أطفال سوريا في العيد.. متفرجون أمام رفوف الألعاب

نيفين الدالاتي/راديو الكل

 

في زمن الحرب يتغير حال العيد على الصغار، الذين مع صعوبة الوضع المعيشي وقلة ذات اليد؛ يضطرون إلى ابتكار ألعاب بسيطة من مخلفات لا يخلو بعضها من فوارغ ورصاصات، ولكنها كفيلة بمنحهم بعض السعادة والمرح.

 

من أبسط الأشياء يصنع الأطفال ابتسامات حرموا منها في أتون مقتلة لا ذنب لهم، تلك دمية صنعتها أنامل صغيرة من بقايا ثوب مهترئ وزينتها بأزرار وشرائط حريرية، وصبي صنع من أنابيب تمديد شبكات المياه ذات اللون الأخضر بندقية، يستخدمها في الاشتباكات والمعارك التي طاردت الأطفال حتى في ألعابهم، والتي تحاكي ببراءة ما يتابعه أولئك الصغار على شاشات التلفزيون.

 

سوق الألعاب الذي كان يعجّ بكل الأنواع والأشكال؛ تراجع رواده بسبب الأسعار المرتفعة التي باتت ألعاب الأطفال تتربع تحت يافطتها، بعد أن تأثرت بظروف الحرب حالها حال جميع المواد والسلع، حسب ما تحدث أحد الباعة في مدينة إدلب، والذي أشار إلى أن الكرة التي كانت تباع بـ 80 ليرة، أصبح سعرها 800، ومسدس الخرز ارتفع سعره من 50 إلى 500 ليرة سورية، والسيارة بات سعرها لا يقل عن 300 ليرة بعد أن كانت بـ 25 ليرة فقط.

 

وتوقع المصدر ذاته، بعودة مظاهر العيد وألعاب الأطفال في محافظة إدلب بعد غيابها لسنوات، بسبب القصف وتردي الوضع الأمني، وعزا ذلك إلى اتفاق “تخفيف التوتر” الذي تم التوصل إليه مؤخرًا في مفاوضات أستانة، والذي من شأنه إعادة ملامح وطقوس الأعياد القديمة حسب قوله.

 

المشهد يبدو أكثر قتامة في مناطق الغوطة الشرقية المحاصرة، التي بالكاد تجد فيها بعض الألعاب، وإن وجدت فأسعارها تفوق القدرة الشرائية للأطفال، الذين باتوا يكتفون بالنظر إليها على الرف، إذ لا يقل سعر اللعبة الواحدة عن 600 ليرة سورية، وقد تصل الجيدة منها لأكثر من 10 آلاف ليرة، فيما ترتفع أسعارها بنسبة الضعف خلال فترة الأعياد حسب تأكيد أحد الباعة هناك، والذي أوضح بأن الأسعار ارتفعت لأكثر من ثلاثة أضعاف عما كانت عليه من قبل.

 

أحد الآباء يستذكر سنيّ طفولته، والعيد الذي يختلف كثيرًا عن أعياد اليوم، يروي كيف كانت العيدية لا تكاد تصل جيوبهم حتى تغادرها عند بائع الألعاب، حيث الخيارات تتنوع، والأسعار تندرج من الباهظ الثمن وحتى الرخيص الذي يناسب الأطفال من ذوي شريحة الدخل المحدود، وكان مبلغ 100 ليرة سورية كفيلًا بشراء ألعاب كثيرة؛ خلافًا لما هو عليه الحال اليوم، إذ لا يقل سعر اللعبة الواحدة عن 700 ليرة سورية، وهو مبلغ قلما يحصل عليه طفل حتى في أيام العيد، منوهًا بأن حتى ما يتوفر من ألعاب يطغى عليها طابع الحرب بعد أن بات معظمها مسدسات ورشاشات ومفرقعات.

 

إذًا حتى لعبة العيد، أحد أهم تفاصيل عالم الأطفال الصغير؛ باتت اليوم في سوريا معلقة ضمن قائمة انتظار طويلة، وتحولت فكرة اقتناؤها إلى حلم بالنسبة لكثير من الصغار، الذين حرمتهم الحرب وجنون القتال من أشياء كثيرة وأمنيات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى