صفيح البادية الساخن وعقدة مناطق النفوذ

تقرير خاص ـ راديو الكل

صفيح البادية الساخن ميدانيا في هذه الفترة يعكس سباقا للإمساك بالأرض وتعزيز المواقع في الميدان السوري , بالتوازي مع مفاوضات عسكرية وسياسية روسية أمريكية تجري في عمان حول منطقة تخفيف التوتر الجنوبية . وكل ذلك في ضوء الحديث عن إرادة أمريكية جدية في انهاء وجود داعش في المنطقة وقطع طريق البر الإيراني من العراق إلى سوريا ولبنان .

مستشار ترامب للشؤون الخارجية، “وليد فارس”، يؤكد أن اقامة الولايات المتحدة للمنطقة الآمنة “امر محسوم”، مشيراً الى أنه وآخرين اقترحوا اقامة المناطق الآمنة على المرشحين الرئاسيين وعلى الكونغرس، وتبنى الرئيس ترامب المشروع.

وقال فارس، في حديث لايلاف، “إقامة المناطق الآمنة امر ضروري لعودة اللاجئين ويريح لبنان والاردن، وواشنطن تعمل على انشاء منطقة جغرافية واسعة تمتد من الجولان حتى الحدود العراقية”.

وأضاف إن هناك اتصالات امريكية روسية تجري بهذا الشأن , الأمر الذي  أكدته مصادر أردنية، وقالت إن مفاوضات تجري بين الجانبين في عمان  بشأن إقامة منطقة آمنة في جنوب سوريا، والتي من المتوقع أن تستأنف في وقت قريب، مشيرة إلى أن الأردن يقبل بأي قوى على حدوده باستثناء تنظيم داعش والميليشيات الطائفية في إشارة إلى ميليشيا إيران .

ونقلت صحيفة الغد الأردنية، عن مصادر أردنية، القول إن “الأردن منخرط في المباحثات مع روسيا والولايات المتحدة ومختلف الأطراف لتحديد طبيعة المنطقة الآمنة في الجنوب السوري وتشكيلة القوات التي ستتواجد فيها وتحرسها وتضمن وقف إطلاق النار فيها”.

وكان مسؤول غربي ، أكد أمس الأول لصحيفة الشرق الأوسط، إلى أن الادارة الامريكية الجديدة ، بدأت باختراق الهلال الايراني في سوريا بعد استهدافها موكب تابع لايران عند معبر الانف منذ ثلاثة أسابيع، وأكد ان هناك اجتماعات أمريكية-روسية، مشيراً الى أن المسؤولين الروس الذين كانوا يتفاوضون وقتذاك مع نظرائهم الأميركيين في عمان حول “المنطقة الآمنة” لم ينسحبوا من المفاوضات رغم القصف الأميركي قرب التنف.

ومن المقرر أن تعقد تستأنف المفاوضات في عمان لبحث «المنطقة الآمنة»، ذلك أن التفكير الغربي يقترح التفاهم مع موسكو لضم درعا والقنيطرة والجولان وجزء من ريف السويداء امتدادا إلى معسكر التنف ومعبر الوليد مع العراق، بحيث تقام في مناطق المعارضة مجالس محلية وممرات إنسانية وعودة للنازحين واللاجئين ومشروعات إعادة أعمار

في هذا المجال، لوحظ إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أنه أجرى «اتصالات بناءة» مع نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إزاء «منطقة آمنة» جنوب سوريا. وقال مصدر دبلوماسي: إن موسكو اقترحت «عودة قوات النظام من دون الميليشيا إلى الجنوب، لكن واشنطن تمسكت بالتفاهم مع موسكو بإقامة المنطقة الآمنة».

وكشفت صحيفة واشنطن اكزامينر الأمريكية  أنّ إيران تعمل على حجز مكانةٍ لها في الجنوب السوري، عبر بناء قاعدة عسكرية على الحدود مع إسرائيل، الأمر الذي دفع بمشرّعين أميركيين لتحذير الرئيس الأميركي دونالد ترامب من خطورة هذا المخطّط.

ونقلت صحيفة عن المشرّعين الجمهوريين بيتر روسكام وتيد داتش في رسالة جاء فيها إنّ “إقامة قاعدة إيرانية دائمة في سوريا، وبالقرب من حدود إسرائيل والأردن سيزيد من قدرة إيران لإلحاق أضرار جسيمة لحليفين مقرّبين لنا في المنطقة”.

الولايات المتحدة بحسب الشرق الأوسط  تعمل بالتوازي مع مشروع المنطقةالآمنة  في الجنوب  على  مشروع ثان في شمال شرقي البلاد يقوم أكثر على المقاربة العسكرية. فهي تعتمد  فيه على «قوات سوريا الديمقراطية» بما في ذلك «وحدات حماية الشعب» لتحرير الرقة من «داعش» رغم تحفظات أنقرة ويتضمن المشروع ويتم ذلك حاليا من خلال الضغط على «وحدات حماية الشعب» كي تبتعد سياسيا وعسكرياً من دمشق مقابل حوافز سياسية تتعلق بالاعتراف بحقوق الأكراد وكيانهم في سوريا  مستندين في ذلك على القواعد العسكرية التي أقامها الجيش الأميركي دعماً للأكراد.

وبين «المنطقة الجنوبية» ومحافظة الرقة، تظهر «عقدة» دير الزور التي  يحاول النظام وميليشيات إيران التقدم للسيطرة عليها فيما بعض المسؤولين الأميركيين يريد استعجال عزل دير الزور لطرد «داعش» والنظام معا ، في حين يرى آخرون بإمكانية قبول وجود النظام وروسيا في حال حصل تفاهم مع موسكو التي توفر الغطاء الجوي لقوات النظام ومطارها العسكري قرب المدينة.

وقال مسؤول غربي: «قد تقبل واشنطن وجود النظام وموسكو في دير الزور، لكن لن تقبل وجود طهران. واضح أن الأميركيين قرروا الدفاع عن أراض تسيطر عليها المعارضة، لكن لن تأخذ مناطق النظام حالياً».

مسارات المعارك على الأرض تدل على سباق للإمساك بالأرض وتعزيز المواقع في الميدان السوري بالتوازي مع المفاوضات العسكرية والسياسية في عمان وآستانة؛ إذ إن الجيش الروسي وسع مناطق انتشاره إلى السويداء وأطراف درعا، وبات ينشر شرطته العسكرية بدل الميليشيا الإيرانية في مناطق «المصالحات»، لكنه يقدم الدعم الجوي لقوات النظام و«حزب الله» ضد «داعش» من شرق حلب، وصولاً إلى الضفة الغربية لنهر الفرات ويوفر الغطاء الجوي للتقدم من تدمر إلى دير الزور والبوكمال قرب الحدود العراقية

بحسب تقرير الشرق الأوسط فإن إدارة الرئيس ترمب تعتقد أن السيطرة بتفاهم وتنافس مع الكرملين على «المنطقة الجنوبية» وتعزيز المواقع العسكرية شمال شرقي سوريا، ستؤدي إلى اختراق «الهلال الشيعي» من إيران إلى العراق ووسط سوريا و«حزب الله» في لبنان، إضافة إلى أنه ستنهي خطة طهران لتوفير خط إمداد بري إلى البحر المتوسط واحتمال تنفيذ طموح قديم بإقامة قاعدة. بل إن إدارة ترمب أنه بذلك تتم هزيمة «داعش» وتقليص النفوذ الإيراني بأقل كلفة عسكرية واقتصادية.

يضاف إلى ذلك، أن إيران تستعجل تعزيز القبض على الأرض بين دمشق وحدود لبنان و«حزام» دمشق عبر العمليات العسكرية والتغيرات الديموغرافية للتأثير على القرار السياسي في العاصمة السورية، بصرف النظر عن النظام وزيادة اعتماد موسكو عليها في خضم المفاوضات الأميركية – الروسية، في وقت لا تزال موسكو تفاوض واشنطن وتتفاهم مع أنقرة وطهران حول المناطق الأربع لـ«خفض التوتر». وهناك من يطرح احتمال مقايضة لاحقة بين الدول المنخرطة في الأرض السورية لتحديد حدود السيطرة وتظهير «مناطق النفوذ» إلى حين الجلوس على طاولة المحاصصة في النظام السياسي المقبل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى