تجاذبات بين مواقف كل من المعلم ولافروف بالتزامن مع طرح روسيا مؤتمراً في حميميم

فؤاد عزام

خلال اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير خارجية النظام وليد المعلم في سوتشي أمس، أثار الوزير الروسي قضية إدانة الأمم المتحدة وجهات دولية أخرى النظام باستخدام الكيميائي، وقال: إن بلاده ستبقى تدافع عن النظام بما يتعلق بهذه القضية في المحافل الدولية، في حين ركز وزير خارجية النظام على المسألة الكردية، و ذكر أن الأكراد في سباق مع نظامه من أجل السيطرة على المنابع النفطية، وقال: إن نشوة المساعدة والدعم الأمريكي “أسكرهم”، غير أنه ينبغي عليهم إدراك أن هذه المساعدات لن تستمر إلى الأبد، وقال المعلم: إن الأكراد طوال تاريخهم لم ينجحوا في إيجاد دولة حليفة موثوقة.

ويأتي تركيز الوزير لافروف على مسألة الكيميائي وتراجع وزير خارجية النظام عن مواقف سابقة فيما يتعلق بالأكراد بعدما أبدى استعداد نظامه للحوار مع الأكراد بشأن إدارة ذاتية، ليؤشر إلى ظهور تجاذبات وتباينات بين الجانبين إزاء المرحلة القادمة يرجح أن يكون محورها رغبة موسكو في أن يكون مستقبل سوريا اتحادياً مشابهاً لروسيا الاتحادية، وأنها تريد استخدام قوة «الوحدات» الكردية على الأرض ورقة للضغط على النظام لقبول التفاوض على حل فيدرالي أو اتحادي كما قالت مصادر دبلوماسية غربية لصحيفة الشرق الأوسط.

فاللافت في تصريحات لافروف والمعلم أنها جاءت متزامنة مع ما كشفته المصادر الغربية عن لقاء ثان عقده وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ورئيس الأركان فاليري غيراسيموف مع قائد ما يسمى بوحدات حماية الشعب الكردية “سيبان حمو” في موسكو الأسبوع الماضي بحسب مصادر دبلوماسية غربية اطلعت على مضمون المحادثات غير المسبوقة.

المصادر الغربية أوضحت أن القياديين الروسيين أبديا خلال الاجتماع ارتياحهما لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل الوحدات الكردية الجزء الأكبر منها، على مناطق واسعة شرقي البلاد وشماليها وطرد «داعش». حيث قال الجانب الروسي بوضوح: “إنه يرى مستقبل سوريا اتحادياً مشابهاً لروسيا الاتحادية”، وإنه يريد استخدام قوة الوحدات الكردية على الأرض ورقة للضغط على النظام لقبول التفاوض على حل فيدرالي أو اتحادي.

وقالت المصادر: إن محادثات حمو مع الجانب الروسي كانت وراء نصيحة موسكو إلى النظام كي يعدل موقفه من الإدارات الكردية، إذ بعد تهديدات المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة النظام بثينة شعبان بقتال «قوات سوريا الديمقراطية» شرقي سوريا، قال وزير الخارجية النظام قبل نحو أسبوعين لتلفزيون روسي: إن إقامة نظام إدارة ذاتية للأكراد في سوريا «أمر قابل للتفاوض والحوار في حال إنشائها في إطار حدود الدولة».

وتحدثت المصادر عن أن التصور الروسي لمستقبل سوريا، الذي لا تختلف معه أمريكا ودول أخرى، يقوم على اللامركزية الموسعة، وظهرت ترجمة موقف موسكو في المسودة الروسية للدستور السوري الذي أعدته روسيا العام الماضي وتضمنت تأسيس «جمعية مناطق» إلى جانب البرلمان واتفاقات «خفض التصعيد»، إضافة إلى تشجيع نظام الإدارات المحلية والمجالس المحلية لمناطق المعارضة  في مناطق تخفيف التوتر الأربعة إضافة إلى حديث مسؤولين روس عن عقد مؤتمر للمجالس المحلية لبحث إصلاحات سياسية.

ويرى مراقبون أن السقف الذي عاد ليرفعه النظام فيما يتعلق بالأكراد وتراجعه عن تصريحات سابقة تتعلق بقبول الحوار، قابله من موسكو تذكير النظام بأنه يحميه في المحافل الدولية من الضغوطات التي من الممكن أن تلاحقه لاستخدامه السلاح الكيميائي ضد المدنيين خاصة مع تزامن عقد اللقاء بين لافروف والمعلم مع ما كشفته مصادر صحفية عن أن الجيش الروسي قرر عقد مؤتمر سوري في قاعدة حميميم في 29 من الشهر الحالي بمشاركة ممثلي «المصالحات» ومناطق «خفض التصعيد» والنظام والمعارضة بعد تقديم ضمانات روسية بحمايتها.

وقالت المصادر: إن الجانب الروسي أكد أن أولى لبنات البحث عن التسوية، هي عقد مؤتمر وطني من الأطراف السورية تمهيداً لمؤتمر حوار وطني موسع لإطلاق عملية سياسية تظهر ملامحها قبل الانتخابات الرئاسية الروسية في مارس (آذار) المقبل.

وتحدثت المصادر للشرق الأوسط عن أن المعارضة تتخوف من أن يؤدي هذا إلى تأسيس مسار بديل لعملية أستانة واتفاقات «خفض التصعيد»، بعيداً عن مسار مفاوضات جنيف التي يسعى المبعوث الدولي ستيفان ديمستورا إلى استئنافها في بداية الشهر المقبل، والبناء على المؤتمر الموسع للمعارضة المقرر عقده في الرياض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى