فظائع الهجوم الكيماوي على مدينة خان شيخون يتصدّر عناوين الصحافة العالمية والعربية

نيفين الدالاتي – راديو الكل

أفردت معظم الصحف العالمية والعربية الصادرة خلال الأيام القليلة الماضية؛ مساحات واسعة من صفحاتها الأولى للحديث عن الهجوم الكيماوي، الذي تعرّضت له مدينة خان شيخون في ريف إدلب يوم الثلاثاء الماضي، أو “الثلاثاء الأصفر” كما بات يعرف، وركّز معظمها على إدانة الهجوم وتحميل نظام الأسد وروسيا مسؤولية الحادث.

صحيفة “التايمز” البريطانية، وتحت عنوان “سوريا تختنق” قالت؛ إن الحرب البربرية التي يشنّها نظام الأسد ضد أبناء شعبه، تؤكد فكرة أن لا مكان له في مستقبل سوريا، واصفة إياه بأنه “مجرم حرب” ويجب أن يوضع في السجن، وأشارت إلى أن الهجوم “المرعب” على مدينة خان شيخون بحسب تعبيرها؛ يضع تحدياً أمام الأمم المتحدة في كيفية التعامل مع الحرب الدائرة في سوريا، وتتفق معها في الرأي صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية؛ التي قالت إن الهجوم ينم على “نذالة” الأسد ومن يدعمونه، وبأنه دليل جديد يضاف إلى سجله الوحشي الحافل بالإجرام، محذّرة بأن مجزرة خان شيخون يمكن أن تنسف وقف إطلاق النار ولو أنه لا يزال اسمياً على حد قولها، وتهدد كذلك بنسف محادثات السلام في أستانة وجنيف.

صحيفة “واشنطن بوست”؛ ألقت باللائمة على إدارة الرئيس السابق “باراك أوباما”، التي لم تتمسك بسياسة “الخطوط الحمراء” تجاه الأسد فيما يتعلق باستخدام الأسلحة الكيمائية، غير أنها ذكّرت “ترامب” بأنه هو نفسه الذي كان قد حثّ عام 2013 أوباما؛ على عدم تطبيق تلك السياسة.

من جانبها اختارت صحيفة “لبيراسيون” الفرنسية لغلافها صورة “أطفال الأسد” كما عنونت، ظهر فيها صغار أزهقت أرواحهم جراء استنشاق الغازات السامة، معتبرة بأن الأسوء هو أنها تتطابق مع صور أخرى لضحايا مجزرة الكيماوي عام 2013 في الغوطة الشرقية، ومحذرة بأنها على الأرجح لن تكون الأخيرة من نوعها.

“لوبينيون” أحرجت روسيا في المانشيت الذي قالت فيه؛ إن “فلاديمير بوتين بات رهينة بشار الأسد”، كون موسكو هي الضامن لتخلّص نظام الأسد من ترسانته الكيمائية، فيما ترى صحيفة “لوموند” بأن الهجوم يضع الرئيس الأميريكي في موقع حرج، معتبرة بأن الهدف من ضرب خان شيخون؛ تماماً كما كان لدى الهجوم بالأسلحة الكيميائية على الغوطة، وهو مفاجأة الناس وهم نيام كي يقتل أكبر عدد منهم.

في مقابل ذلك، ترى صحيفة “القدس العربي” بأن أهداف مجزرة خان شيخون تختلف عن مجزرة الغوطة، إذ أنها ترتبط هذه المرة بارتفاع ثقة نظام الأسد؛ باستعادة مكانته في المنظومة العالمية الجديدة بعد استلام “ترامب” لسدّة الحكم، وتصريحاته الأخيرة بأن إزاحة الأسد لم تعد من أولويات إدارته.

صحيفة “النهار” اللبنانية قالت إن الأسد يختبر العالم بمجزرة كيماوية في إدلب، وتابعت “الوطن” القطرية بأن الفاعل واضح وظاهر في إشارة إلى الأسد، بينما حذّرت “الرياض” السعودية من الموت الصامت الذي يغتال خان شيخون حسب تعبيرها.

“الحياة” اللندنية اعتبرت أن قصف المدنيين الأبرياء من قبل نظام الأسد؛ ليس أقل من قصف المدن وإفراغها من سكانها، فيما تشدّد “الشرق” القطرية؛ على أنه حان وقت التحرك بحزم لوقف مجازر الأسد وتقديمه إلى العدالة الدولية، مؤكدة بأنه ليس مقبولاً الإفلات من العقاب، فقتل الأبرياء بغاز السارين جريمة حرب بحسب الصحيفة.

موقع “المدن” أثار نقطة هامة في هذا الصدد؛ وهي أنه لم تعلن أي دولة حتى الآن أن مجزرة خان شيخون؛ تعني أن القرار رقم 2118 قد اُنتهك، ولم يعترف أحد بخلل الاتفاق الروسي الأميركي الشهير حول تسليم الأسد أسلحته الكيمائية، والذي جرى الاحتفال به في حينه بوصفه إنجازاً عالمياً يخدم البشرية جمعاء، وخلص الموقع إلى أن المجزرة ستثير مرة أخرى الجدل حول آليات التحقيق والرقابة والعقاب، لتواجه كل هذه الخطوات في نهاية المطاف بالفيتو الروسي والصيني، وبعض الاعتراض العربي “المصري خاصة” على توجيه أي تهمة لنظام الأسد.

الحادثة البشعة التي ارتكبتها قوات النظام، كان لها صدى كبير على المستوى الإقليمي والعالمي، واضطرت وسائل الإعلام لكي تفرز مساحة واسعة من تغطيتها اليومية للهجوم وتبعاته، ولكن الشجب والتنديد والتصريحات وكل ماقيل في هذا الصدد؛ لن يعيد الحياة للضحايا الذين قضوا، بحسب الصحفي “إبراهيم الإدلبي”، الذي رأى بأن القبعات ترفع أولاً وأخيراً للناشطين على الأرض في الداخل السوري، الذين وصفهم بأنهم “عين الإعلام”، إذ لولاهم لما رأى العالم حقيقة ما جرى ويجري كل يوم في سوريا.

وأسف “الإدلبي” في حديثه مع راديو الكل؛ بأنه ورغم كل الضجة التي أحدثتها مجزرة خان شيخون؛ إلا أنها ليست سوى أيام أو ربما بضع أسابيع، ولا يلبث أن يصبح الملف طيّ النسيان، معتبراً أن طرح أي قضية خارج أروقة مجلس الأمن والمحافل الدولية لا يعوّل عليه.

وكما وسائل الإعلام التي طغت على صفحاتها وقنواتها أخبار الهجوم الكيماوي على خان شيخون وحصيلة ضحاياه؛ التي تجاوزت عتبة المئة قتيل ومئات المصابين؛ تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي صور وأحداث المجزرة، بعيون وألسنة من شهدوها أو نجوا منها، ليعيدوا إلى الساحة مشاهد مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية عام 2013، وقتلاها الذين تجاوز عددهم 1300 شخص غالبيتهم نساء وأطفال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى