المهجّرون في إدلب يشتكون من غلاء إيجار المنازل واستغلال أصحاب المكاتب العقارية

نيفين الدالاتي/راديو الكل

يعاني المهجّرون والنازحون في محافظة إدلب، من غلاء إيجار المساكن إن وجدت، فيما يبدو أن قيمتها مرشحة دائمًا للارتفاع، مع تواصل حركة المدنيين من المناطق الساخنة والمتوترة إلى مدن أكثر أمانًا، ليصبح الحصول على منزل مهمة صعبة وكثيرة التكاليف.

ولأن لكل أزمة تجار يستغلونها لتحقيق مكاسب لهم؛ يستغل أصحاب العقارات حاجة الوافدين الجدد لاستئجار مسكن، مستفيدين من قانون العرض والطلب، الذي يتحكّم بأسعار الإيجارات بغض النظر عن دخل المهجرين ومعاناتهم، ما أدى إلى فوضى في الأسعار، التي وإن كانت تختلف من منطقة إلى أخرى ضمن المحافظة؛ تبعًا لوضعها الأمني والاقتصادي، إلا أنها تبقى بالعموم مرتفعة، ولا طاقة للأهالي بها حسب شكاوى وردت إلى راديو الكل.

“محمود”، أحد قاطني بلدة كلّي في ريف إدلب الشمالي، عزا ارتفاع أسعار الإيجارات إلى الاكتظاظ السكاني الذي تشهده المحافظة، مع تدفق النازحين والمهجرين إليها، فيما فاقم غياب الرقابة من هذه الأزمة، ليصبح بدل إيجار المنزل بين 25 ألف حتى 60 ألف ليرة سورية شهريًا وما فوق، داعيًا المجالس المحلية، ومجالس الشورى وغيرها من الجهات المعنية إلى تشكيل لجان رقابة وتفتيش، لضبط أسعار العقارات وملاحقة المستغلين من أصحابها.

من جانبه، يشتكي أحد النازحين بأن لا طاقة لهم لتحمل أجور المساكن، رغم أن أسعارها تختلف من مناطق العمق في محافظة إدلب مثل مدن سراقب، وإدلب، ومعرة النعمان، وبين تلك المتواجدة عند الشريط الحدودي، في أطمة، وسرمدا، والدانا، حيث يصل إيجار المنزل هناك إلى نحو 150 دولارًا أميركيًا، ما يشكل مشكلة حقيقية وخاصة للعوائل الكبيرة.

من جهة أخرى، يلعب مكان المنزل وموقعه بالنسبة لخطوط الاشتباكات، دورًا رئيسيًا في تحديد بدل إيجاره الشهري، الذي يبدأ من عشرين دولارًا، وحتى مئتي دولار، حسب ما قال “أبو عبدو”، أحد أصحاب المكاتب العقارية في مدينة إدلب، والذي أوضح بأن الأسعار ترتفع في المناطق المتاخمة للحدود كونها آمنة نسبيًا وتشهد حركة اقتصادية، فيما تبقى الإشكالية بالنسبة للمساكن الواقعة قرب المقرات العسكرية والتي لا يمكن ضبط أسعارها، حسب المصدر ذاته.

“أمجد المالح”، أحد الذين هجّروا من بلدة مضايا بريف دمشق إلى إدلب قبل ثلاثة أشهر؛ يتحدث عن جملة من الصعوبات واجهته بعد وصوله المحافظة، في مقدمتها تأمين مسكن وارتفاع أسعار الإيجارات رغم وجود الكثير من المنازل المغلقة في المدينة تحت إمرة جيش الفتح حسب تأكيده، علاوة على اشتراط صاحب العقار وجود طرف ثالث ضامن من أهالي المنطقة لإتمام عقد الإيجار.

وأشار “المالح” إلى أن المنظمات الإنسانية التي استقبلتهم فور وصولهم، وتبنّت عملية إيوائهم في مراكز استأجرتها خصيصًا لهذا الغرض؛ تملّصت من مهامها ومسؤولياتها تجاه المهجرين بعد أقل من شهر، تاركة مئات العوائل تواجه مصيرها وحدها دون أي مساعدة أو دعم، مشيرًا إلى التخبط والفوضى الذي يشهده العمل الإغاثي في المناطق المحررة.

وفي إطار الحلول المقترحة لأزمة الإيجارات في محافظة إدلب؛ يرى “المالح” أنه ما من حل جذري في المنظور القريب، بسبب عدم وجود أي منظومة خدمية تملك القدرة والإمكانيات لوضع خطط استراتيجية لإيواء المهجرين والنازحين، علاوة على ارتباط هذا الملف بالشأن السياسي والأمني وهو ما يزيد الوضع تعقيدًا، فيما يطرح “المالح” من وجهة نظره كمهندس معماري، فكرة إنشاء مخيمات عند الحدود الإدارية للمدن يتم تجهيزها بوحدات سكنية مسبقة الصنع تكون قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من المهجرين والنازحين.

“سليم الخضر” عضو مكتب تنفيذي في مجلس محافظة إدلب، وردًا على الاستياء من قبل المستأجرين بسبب ظاهرة ارتفاع إيجار الشقق السكنية، يقول بأن هناك بعض العوامل التي أدت إلى غلاء الأسعار، من بينها موجات التهجير والنزوح إلى المحافظة التي باتت تضم حوالي مليوني نسمة من بينهم قرابة مليون وأربعمئة نسمة من المهجرين والنازحين.

وعن خطة المجلس للحد من ظاهرة ارتفاع الإيجارات، لفت “الخضر” إلى جهود عدة في هذا الصدد، من بينها تجهيز مراكز إيواء جديدة، إلى جانب مشروع القرية الطينية شمال بلدة معرة مصرين.

فوضى سوق العقارات في محافظة إدلب لا يبدو أنها ستهدأ في المدى المنظور، مالم تتوقف حركات النزوح إلى المحافظة التي تحولت إلى منفى إجباري لآلاف المهجرين قسريًا، فيما شكّل غياب الرقابة فرصة للتحكم بالأسعار من قبل أصحاب المكاتب العقارية والسماسرة والملاك، الأمر الذي يضطر كثيرًا من العوائل لترك المنازل التي تقطنها واللجوء إلى السكن مع عوائل أخرى لتخفيض الإيجار أو الاتجاه نحو المخيمات رغم غياب الاستقرار ونقص مقومات الحياة فيها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى