اتفاق الجنوب يلقي بظلاله على جنيف

فؤاد عزام

مفاوضات جنيف في نسختها السابعة تنعقد في ظل اتفاق المنطقة الجنوبية الذي أبرمته كل من الولايات المتحدة وروسيا والأردن والذي عد التطور الأكثر جدلا خاصة في صفوف المعارضة بشقيها السياسي والعسكري , في حين استند عليها الروس في مقاربة أكثر لمسعاهم بأن تكون مفاوضات استانة التي أعلنت مناطق تخفيف التوتر بديلا لمفاوضات جنيف التي تحظى بشرعية دولية .

الإنقسام الذي أحدثه اتفاق المنطقة الجنوبية في وفد المعارضة إلى استانة سرعان ما انعكس على وفد المفاوضات إلى جنيف نظرا لوجود تنسيق تنسيق كبير بين الوفدين بحسب القائد العسكري لــ “فيلق الشام” التابع للجيش السوري الحر “ياسر عبد الرحيم”  وعضو الوفد المفاوض في مفاوضات “أستانة” الذي حمل بشدة على الإتفاق في حين قال فصيل جيش الثورة العقيد خالد النابلسي القائد العسكري لـ«جيش الثورة»، أن الإتفاق يتطابق مع رغبة الثوار، في الحفاظ على أرواح المدنيين

المقابل السياسي لهذا التطور على الأرض تجلى في حمل الروس ورقتين إلى جنيف الأولى تتعلق بإدخال منصتي موسكو والقاهرة إلى جانب وفد المعارضة المنبثق عن الهيئة العليا للمفاوضات , والثاني التدحرج في مسألة السلال الأربع التي تحدث المبعوث الأممي ستيفان ديمستورا عن محوريتها في مفاوضات جنيف وذلك بعد أن قلصها وزير الخارجية الروسي بالتزامن مع انطلاق المفاوضات إلى سلتين الأولى محاربة الإرهاب والثانية إصلاح دستوري وليس دستورا جديدا .

لافروف أكد في تصريحات صحفية أمس إن موسكو تعتبر أن الاتجاهين الرئيسيين للمفاوضات يجب أن يكونا الإصلاح الدستوري ومحاربة الإرهاب وقال “سندعم جهود دي ميستورا لحث الأطراف السورية على الانخراط في  حوار مثمر وبناء من أجل تنسيق الإصلاحات الدستورية”.

وأضاف إن الإصلاح الدستوري يعرض حزمة واسعة من الإمكانيات تسمح بتعميق مشاركة ممثلي المعارضة في إدارة الدولة” . وأضاف:”آمل في أن يكون الحديث حول هذا الموضوع بناء أيضا”.

الوزير لافروف رحب بجهود منصات “موسكو” و”القاهرة” و”الرياض” للتوصل إلى مواقف موحدة خلال مفاوضات جنيف مستدلا على أهمية تلك الجهود بموافقة الهيئة العليا للمفاوضات (منصة الرياض) على المشاركة في المشاورات الفنية التي أجراها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا قبيل الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف بجانب منصتي “موسكو” و”القاهرة”. وذكّر قائلا: إن “الهيئة العليا للمفاوضات سبق وأن عدّت العمل مع المعارضين الذين يمثلون منصتي موسكو والقاهرة أمرا لا يليق بها. ونرحب الآن بحماسة بالموقف الجديد”.

وتابع قائلا: “يمثل ذلك نقلة نوعية كبيرة في مقاربة الهيئة العليا حول تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي”  , وعبر عن أمله في أن يكون هذا التغيير ناتجا عن تأثير اللاعبين الخارجيين الذين يراهنون على منصة الرياض في تسوية الأزمة السورية.

وبشأن الوضع الميداني في سوريا، أوضح لافروف أن روسيا والولايات المتحدة تواصلان جهودهما لتوضيح تفاصيل نظام الهدنة في مناطق تخفيف التوتر جنوبي سوريا – في أرياف درعا والقنيطرة والسويداء. وأكد أن هذه الجهود تأتي تنفيذا لمذكرة التفاهم التي وقعت عليها روسيا والولايات المتحدة والأردن في 7 يوليو/تموز الجاري. وأكد أن تثبيت الهدنة في هذه المناطق سيتطلب بذل جهود حثيثة.

وأكد الوزير الروسي تحقيق تقدم في ترسيم حدود المناطق الثلاثة الأخرى لتخفيف التوتر (إضافة إلى المنطقة الجنوبية). وأوضح أن الدول الضامنة للهدنة (تركيا وروسيا وإيران) أصبحت قريبة جدا من تنسيق حدود المنطقتين في حمص والغوطة الشرقية بشكل نهائي، فيما تستمر المفاوضات حول ترسيم منطقة تخفيف التوتر بريف إدلب.

الموقف الروسي الذي عدّ أجندة لمفاوضات أستانة وجنيف انعكس على الحراك الدبلوماسي الأممي الذي يقوده المبعوث ديمستورا الذي قال نحن لا نعمل بالفراغ, ومحادثات جنيف مرتبطة بمحادثات استانا”.

وعقد  دي ميستورا اجتماعا, أمس مع عدد من السفراء في الأمم المتحدة ليطلعهم على مجريات الجولة السابعة من المفاوضات في جنيف.

جولة جنيف السابعة ستستمر أربعة أيام  فقط بحسب مصادر وفد المعارضة الذي لم يطرأ على تشكيلته أي جديد  يترأسه نصر الحريري، مع وجود أليس مفرج نائباً له، وكبير المفاوضين في الوفد، محمد صبرا.

فيما أكد عضو الهيئة السياسية في “الائتلاف “، عقاب يحيى، في تصريحات صحفية إن الجولة السابعة تتضمن استمرار “المناقشات” حول السلال التفاوضية الأربع، وهي: الحكم، الدستور، الانتخابات، مكافحة الإرهاب. وتوقع ألا يتم التطرق إلى موضوع المعتقلين، أو التفاوض المباشر مع وفد النظام كما طلبت المعارضة في الجولة السادسة من أجل التعجيل بالحل.

المعارضة لم تعط آمالا كبيرة بالنسبة لجنيف الحالية , فهي كسابقاتها تبدو شكلية , إذ أن المفاوضات تسير في مكان والإتفاقات في مكان آخر وبالتالي فإن المطالب التي يتمسكون بها يجري نحتها مع بدء كل جولة جديدة , فبعد أن كانت تضع شروطا منها رحيل رأس النظام ووقف اطلاق نار شامل في جميع المناطق السورية يتبعه حل سياسي , باتت الآن بصدد مناقشة مسألة تعويم بشار الأسد التي أظهرتها المواقف الدولية التي لم تعد ترى رحيله أولوية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى