طرح العملة الجديدة يسهم في تدهور الليرة السورية وزيادة التضخم

نيفين الدالاتي/راديو الكل

 أصدر المصرف المركزي في سوريا ورقة نقدية من فئة 2000 ليرة سورية، تعادل نحو 4 دولارات بسعر الصرف الحالي، وتحمل العملة الجديدة على أحد وجهيها صورة رأس النظام بشار الأسد، وفي الجهة المقابلة صورة لمجلس الشعب السوري.

 ويأتي طرح هذه العملة بعد عامين من تداول صفحات مقربة من النظام أخبارًا عن استعداد الحكومة لطرح ورقة نقدية جديدة في الأسواق، إلا أن “أديب ميالة” حاكم مصرف سوريا المركزي آنذاك، نفى ذلك.

 ويرى محللون اقتصاديون أن طرح العملة الجديدة سيؤدي إلى تدهور قيمتها الشرائية أكثر، وزيادة التضخم، وانعدام الثقة بالعملة المحلية، وهو ما أكده “ملهم جزماتي” الباحث في المنتدى الاقتصادي السوري، والذي قال بأن هذه الخطوة هي استمرار لما أسماه “سياسة النظام في التمويل بالعجز”، كون الأوراق الجديدة غير مغطاة بأي قطع أجنبي، أو مخزون احتياطي من المعادن كالذهب والفضة، ما يعني أن هذه الورقة للتداول المحلي فقط، فالبنوك الدولية وشركات الصرافة لن تعترف بها ولن تتعامل بها على الإطلاق، وحتى روسيا نفسها التي تمت فيها طباعتها، لا تعترف بها وتعتبرها دون أي قيمة.

 خطوة المصرف المركزي في طرح العملة الجديدة طالتها انتقادات كثيرة، كونها مقدمة لارتفاع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية، بحسب “جزماتي”، الذي أوضح بأن طرح كميات كبيرة من العملات في الأسواق يؤدي إلى انخفاض قيمتها محليًا، في مقابل أجور المواطنين التي لم تكن نسبة ازديادها متناسبة مع التضخم الحاصل في سوريا منذ عام 2011 وحتى اليوم، إذ أن نسبة التضخم بلغت أكثر من 500%، فيما لم تتجاوز نسبة زيادة الأجور في أقصاها 100%، ما أسهم بتراجع الليرة السورية، علاوة على العقوبات التي فرضت على أركان النظام وتجميد أرصدتهم في البنوك الأميركية والأوروبية منذ اندلاع الثورة قبل ست أعوام.

 وفي هذا الإطار، وعن أسباب تراجع قيمة الليرة السورية، تسبب وجود سوقين للعملة في سوريا، السوق السوداء والسوق الرسمية، بزيادة حدة أزمة الليرة، ولو أن النظام شرّعن الأسواق السوداء وتداول العملات الأجنبية والدولار من تحت الطاولة حسب تعبير “جزماتي”، بطرحه سعرين لصرف الليرة، إحداهما رسمي، والآخر موازي، وحتى شركات ومكاتب الصرافة التي تقوم بتداول القطع الأجنبي تتبع جميعها للنظام وأركانه كما الجميع يعلم.

 ويملك النظام غايات ومآرب عدة من وراء طرح العملة الجديدة، إحداها استهداف المناطق المحررة، حيث الأسواق أكثر انفتاحًا من تلك الموجودة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وتشهد تداولًا أكثر للعملات الأجنبية مع دول الجوار مثل تركيا، إلى جانب التحويلات المصرفية التي تقوم بها المنظمات والجهات الإغاثية إلى تلك المناطق والتي يكون معظمها بالدولار، والمستفيد أولًا وأخيرًا من هذا التداول هو النظام، الذي يقوم بسحب القطع الأجنبي عبر مثل هذه الإصدارات، فيما لا يملك سكان المناطق المحررة سوى التعامل مع العملة المحلية رغم كل التحذيرات حول كونها غير مغطاة بأي أرصدة.

 وردًا على سؤال حول صمود الليرة السورية رغم أن قيمتها هبطت منذ عام 2011 من نحو 47 ليرة مقابل الدولار، إلى قرابة 500 ليرة حاليًا، عزا “جزماتي” أسباب ذلك إلى حجم تحويلات السوريين من المغتربين واللاجئين إلى ذويهم وأصدقائهم في الداخل السوري، والتي وصلت إلى نحو 5 مليار دولار خلال 2016 حسب دراسة صادرة عن المنتدى الاقتصادي السوري، فيما عزز فرض مكاتب القنصلية السورية خارج البلاد التعامل بالقطع الأجنبي حصرًا من حماية الليرة وإطالة عمرها.

 تجدر الإشارة، إلى أن العملة الجديدة تحمل صورة رأس النظام، رغم أن العملة الوطنية يفترض ألا تحمل صورة الرؤساء المنتخبين الذين لا يزالون أحياء وعلى رأس عملهم، بل يكون ذلك للأموات منهم كنوع من التخليد لذكراهم، لكن كما العادة في ديكتاتورية الأسد كل شي مختلف ومباح!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى