نهاية أسطورة داعش أقرب من التساؤلات حول ظهور التنظيم السريع واختفائه المريب

الرقة ـ راديو الكل ــ تقرير خاص

أسطورة داعش في الرقة في نهايتها، بعد سنوات على وقوع أول مدينة خرجت عن سيطرة النظام في سوريا في قبضة التنظيم، الذي أذاق المدينة وسكانها حكماً جائراً دموياً غريباً عن ثقافة وعادات الأهالي الذين نزح معظمهم إلى خارج المحافظة، في حين حاصر التنظيم القسم الآخر واستخدمهم دروعاً بشرية مع بدء معركة السيطرة على الرقة التي أعلنتها قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري، بدعم من التحالف الدولي الذي بدوره استهدف المدينة بغارات قتلت المئات من السكان.

ومع إعلان غرفة عمليات “غضب الفرات” التي أطلقتها قوات سوريا الديمقراطية تطهير ما تبقى من أحياء قليلة من داعش، ينتظر إعلان انتهاء معركة استعادة المدينة في الجولة الأخيرة التي اتسمت بمفاوضات صعبة وشاقَّة أحاطها الغموض بين قوات سوريا الديمقراطية والتحالف من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، بوساطة أطلقها شيوخ ووجهاء عشائر الرقة ومجلس الرقة المدني، تركزت خصوصاً على السماح للمدنيين بمغtادرة المدينة.

لكن مصادر أخرى تحدثت عن رأي مغاير بشأن المفاوضات وحول عدد مقاتلي تنظيم داعش، وقالت: إنها تناولت إخراج مقاتلي التنظيم المحاصرين في المدينة، بعدما تم تسليم اللوائح الاسمية لجميع المقاتلين المحاصرين في المدينة، وبلغ عددهم ما يقارب 400 مقاتل، من بينهم نحو 275 مقاتلاً سورياً.

بيد أن هناك رأياً ثالثاً بين الرأيين، فقد تحدثت مصادر صحفية عن أن إحدى الكتائب التابعة لـ”داعش”، والتي يحمل غالبية مقاتليها الجنسية الأوزبكية، رفضت الخروج من مدينة الرقة وتسليمها لعدّها ذلك خروجاً على البيعة لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، وهذا ما أعاق تنفيذ الاتفاق، بالإضافة إلى رفض فرنسا تأمين خروج فرنسيين وأوروبيين وأفارقة من مقاتلي التنظيم، ممَّن وردت أسماؤهم في قوائم الاتفاق، تعدهم فرنسا مسؤولين عن هجمات في باريس، ولذلك لا يمكن القبول بأن يكونوا جزءاً من أي تسوية، حيث أعلنت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي في وقت سابق لصحيفة “لوموند” أن القوات الفرنسية لن تغادر المنطقة بين عشية وضحاها، وأكدت بارلي أن موضوع الإرهاب موضوع مركزي في استراتيجية فرنسا الدفاعية لعام 2017 الحالي.

المعركة الأخيرة ستنتهي بحسب التطورات والأنباء الواردة، وبهذا تكون نهاية داعش في الرقة قاب قوسين أو أدنى، بعد أن فقد هذا التنظيم منذ بضعة أشهر أسباب بقائه على الصعيد العسكري والأيديولوجي، وسقطت مناوراته على الأبعاد الطائفية والتحريضية، وقدرته على التعبئة والجذب لمريديه بالمال أو الأيديولوجيا، حيث فقد منذ تأسيسه في العام 2014 نحو 80 ألف مقاتل في ضربات للتحالف الدولي وفق تقرير وكالة الصحافة الفرنسية، كما قُتل آلاف آخرون في غارات الطيران الروسي .

أياً كانت التطورات فإن معركة طرد داعش من الرقة أدت إلى مقتل نحو ألف مدني بحسب مكتب التوثيق في صحيفة الحرمل التي تغطي في جزء منها تطور الأوضاع في الرقة، في حين لحق بالمدينة دمار تجاوزت نسبته الستين في المئة، وتم تدمير كامل البنى التحتية فيها.

ويقول إياس دعيس محرر في موقع “الرقة بوست”: إن غالبية سكان الرقة نزحوا عنها خاصة بعد سيطرة تنظيم داعش على المدينة في العام 2014، وازدادت حركة النزوح بالتزامن مع مراحل حملة “غضب الفرات” الأربع، التي قامت بها قوات سوريا الديمقراطية، حيث كان عدد سكانها آنذاك نحو 500 ألف نسمة، في حين لم يتبق فيها الآن سوى 4000.

ومع اقتراب لحظة السيطرة على الرقة ينتظر ما تبقى من الأهالي فيها والنازحون عودة مدينتهم، بعد معاناة استمرت سنوات تعرضوا خلالها لمختلف أنواع القمع والقتل وفرض قوانين غير إنسانية طالت خصوصيات السكان وتحكمت بلقاءاتهم ولباسهم وعاداتهم في ظل حكم تنظيم داعش ونظامه الوحشي الذي عمل تنكيلاً وظلماً بالأهالي تحت غطاء تطبيق الشريعة، في ظل تساؤلات ربما تجيب عنها المرحلة القادمة، وتتعلق بعلامات استفهام كبرى حول سبب ظهور داعش السريع في ذروة الانتصارات التي حققتها الثورة السورية واختفائه بشكل غامض وبالسرعة نفسها التي استعاد فيها النظام بدعم من روسيا وإيران بعضاً من أنفاسه ومنع فوز السوريين في ظل عنوان دولي برز عنواناً كبيراً وهو أولوية الحرب على الإرهاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى