إخلاء حي الوعر: خطوة أخرى نحو رسم خريطة ديموغرافية جديدة لسوريا

نيفين الدالاتي/خاص راديو الكل

استكمالاً لمخططه في تهجير السكان الأصليين للمدن والقرى التي يحاصرها ويقصفها؛ يواصل نظام الأسد تهجير الأهالي من حي الوعر المحاصر بمدينة حمص، بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه، بين وفد الحي المفاوض وقوات النظام، برعاية روسية، يوم الثاني عشر من شهر آذار/مارس الجاري.

يقضي الاتفاق بإجلاء كافة الراغبين بالخروج من الحي، الذين يقدر عددهم بنحو 1500 شخص بين مدنيين ومقاتلين؛ إلى إدلب ومدينة جرابلس ومناطق ريف حمص الشمالي، بحسب “أسامة أبو زيد” مدير مركز حمص الإعلامي، والذي أشار في حديثه مع راديو الكل، إلى أن عملية التسجيل لا تزال مفتوحة لمن يرغب.

قطار التهجير الذي وصل حي الوعر؛ كان أول ما انطلق من مدينة حمص القديمة، التي شهدت يوم السابع من أيار/عام 2014 تنفيذ الاتفاق الذي أفضى إلى إخراج سكانها ومقاتليها إلى ريف حمص الشمالي، وذلك بعد أكثر من عامين على حصار أحيائها.

حملات إفراغ مشابهة شهدها الريف الدمشقي، من بينها مدينة داريا التي حوصرت على مدى أربعة أعوام، حيث أفضت المفاوضات فيها إلى تهجير أكثر من  8000 أواخر شهر آب الماضي، وكذلك مدن معضمية الشام والهامة وقدسيا والتل، ومخيم خان الشيح وبلدة زاكية التي تم إفراغها على فترات زمنية متعاقبة نهاية العام المنصرم 2016، ثم كانت مدينة حلب وتحديداً الأحياء الشرقية منها، التي شهدت اتفاقاً مماثلاً أخرج بموجبه 34 ألف شخص بين مدني ومقاتل، حسب إحصائيات منظمة الصليب الأحمر الدولي.

مدينة الزبداني التي سبق وأن أشرفت الأمم المتحدة قبل نحو عام، على إخراج عدد من أهاليها إلى لبنان وإدلب تنفيذاً لما عرف باتفاقية المناطق الأربع؛ يبدو أن الباصات الخضراء في طريقها لإجلاء ما تبقى فيها من مدنيين ومقاتلين إضافة لجارتها مضايا، مع التسريبات التي تتحدث عن التوصل إلى اتفاق يقضي بإخلاء كامل لعوائل الزبداني ومضايا والمناطق المحيطة باتجاه الشمال، مقابل بلدتي إخلاء كفريا والفوعة ضمن فترة زمنية قدرت بنحو 60 يوماً، حسب ما أعلن “محمد زيتون”، قائد كتائب حمزة بن عبد المطلب التابعة لأحرار الشام، والمعني بملف التفاوض في الزبداني ومضايا.

وفي موازاة التهجير الذي يتم فيه إفراغ المدن، بموجب اتفاقات وتسويات وبرعاية دولية وإقليمية؛ يعمل النظام وحلفاؤه على ترحيل السكان من مناطق سكناهم بشكل غير مباشر، عن طريق دفعهم إلى الهجرة باستخدام وسائل العنف والضغط والترهيب، حسب ما قال رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار الأستاذ “غزوان قرنفل”، والذي أشار في حديثه مع رايو الكل؛ إلى أن النظام يعمل على رسم خريطة ديموغرافية جديدة لسوريا، عبر أدوات قانونية عدة، من بينها إسقاط الجنسية السورية عن أي شخص يحصل على جنسية بلد يعتبر معارض لنظام الأسد، ومنح الجنسية لمن يقدم خدمات للحكومة السورية كما المرتزقة الأجنبية، إلى جانب المشاريع التي يتم تنفيذها تحت مسمى “تجميل المدن”، مثل مشروع حي بابا عمرو في حمص، ومشروع بساتين المزة قرب السفارة الإيرانية في العاصمة دمشق، والتي بعد انتهائها لن يتم توطين أي مواطن سوري فيها قبل التأكد من انتمائه الديني بحسب “قرنفل”.

جدير بالذكر، أن القانون الدولي الإنساني يعرف التهجير القسري بأنه “الإخلاء القسري  وغير القانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها”، وهو ممارسة مرتبطة بالتطهير وإجراء تقوم به الحكومات أو المجموعات المتعصبة تجاه مجموعة عرقية أو دينية معينة، وأحياناً ضد مجموعات عديدة بهدف إخلاء أراض معينة لنخبة بديلة أو فئة معينة، وتعتبر المواد (2)، (7)، (8) من نظام روما الأساسي، التهجير القسري جريمة حرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى