كيف تقرأ الصحف الأجنبية مرحلة ما بعد الرقة؟

للاستماع

صحيفة الغارديان نشرت تحليلاً حول رؤيتها للسيطرة على الرقة تحت عنوان “بينما تخسر داعش، تفوز إيران”.. قالت فيه: من المبكر جداً أن نقول بأن داعش قد هُزمت للأبد، فما زالت تسيطر على بعض الأراضي عبر الحدود السورية العراقية، ولن يختفي التهميش السني – وهو السبب الرئيس للانضمام لداعش- إذا استمر ديكتاتور سوريا بشار الأسد في اضطهاد شعبه، وقد أكد دونالد ترامب في حديثه يوم السبت أن اعتبار سقوط الرقة علامة تحول سياسي في سوريا ما هو إلا كلام ساخر وأجوف، فلا توجد أي علامة لمثل هذا التحول في دمشق.

وأضافت أن القوة العسكرية الطائشة والانتهازية الجيوسياسية ما زالت تتحكم في تلك الأحداث في الشرق الأوسط، وقد تم التخلي عن الدبلوماسية، ولا يوجد كتاب للقواعد باستثناء أن أقوى جناحين معارضين سوف يسيطران على الوضع، ومع تقلص سلطة داعش؛ تتنافس الدول والكيانات غير الحكومية على حد سواء لفرض سيطرتها ونفوذها، كما أن الاختلافات العرقية والطائفية تغذي الوضع بشكل خطير، وعليه فليس مبالغاً فيه أن نقارن الوضع بحرب الثلاثين عاماً.

ومع ذلك فالدولة الوحيدة التي فازت أكثر مما خسرت في تلك الحرب الإقليمية متعددة الأوجه هي إيران، فمع توغل قواتها ووكلائها بشكل كبير على الأرض؛ انتشرت الهيمنة الإيرانية خلال العراق وسوريا ولبنان، وقد استفادت إيران من الفوضي والأخطاء الأمريكية وسوء التقدير، لذا ربما تكون تهديدات ترامب لإيران في هذا السياق لمحاولة دفعها للتراجع، لكن من المحتمل أن تتسبب هذه التهديدات في وقوع مشكلات أكبر، ومع تراجع داعش يشهد العالم التسابق نحو الغنائم، وفي الوقت الراهن فكل نصر عسكري يفسح المجال لمواجهة أخرى وليس لإجراء محادثات، أما بالنسبة لمواطني الرقة وكركوك وغيرهم فالوضع يتجه أكثر لعدم اليقين.

في الواشنطن بوست كتب “ديفيد أغناتيوس”.. أنقاض الرقة تذكِّر بالقوة العسكرية الأمريكية، صور الشوارع الخربة المدمرة لما كانت في يوم من الأيام عاصمة «داعش» يذكّرنا بالقوة العسكرية القاسية، والفاعلة، والساحقة للولايات المتحدة الأمريكية.

ولعلها تعد تقديراً للطبيعة الحتمية للقوة الأمريكية، في حالة من أبرز حالات إعلان ذاتها، لدرجة أن سقوط مدينة الرقة بهذه الطريقة لم يحرك إلا أقل القليل من المناقشات العامة خلال الأسبوع الماضي. وفي حين ركز المعلقون آراءهم حول ما إذا كان الرئيس دونالد ترمب قد هوّن من شأن آباء وأمهات المقاتلين الأمريكيين الذين سقطوا في ميدان القتال، بيد أنه، وبالكاد، قد لفت انتباههم أن جيش بلادهم قد نجح في إنجاز هدف كان يبدو قبل 3 سنوات كغاية مضطربة وبعيدة المنال.

إن أكوام الركام وأنقاض المنازل التي كانت ذات يوم مأوى الإرهابيين وجلاوزة التعذيب تبعث برسالة واضحة وتنقل للأفهام درساً لا ينقصه الصواب، وهو حق وحقيقة مثل ما كان الأمر في عام 1945: من الخطأ والعبث استفزاز الولايات المتحدة. قد يستغرق الأمر من البلاد قدراً من الوقت للرد على تهديد من التهديدات، ولكن بمجرد دوران عجلات الآلة الأمريكية العملاقة، فما من سبيل لإيقافها، ما دامت هناك إرادة سياسية فاعلة وراسخة تمهد لها الطريق وتفتح لها الأبواب.

وتكمن المشكلة الحقيقية مع هذه الحملة في أنها منذ البداية كانت تستند إلى الهيمنة العسكرية المشيدة على أسس غير راسخة من القرارات السياسية، وهذا الأمر لا يزال صحيحاً حتى الآن، لم تكن هناك استراتيجية سياسية واضحة المعالم لدى الرئيس باراك أوباما لإقامة نظام إصلاحي ممتد في سوريا والعراق لما بعد سقوط «داعش»، ولا يملك الرئيس الحالي ترمب هذه الاستراتيجية كذلك. إن مؤسستنا العسكرية ذات فعالية فائقة في مجالات عملها من دون شك، غير أن مشكلات الحكم الدائمة على أرض الواقع، لا يمكن دوماً حلها بالوسائل العسكرية فحسب.

في صحيفة أكشام التركية كتب “كورتولوش تاييز” ليس سرّاً أن الولايات المتحدة أرسلت آلاف الشاحنات المحملة بالأسلحة والذخائر إلى حزب العمال الكردستاني، لكن البنتاغون هذه المرة لم يشعر حتى بالحاجة لتبرير الموقف، وتغاضى عن احتفال الحزب بـ “النصر” في الرقة أمام صورة (أوجلان) زعيم الحزب، كل صورة تحمل معنى ورسالة، والأمر المؤكد أن هذه الصورة الواردة من سوريا لها معنى ورسالة خاصة.

ومن الرسائل المضمنة في هذه الصورة نسف العلاقات التركية الأمريكية، وقطع العلاقة الإيجابية نسبيّاً بين أردوغان وترامب، ودفع أنقرة إلى وقف اتصالاتها مع واشنطن.

وختمت بقولها: ليس من السهل عودة مياه العلاقات بين البلدين إلى مجاريها، تدرك تركيا هذه الحقيقة، ويتحتم عليها اتخاذ تدابيرها خطوة خطوة تجاه الولايات المتحدة، فالبنتاغون يبدو أنه يجري كل استعداداته لمواجهة مع تركيا، ومن دون رؤية هذه الحقيقة لا يمكن ضمان الأمن القومي التركي.

عواصم – وكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى