحن السوريون من عملية إعادة بناء سوريا التي نحلم بها.. سؤال برسم كل مواطن سوري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى