نتائج جولة أستانة السادسة في الصحف العربية
للاستماع
تكريس إيران كأحد ضامني التسويات المرحلية الراهنة أحد أبرز سلبيات اتفاقات تخفيف التوتر بحسب علي نون في مقال له في صحيفة المستقبل اللبنانية، بينما يرى رفيق خوري في الأنوار أن نتائج أستانة كانت نجاحاً للروس، وأجرت العربي الجديد استطلاعاً لسكان إدلب حول نتائج أستانة عبر معظمهم عن أملهم في أن يرسم الاتفاق مساراً إيجابياً لمستقبل مناطقهم، أما افتتاحية القدس العربي فجاءت تحت عنوان “انتصار العالم وهزيمة سوريا”.
فقد كتب علي نون في صحيفة المستقبل اللبنانية أن هناك إيجابيات وسلبيات بالنسبة لاتفاقات تخفيف التوتر الذي أقرتها مفاوضات أستانة، وقال: بالنسبة للإيجابيات فإنّ إدلب مبدئياً لن تلحق بالموصل ولا حلب ولا حمص ولا الرقّة ولا دير الزور، ولا تدمر ولا غيرها من الحواضر العربية التي دمّرها الإرهاب المزدوج، “الداعشي والنظامي”.
وفيما يخص السلبيات قال: إنه تم “تكريسُ إيران كأحد ضامني التسويات المرحلية الراهنة، وتثبيت الاستقرار في المناطق الآمنة بما فيها إدلب! ثم الأخطر من ذلك دوام هذه الصيغة المؤقتة! وتثبيت خرائط النفوذ عند التقسيمات التي انتهت إليها، في ضوء استحالة الوصول إلى ‘تسوية’ حقيقية فعلية ونهائية، طالما لم تقبض موسكو ثمناً مهمّاً مقابل تسليمها رأس بشار الأسد لمن يدفع أكثر.
وفي صحيفة الأنوار اللبنانية، كتب رفيق خوري: “نتائج أستانة كانت نجاحاً للروس بالاتفاق مع إيران وتركيا والتفاهم مع أمريكا وحضور النظام والمعارضة في تكريس أربع مناطق خفض التصعيد، وهي نوع من ربط نزاع من أجل تركيز الجهود على محاربة داعش وجبهة النصرة”.
ومن جانبها تواصلت “العربي الجديد” مع سكان محليين في محافظة إدلب، أمس السبت، لاستطلاع رأيهم في مخرجات “أستانة 6″، وعبر معظمهم عن أملهم في أن يرسم الاتفاق حقاً مساراً إيجابياً لمستقبل مناطقهم، معتبرين أنه و”على رغم عدم اتضاح الصورة النهائية لآليات التنفيذ، إلا أن الاتفاق بالحد الأدنى يكفل، وفق ما هو معلن، إبعاد شبح انطلاق عملية عسكرية كبرى، عنوانها طرد هيئة تحرير الشام من إدلب، وتفاصيلها مأساة قد تصيب آلاف العائلات.
وقالت الصحيفة: إنه منذ تعزيز “هيئة تحرير الشام” لقبضتها في إدلب، غداة تقويضها لقوة “حركة أحرار الشام”، أواخر يوليو/تموز الماضي، عبر عملية عسكرية استمرت ثلاثة أيام، تصاعدت مخاوف السكان في إدلب ومحيطها، من أن تواجه مناطقهم مصيراً أسود، مع تلميح موسكو إلى أن إدلب قد تواجه مصير مدينة الموصل العراقية، وصدور بيان عن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، مايكل راتني، رأى فيه أنه “إذا تحققت هيمنة جبهة النصرة على إدلب، سيصبح من الصعب على الولايات المتحدة الأمريكية إقناع الأطراف الدولية بعدم اتخاذ الإجراءات العسكرية المطلوبة”.
في افتتاحية القدس العربي نقرأ تحت عنوان “انتصار العالم وهزيمة سوريا” تتقدّم قوات النظام وقوات «سوريا الديمقراطية» (الاسم الفنّي لـ«وحدات الحماية الكردية» المدعومة أمريكياً) نحو مدينة دير الزور (شرقي سوريا المحاذية للعراق)، بينما تتراجع فصائل المعارضة الجنوبية (المدعومة أيضاً من أمريكا) إلى الحدود الأردنية، وتتفاهم روسيا مع إسرائيل على تطويب مرتفعات الجولان وحمايتها من اقتراب المليشيات المحسوبة من إيران، وتتفق روسيا وإيران وتركيا على نشر مراقبين في إدلب (شمالي سوريا)، وتضطر الفصائل المدعومة من دول عربية في المناطق الأخرى إلى قبول شروط «خفض التصعيد» و«المصالحات».
هذا المشهد السوري، على تعقيده، هو أيضاً حراك لـ«خفض التصعيد» بين القوى الإقليمية و«المصالحات الإجبارية» بينها، التي تؤسس لها تفاهمات أمريكا وروسيا ما وراء الكواليس، وهذا يؤدي، في نتيجته الحقيقية، إلى تكريس مناطق تقاسم النفوذ والسيطرة لهذه القوى على ما تبقى من أشلاء السوريين، وعلى بقعة الجغرافيا المفتوحة والمدمّاة التي كانت تسمى سوريا.
الضحية الكبرى في هذه المعادلة المستجدة، كانت، وما تزال، هي الشعب السوري، الذي ثار بعد 48 عاماً من حكم طغيان عسكري وراثيّ متوحّش يخلط الأيديولوجيا والممارسات الطائفية بالشعارات الكبرى: الوحدة، التي كانت قناعاً لتفتيت المجتمع السوريّ نفسه وتحويله إلى مستحاثات مغلقة للطوائف والقوميّات الخائفة ولإرهاب كل ما حوله من فلسطينيين ولبنانيين وعراقيين وأردنيين؛ والحرّية، التي هي نكتة سوداء عن مسلخ كبير للبشر، والاشتراكيّة، التي كانت، عمليّاً، نهب عصابات منظّماً لثروة المجتمع السوري وخنقاً لإمكانيات تطوره الطبيعي.