وسائل إعلام تحذر من خطورة ضياع انجازات درع الفرات ما لم تترافق مع تنمية اقتصادية واجتماعية

عواصم – راديو الكل

استحوذت الأنباء التي تحدثت عن إنتهاء عملية درع الفرات التي كانت بدأت في آب الماضي على اهتمامات وسائل الإعلام التي تناولتها من حيث التوقيت والإنجازات التي حققتها وأيضا لجهة انعكاساتها على الواقع السوري في ضوء المفاوضات الجارية الآن سواء في جنيف أو أستانة . فيما نبهت وسائل إعلام تركية خصوصا إلى أن الإنجاز العسكري الذي تحقق من خلال درع الفرات  يبقى مهدداً ما لم تواكبه وبسرعة إنجازات خدمية تعليمية اجتماعية وأمنية .

صحيفة الشرق الأوسط اللندنية وفي مقال لها اليوم ربطت بين إعلان مجلس الأمن القومي التركي انتهاء عملية درع الفرات وبين الزيارة التي يقوم بها حاليا وزير الخارجية الأميركي إلى تركيا , ونقلت بهذا الصدد عن مدير مركز الشرق للبحوث في دبي، الدكتور سمير التقي قوله إن أساس الخطوة التركية هو عدم الانسجام بين رؤية الولايات المتحدة الأميركية ورؤية تركيا لقضية الحرب على الإرهاب .

ولفت إلى إن تركيا «نفضت يديها من نتائج الرؤية الأميركية، وترى أنه في حال استمر الأميركيون بخطوتهم، فعليهم أن يختاروا بين الاعتماد على الأتراك أو الأكراد في حربهم على الإرهاب موضحا إن الأتراك بهذه الخطوة «حموا أنفسهم من الاحتكاك بالروس والأميركيين، بعدما حققوا ما يريدون في إشارة إلى طرد «داعش»، وتمكين القوات الحليفة لهم من السيطرة على مناطق حدودية مع تركيا في شمال حلب، تمنع وصل المقاطعات الكردية السورية ببعضها بين كوباني وعفرين.

من جانبها صحيفة القدس العرب وتحت عنوان إنهاء الحملة التركية «درع الفرات» في سوريا الأسباب والخيارات المستقبلية قالت إن تركيا من خلال إنهاء درع الفرات تتجه بذلك لوضع ثقلها في عملية تحرير الرقة ابتداءً من تل ابيض تحت مسمى جديد لغرفة عمليات عسكرية جديدة وهذا نجاح للدور التركي على عكس ما يشاع إعلامياً ولا يخفى على أحد أن هناك صراعاً تخوضه تركيا تتزايد أخطاره على أمنها القومي يوماً بعد يوم خاصة وأن هناك مرحلة جديدة من التنسيق بين الروس والأمريكان في هذه المنطقة بالتحديد ولكل طرف منهما حساباته».

ونقلت عن الناطق الرسمي باسم المجلس الأعلى للعشائر والقبائل العربية مضر حماد الأسعد قوله إنه «عندما عقد الاجتماع الأول لتشكيل درع الفرات تم تحديد المناطق المراد تحريرها واتفق على الباب وجرابلس والراعي وما حولها لطرد تنظيم «الدولة» والاتحاد الديمقراطي byd منها، وحالياً استكملت تحرير هذه المناطق وبالتالي بعد نجاح العملية فمن الطبيعي إيقافها، وهذا الأمر يعرفه الذين ساهموا في تشكيل قوات درع الفرات .

وأكد   إنه يجري حالياً تدريبات عسكرية لأبناء محافظات الرقة ودير الزور والحسكة بدعم تركي وبالتنسيق مع التحالف الدولي في أحد المراكز بهدف دخولهم إلى سوريا وتحرير مناطقهم على غرار عملية درع الفرات».

وكالة أنباء الأناضول حذرت من تضرر المكاسب العسكرية التي حققتها درع الفرات مال يتم تدعيم المناطق التي تم تحريرها خلال تلك العملية بأنشطة إقتصادية وتعليمية وقالت في تقرير لها إن هناك احتمال فقدان المكاسب العسكرية التي حققتها القوات المشاركة في درع الفرات على المديين المتوسط والبعيد، في حال لم يتم دعم هذه العملية بحملات سياسية واقتصادية وثقافية وتعليمية.

وقالت إنّ توسيع الرقعة الجغرافية التي تسيطر عليها القوات المشاركة في عملية درع الفرات، حالت مبدئياً دون تحقيق مشروع حزام منظمة “بي كا كا” في الشمال السوري، غير أنّ هناك احتمال تجدد فكرة إقامة هذا الحزام في حال تأخر المشاريع التعليمية والتنموية وإقامة الأنظمة القضائية التي تبعث شعور الأمن لقاطني تلك المناطق.

وقالت إن مدينة جرابلس التي تم تطهيرها من عناصر داعش ، باتت مكانا آمنا للذين يبحثون عن مأوى يقيهم من آلة القتل والدمار. ومع تزايد أعداد الوافدين إليها، فإنّ مشكلة الإسكان ستظهر في هذه المدينة دون أدنى شك، وعلى القائمين على إدارة هذه المدينة إيجاد حلول عاجلة لهذه المشكلة، لا سيما أنّ المئات من السوريين يسكنون في مخيمات غير صالحة للعيش نُصبت على أطراف جرابلس.

وبالنسبة لمدينة الباب التي تعد من أكبر المدن سكاناً، فقد واجهت قوات درع الفرات العديد من المصاعب أثناء تحريرها من داعش، فالقوات التركية المشاركة في العملية، قدمت أكبر عدد من شهداءها في هذه المدينة.

وتشرف قوات الجيش السوي الحر المدعومة تركياً، على أمن المدينة وتعود الحياة إلى طبيعتها بسرعة كبيرة، من خلال رفع حطاب المنازل وإعادة بناء ما هُدّم أثناء عملية تحرير المدينة من داعش.

وحول بلدة مارع فإن أكبر المشاكل التي تعانيها البلدة، هي وجود الكثير من مخيمات اللجوء على أطرافها ما يتطلب العمل على إيجاد حلول لهذه المشكلة , أما بالنسبة للجانب التعليمي فقد قامت هيئة الإغاثة التركية بتأسيس جامعة دمشق الدولية في بلدة مارع، وتحتوي الجامعة على 4 كليات و3 قيد الإنشاء، تهدف من خلالها إلى تخريج جيل جديد يساهم في بناء سوريا الجديد , لكن من الضروري دعم هكذا مؤسسات تعليمية

ترك برس من جهتها نقلت عن عن  “قنستانتين كوساشيف” رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي المجلس الأعلى للبرلمان في روسيا، بأنّ عملية درع الفرات منذ بدايتها لم تكن مشروعة مشيرا بحسب الوكالة إلى إن روسيا لم تتعاون مع الجانب التركي في عملية درع الفرات التي بدأتها في سوريا، وذلك لعدم تنسيق تركيا العملية مع النظام السوري

وشدد كوساشيف على ضرورة استمرار التعاون المشترك بين روسيا وتركيا إلى حين القضاء بشكل كامل على المجموعات الإرهابية في سوريا”.

وكالة سبوتنيك الروسية نقلت عن خيري كيرباج أوغلو، المحلل السياسي التركي، قوله إن قرار انتهاء درع الفرات يتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي، وأوضح كيرباج لبرنامج “ملفات ساخنة” على أثير إذاعة “سبوتنيك”، أن تركيا تخلت عن كثير من جهات المعارضة في سوريا، وهذا واضح في مباحثات التسوية في جنيف، لكنها تبقى أيضا في انتظار الموقف الأمريكي من سوريا حتى تكون أكثر قربا منه، مُعتقدا أن الدور التركي سيقتصر على دور الوسيط في المرحلة القادمة وتخفف من العمليات العسكرية.

ونقلت أيضا عن المحلل السياسي الروسي أندريه أنتيكوف، قوله إن قرارا وقف عملية درع الفرات كان متوقعا، بسبب صعوبة التقدم التركي عسكريا في هذه المناطق بتواجد روسي أمريكي، والتوافق على المناطق التي تسيطر عليها القوتين، في اجتماع رؤساء الأركان في وقت سابق، والذي لا يجعل للأتراك مكانا في سوريا، رغم الخلاف حول موضوع الأكراد، الذين لم تسمح لهم أمريكا القيام بعمليات عسكرية في تركيا، متوقعا أن هناك اتفاق روسي أمريكي تركي على مستقبل الأكراد

شبكة بلدي نيوز تحدثت عن أن تركيا أوقفت درع الفرات ولكنها لم توقف عملياتها في سوريا، ويمكن القول أن الأمر قد يتشابه مع العملية في اليمن (عاصفة الحزم) والتي تحولت إلى (إعادة الأمل)، حيث تغيير الاسم والتكتيكات لكن الهدف ما يزال نفسه، وقد يكون هذا هو الوضع بالنسبة لدرع الفرات، فتركيا لم تسحب قواتها بل بالعكس تدعمها في الشمال، ما يجعلها مؤهلة للدخول في عمليات أخرى لاحقاً.(

ونقلت عن المحلل العسكري السوري راني جابر إن تركيا تتعرض لضغط دولي هائل، من طرف (حلفائها) قبل أعدائها، فروسيا وأمريكا تتسابقان في دعم الأكراد، وإيران تحفر الحفر لتركيا، وأوروبا تؤجج العداء القديم مع تركيا بكل ما تعنيه، والوضع الداخلي التركي (على المستوى السياسي) لا يسمح بالكثير من المجازفات، ما يعني أن انتقال تركيا في هذه المرحلة من العمل المباشر إلى أسلوب دعم الفصائل على الأرض في سوريا هو الأكثر فاعلية، خصوصاً أنه ذو نتائج أكثر ومتطلبات وتكاليف أقل (على عدة مستويات)”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى