القضية السورية في الصحف العربية والأجنبية

للاستماع:

 

سوريا أصبحت دولة وهمية بثقوب واسعة على حدودها أكثر من “ثقوب الجبن السويسري” بهذه العبارة الساخرة يعلق خبير أمريكي في مقال له في مجلة “ناشونال إنترست” على نتائج الحرب التي أشعلها بشار الأسد ضد شعبه، ومن جانبها تقول صحيفة دير شبيغل الألمانية في تقرير لها: إن تدخل روسيا في سوريا لم يحقق انتصاراً واضحاً وإنما ضمن بقاء النظام السوري برئاسة الدكتاتور بشار الأسد على الأقل في السنوات القادمة، وفي الشرق الأوسط كتب إبراهيم حميدي عن قلق موسكو من اختراق أدى إلى اغتيال أحد كبار ضباطها في دير الزور.

وتحت عنوان “انتصر الأسد وفقد سوريا” كتب الباحث بمجموعة “أولويات الدفاع” للأمن والسلام بواشنطن دانييل دي بيتريس مقالاً بمجلة ناشونال إنترست قال فيه: إن انتصار بشار الأسد في الحرب السورية جاء بتكلفة ضخمة لـ سوريا كدولة وكشعب، وأفقده سيطرته على بلاده، وحوّلها من دولة ذات سيادة كانت لاعباً مهماً بالشرق الأوسط إلى دولة وهمية بثقوب واسعة على حدودها أكثر من “ثقوب الجبن السويسري”.

وأضاف أن الأسد ضحى بسمعة بلاده “كدولة عنيدة في الدفاع عن استقلالها وسيادتها” من أجل نجاته الشخصية والحفاظ على النظام الذي أنشأه والده قبل عقود.

وأضاف أن سوريا حالياً مكان تتفاوض قوى أجنبية مثل روسيا وإيران على وقف إطلاق النار وخفض التوتر فيه نيابة عن النظام، كأن القادة السياسيين السوريين وكلاء عاجزون لا يقوون على فعل شيء بخلاف ما تمليه عليهم موسكو وطهران.

وأكد أن الحرس الثوري الإيراني والجيش الروسي هما اللذان يحددان الآن مصير سوريا، وأن اعتماد الأسد الكامل على ضباط الاستخبارات الإيرانيين، وقوات الصدمة التابعة لـ حزب الله، والمليشيات الشيعية، والعصابات الإجرامية، والطيارين والمستشارين الروس للحفاظ على بقاء البلاد، يعني أنه لا يساوي أكثر من مخلب في يد حماته.

وبعد أن هنأ الكاتب بشار الأسد على انتصاره “ساخراً”، قال له: إن العالم سيستمر يتأمل وجهك لسنوات قادمة. وحذره من تحريف ما فعله من أجل الحفاظ على منصب الرئاسة.

واستمر الكاتب في سخريته من الأسد قائلاً له: إنه الآن واحد من أكبر الرؤساء في العالم، ويحكم “شبه دولة” فاشلة تشبه مدنها درسدن وطوكيو عام 1945.

واختتم دي بيتريس مقاله موجهاً خطابه للأسد قائلاً له: “اقتصاد بلادك فقد كثيراً من عوائده، وفقد مجتمعه كثيراً من مفكريه ومثقفيه ومواطنيه الحيويين والمنتجين بسبب هجرة العقول التي لن تتعافى منها البلاد لأجيال عديدة قادمة”.

صحيفة دير شبيغل الألمانية نشرت تقريراً تحت عنوان “ماذا جنت سوريا بعد سنتين من التدخل الروسي؟”.. تحدثت فيه عن التدخل الروسي في سوريا “أرض المذبحة”.

وأوضحت الصحيفة أن دخول روسيا في النزاع السوري لم يحقق انتصاراً واضحاً وإنما ضمن بقاء النظام السوري برئاسة الدكتاتور بشار الأسد على الأقل في السنوات القادمة. في الواقع، يسيطر النظام على دمشق وكذلك على المدن الكبرى، ويسعى لاسترجاع الأراضي شرقاً من يد تنظيم داعش. وفي الجانب المقابل، تسيطر المعارضة السورية على جزء كبير من محافظة إدلب.

وأوردت الصحيفة أن الخاسر الأكبر من هذه المعركة هي بلا شك المعارضة السورية؛ لأن روسيا استغلت الحرب من أجل دعم موقفها السياسي، في الوقت الذي تخلت فيه الحكومة الأمريكية عن دعم الثوار، بعد فشل محاولات الصلح بين أطراف النزاع. في المقابل، تدعي الإدارة الأمريكية أن الوضع في سوريا يدعو إلى التفاؤل، خاصة عند الاطلاع على تصريح ترامب الذي أكد فيه التقدم الذي تحرزه القوات الأمريكية في حربها على الإرهاب في سوريا.

في الشرق الأوسط اللندنية كتب إبراهيم حميدي: إن موسكو قلقة من «اختراقات» في سوريا بعد تعرضها الأسبوع الماضي لـ«اختبارين خطرين» لدى اغتيال ضابط روسي كبير في دير الزور ومحاصرة 28 جندياً بين شمالي حماة وجنوبي إدلب. لكنها ماضية في «الانتقام» من المسؤولين عنهما وتنفيذ اتفاقات «خفض التصعيد» بأدنى حد من المخاطر بما في ذلك قبول نشر شرطة تركية في إدلب مقابل هيمنة روسية على الأجواء ضمن خطة لعقد مؤتمر في دمشق للمجالس المحلية قبل نهاية العام.

وأضاف أن موسكو ماضية في خطتها، القائمة على تنفيذ اتفاقات «خفض التصعيد». وإذ جرى أمس توزيع خرائط لانتشار المراقبين الروس في ريف حمص وتسلمت موسكو طلباً من فصائل معارضة للضغط على دمشق لوقف قصف غوطة دمشق، فإن نتائج القمة بين بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان أسفرت عن حسم مصير إدلب وإن إقرار هذا في انتظار قمة أردوغان ونظيره الإيراني حسن روحاني في طهران بعد يومين ومباركة دول عربية رئيسة لخطوات موسكو في سوريا.

وإذا سارت الأمور إيجاباً، فسيخطط لعقد جولة جديدة من مفاوضات جنيف في بداية نوفمبر (تشرين الثاني). لذلك فإن المساعي لدى موسكو تركز على ترك مسار أستانة للأمور العسكرية وإجراءات بناء الثقة وتخصيص مسار جنيف للأمور السياسية المتعلقة بتنفيذ القرار 2245. كما أن المساعي الدولية تسعى لكسب انتباه واشنطن بدعم مسار جنيف والتراجع عن قرار أن يكون اهتمامها السوري عسكرياً ومركزاً على شرق نهر الفرات، وهزيمة «داعش»، ووضع أسس للحل السياسي والإعمار في سوريا، والربط بين المساهمة في إعادة الإعمار وحصول انتقال سياسي ذي صدقية من دون بذل مساع دبلوماسية لتحقيق ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى