إدلب.. كثافة الحشود العسكرية وهدوء التنفيذ

عواصم – راديو الكل

بعد إعلان بدء العملية العسكرية في إدلب السبت الماضي، والتي تقودها تركيا سياسياً وعسكرياً، لا تزال تسير ببطء وحذر في ظل تعقيدات تتعلق بمراكز القوى في المحافظة التي تسيطر على معظم مناطقها هيئة تحرير الشام، مع وجود لبعض فصائل الجيش الحر في أماكن أخرى.

وعملية الانتشار التركي في إدلب كما يسميها الجانب التركين والتي ينفذها الجيش السوري الحر الآن، تهدف إلى تطبيق اتفاقات أستانة بإقامة منطقة تخفيف التوتر، وهو ما يتطلب إنهاء نفوذ “هيئة تحرير الشام”.

قبيل إعلان بدء العملية السبت الماضي، دفعت تركيا بحشود عسكرية كبيرة نحو الحدود، بدت تؤشر إلى اقتراب القيام بعملية عسكرية ستكون سريعة، إلا أن صداماً عسكرياً لم يحدث حتى الآن باستثناء مناوشات محدودة قرب أطمة عند الشريط الحدودي.

إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأحد الماضي، أن الجيش السوري الحر يتقدم بهدوء في إدلب بدعم من القوات التركية، وتصريحات وزير الدفاع نور الدين جانيكلي أن قوات بلاده “تتحرك في إدلب، مع قوات الجيش السوري الحر، وأنقرة تدعم السوريين الذين يدافعون عن أنفسهم وأراضيهم”.. أكدت أن تركيا تتبع تكتيكاً هادئاً على ما يبدو، لتحقيق هدف إقامة منطقة تخفيف التوتر، إذ تسعى لتحصيل مكاسب على طريق هذا الهدف عبر مفاوضة “هيئة تحرير الشام” لتفادي تصادم يكون مكلفاً على رغم أنها في الوقت نفسه استعدت لجميع الخيارات من خلال حشودها العسكرية.

وينظر المراقبون إلى تكتيك الهدوء الذي تتبعه تركيا على أنه يتزامن مع محاولات لاحتواء مراكز قوى في هيئة تحرير الشام تعد مرنة نسبياً من جناح متشدد فيها، مع إصرارها على تنفيذ منطقة تخفيف التوتر في إدلب وعزل “وحدات حماية الشعب” الكردية في مدينة عفرين، التي يُعتقد أن نقاط تمركز عسكرية للجيش التركي ستقام في محيطها قريباً.

الخبير العسكري التركي “ميتيه يرار” يقول في حديث تلفزيوني: إن عملية إدلب تختلف عن “درع الفرات” التي بدأتها تركيا العام المنصرم، فالعملية في إدلب لا يوجد فيها تعريف واضح للصديق والعدو، مؤكداً وجود ما بين 20 و30 ألف مسلّح في المنطقة.

ويضيف أن من بين أولويات تركيا الحالية فيما يخص الملف السوري، الحيلولة دون وقوع مأساة إنسانية جديدة في المدينة، واتخاذ التدابير اللازمة والتي من شأنها رفع أمن واستقرار المنطقة الحدودية، وعدم السماح لتنظيمي البي كي كي وداعش، والتنظيمات المشابهة لهما بالسيطرة على المناطق الحدودية مع تركيا.

ويبدو أن تكتيك الهدوء في تنفيذ الانتشار الذي تتبعه تركيا ينطلق من كونها تعول إما على احتواء كامل لهيئة تحرير الشام أو على انقسام ما بداخلها، ما يسهل تقدم فصائل الجيش الحر ومن بينها غرفة عمليات كلس التي أكدت مشاركتها في العملية.

ملامح احتواء هيئة تحرير الشام بدت من خلال دخول وفد تركي، الأحد الماضي، برفقة رتل من الهيئة إلى دارة عزة والانتقال بعدها إلى دير سمعان، في حين سرت أنباء عن أن الوفد قدم من أجل التفاوض والاستطلاع في وقت واحد.

وكانت ملامح الانقسامات بدأت بعيد المعارك التي خاضتها الهيئة مع حركة أحرار الشام قبل نحو 3 أشهر، حيث انسحبت من الهيئة بداية حركة “نور الدين زنكي” وبعدها “جيش الأحرار” ومجموعات أخرى، كان آخرها “كتائب ابن تيمية”.

الأيام القادمة ستحمل بنظر مراقبين تطورات لن تكون سريعة، فالعملية يبدو أنها ستكون هادئة، بيد أن الثابت فيها تصميم الجيش التركي على إقامة منطقة تخفيف توتر في إدلب بموجب اتفاق أستانة، بعد أن حصلت تركيا على غطاء دولي وإقليمي وقبول محلي إلى حد ما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى