سنتان على التدخل العسكري الروسي في سوريا ..تدمير البلاد ومنع سقوط الأسد

عواصم – راديو الكل

في مثل هذه الأيام قبل سنتين بدأت روسيا تدخلها العسكري المباشر في الساحة السورية، ودفعت بترسانة عسكرية إلى السواحل والمطارات وصفت بأنها الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، وكان هدف التدخل المعلن هو محاربة الإرهاب وأن مهمة القوات الروسية ستكون مدة ثلاثة أشهر .

ونجح التدخل العسكري الروسي في منع سقوط بشار الأسد، ولا يزال تنظيم داعش يتنقل من منطقة إلى أخرى، بينما الطائرات الحربية الروسية تهاجم المدن والأرياف السورية مخلفة مئات الضحايا ودماراً في البنى التحتية وسط حركة نزوح للسكان.

وبحسب آنا بورشفسكايا الباحثة في معهد واشنطن للدراسات فإن تدخل موسكو في سوريا أنقذ بشار الأسد من سقوط وشيك، ويعد الأسد مسؤولاً إلى حد كبير عن إحدى أسوأ المآسي الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. واليوم، بفضل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدرجة لا يستهان بها، أصبح بشار الأسد في أقوى موقف له منذ الانتفاضات الواسعة التي اجتاحت سوريا في آذار/مارس 2011.

وتضيف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حقق اليوم كل ما يريده في سوريا، فقد أبقى الأسد في السلطة، ورسّخ الوجود العسكري الروسي في سوريا على الأقل على مدى الـ 49 عاماً المقبلة، وهو أكبر وجود عسكري روسي خارج الاتحاد السوفياتي السابق حتى اليوم. وبذلك، حدّ بوتين من قدرة أمريكا على المناورة العسكرية في المنطقة، وضمن نفوذ روسيا في أحد أكثر البلدان أهمية من الناحية الاستراتيجية في الشرق الأوسط.

ولم يكن بلا ثمن منع سقوط الأسد، لكن روسيا استثمرت مقاتلين وأموالاً من أجل ضمان وجود عسكري لها وسيطرة على اقتصاد البلاد، وبحسب حزب “يابلوكو” الروسي المعارض، فإنها أنفقت في سوريا منذ نحو سنتين وإلى الآن ما يعادل “3.2 – 3.3” مليارات دولار أمريكي، حيث تضمنت الكلفة “طلعات الطائرات الحربية، والصواريخ المجنحة “كاليبر”، والمعدات العسكرية، وتكاليف الجنود والخبراء” إضافةً إلى المبالغ التي دفعت لأُسر القتلى والمصابين.

وأشار تقرير الحزب الروسي المعارض أن مبلغ 4.12 مليارات روبل أُنفق على الجنود والخبراء الموجودين في سوريا، لافتاً أن العدد الحقيقي للعناصر الروسية في سوريا لا يتمّ الإفصاح عنه بدقة، إلا أن الخبراء العسكريين يقدرون بـنحو 6 آلاف خبير، بما فيهم الطيارون، وعناصر منصات الدفاع الجوي، والمستشارون الذين يتولون تدريب عناصر قوات النظام .

ويوضح “سيرغي ميتروخين” رئيس فرع موسكو في حزب “يابلوكو” الروسي أن هذه الإحصائية قد أُجريت بمشاركة مجموعةٍ من الخبراء والمحللين في الحزب، مشيراً أن جميع المعلومات قد أخذت من مصادر متاحة، لافتاً أن الرقم المشار إليه هو الحد الأدنى للنفقات، وأن الإنفاق في واقع الحرب في سوريا قد تجاوز 250 مليار روبل.

وأظهرت وكالة رويترز أدلةً جمعتها، بأن القوة الروسية العاملة في سوريا قد مُنِيَت منذ أواخر “كانون الثاني” الماضي بخسائر في صفوفها تزيد بأكثر من ثلاث مرات على عدد القتلى الرسمي، وذلك في حصيلة تُبيِّن أن القتال في سوريا أصعب وأكثر كلفة مما كشف عنه الكرملين.

وحول الثمن الذي تستحوذ عليه روسيا مقابل تدخلها العسكري ومنعها سقوط الأسد تقول آنا بورشفسكايا: إنها عززت صادرات الأسلحة الروسية باستخدام سوريا ساحة تجارب للأسلحة الروسية وتتطلّع شركات الطاقة الروسية إلى الاستثمار في قطاع الطاقة في سوريا.

وفي النهاية كما يقول سلامة كيلة في مقال له في العربي الجديد: فإنه لا يمكن تجاهل أن روسيا باتت دولة محتلة، بعد أن فرضت وجودها العسكري، بعقد إذلال وقّعه النظام يسمح بوجود قاعدة بحرية مدة 99 سنة، وجوية مدة 49 سنة، وبالتالي سمحت بوجود عسكري طويل الأمد، ما يعيد روسيا إلى عصر الاستعمار، بعد أن تحققت “تصفية الاستعمار” بُعَيْد الحرب العالمية الثانية، وهي تفرض وجودها حتى أكثر مما تفعل أمريكا في أفغانستان والعراق.

ويضيف: لم تنتصر روسيا بعد سنتين من الحرب القذرة والوحشية، ولن تنتصر، وستكون “تحت مرمى الشعب”، لكونها باتت دولة احتلال، دولة محتلة لسوريا في عصر انتهى فيه الاستعمار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى