أستانة السابعة تنطلق مع بداية استحقاقات مرحلة ما بعد داعش

خاص ـ راديو الكل

لهجة عالية السقف في تصريحات الأطراف المعنية والمتدخلة في القضية السورية في هذه المرحلة التي يتم فيه الحديث عن استحقاقات في العملية السياسية بعد هزيمة داعش، وأولها جولة مفاوضات أستانة وما يتبعها من مؤتمر الشعوب السورية الذي دعا إليه بوتين وجولة ثامنة من مفاوضات جنيف، بالإضافة إلى اجتماعات الهيئة العليا للمفاوضا تحضيراً لمؤتمر الرياض 2.

وتنطلق جولة أستانة السابعة غداً بمشاركة المعارضة العسكرية والنظام والدول الثلاث الضامنة وهي روسيا وإيران وتركيا وبحضور وفد أمريكي وآخر أردني بصفة مراقبين، وهي تأتي بعد مرحلة تم خلالها إقامة مناطق تخفيف التوتر الثلاث، في حين تم البدء بإقامة المنطقة الرابعة في إدلب قبل نحو أسبوعين من خلال دخول القوات التركية إلى المحافظة، وهو ما عدّه النظام غير شرعي ودعا إلى انسحاب القوات التركية فوراً.

لغة النظام عالية السقف دفعت بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إيفاد رئيس وفده إلى مفاوضات أستانة ألكسندر لافرنتيف إلى دمشق قبل بضعة أيام التقى خلالها مع رأس النظام لهذه الغاية، في حين كانت روسيا أعلنت غير مرة أن القوات التركية تنسق عملها معها، وأن دخول قواتها إلى محافظة إدلب من أجل إقامة مناطق مراقبة يأتي في إطار اتفاق تخفيف التوتر.

وفي جانب آخر فإن روسيا لم تتأخر في الرد على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون التي أعلن فيها بعد اجتماع عقده مع المبعوث الأممي ستيفان ديمستورا في جنيف وصفه بـ«المثمر» أن «الولايات المتحدة تريد سوريا بلداً موحداً لا دور لبشار الأسد في حكومتها».

وقال المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا: “إن على الولايات المتحدة التوقف عن فكرة التنبؤ بمستقبل بشار الأسد وعائلته، مضيفاً أن الزمن سيرينا ما إذا كان لشخص ما مستقبل أم لا”.

الوزير الأمريكي تيلرسون أوضح أنّ خروج الأسد يجب أن يتم من خلال عملية جنيف التي يقودها دي ميستورا، إلا أن مثل هذا الخروج ليس «شرطاً مسبقاً» للبدء في هذه العملية، ورأى أن «النجاح الذي حققه النظام لم يكن ليتحقق من دون الدعم الجوي الروسي»، مضيفاً أن ذلك «لا يمثل نصراً لإيران». وتابع: «إني أرى إيران عبئاً على غيرها، وهي لم تحقق نجاحاً، الحكومة الروسية كانت أكثر نجاحاً، ونحن حققنا نجاحاً أيضاً».

وزير الخارجية الأمريكي يستند في موقفه هذا إلى النجاحات التي حققتها قوات سوريا الديمقراطية على الصعيد الميداني وهي القوات المدعومة من التحالف الدولي بقيادتهم، في حين كان مهد لهذا الموقف المرتفع تسريبات صدرت عن الخارجية الأمريكية ومفادها أن الإدارة الأمريكية بصدد إعادة رسم استراتيجيتها في سوريا.

تصريحات الوزير الأمريكي أعادت إلى الواجهة ما نقلته وكالة أسوشيتد برس عن مصادر دبلوماسية غربية من أن الولايات المتحدة وضعت استراتيجية من 4 مراحل حول سوريا، تتضمن المرحلة الأولى منها القضاء على تنظيم داعش، وأما المرحلة الثانية فتقوم على ضرورة “نشر الاستقرار في سوريا”، بعقد هدنة بين الأسد وفصائل المعارضة، ويتم فيها إدارة المناطق السُّنية من قبل شخصيات سُنية، والمناطق الكردية من شخصيات كردية، على أن تدار هذه المرحلة من قبل حكومة مؤقتة.

والمرحلة الثالثة بحسب المصادر الدبلوماسية الغربية تركز على تتنحي الأسد عن السلطة وإلا فسيلاحق بتهم جرائم حرب، والمرحلة الرابعة تتعلق بإعطاء ضمانات لموسكو أهمها إبقاء القاعدتين الروسيتين البحرية في طرطوس والجوية في حميميم في سوريا.

لكن من جهة ثانية فإن هناك رؤية مختلفة حيث تعبر بعض مصادر المعارضة عن شكها في أن يكون لدى القوى الكبرى أجندة لإيجاد حل سياسي في سوريا، فهي تسعى إلى بسط نفوذها في البلاد تحت غطاء الحل السياسي من أجل تحقيق مصالحها.

الهيئة العليا للمفاوضات تسعى من جانبها إلى الانسجام مع واقع المتغيرات الدولية والإقليمية، فهي بصدد إنجاز توسيع بنيتها وإعادة النظر بعملها في إطار حفاظها على ثوابت الثورة كما تقول مصادرها، وذلك على رغم الضغوط الدولية ومن بينها محاولات روسيا إدخال منصتي موسكو والقاهرة في هيكلها.

روسيا التي دفعت بوزير دفاعها لمقابلة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان ديمستورا خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو أرادت بنظر محللين إبلاغه برسالة عسكرية مفادها التلويح بورقة مؤتمر حميميم الذي يحضر له الوزير الروسي أو بحسب تعبير بوتين مؤتمر شعوب سوريا الذي أصبح استثماراً سياسياً لروسيا لما حققته عسكرياً على الأرض، ومن خلال التقدم الذي تم في مفاوضات أستانة لجهة إقامة مناطق تخفيف التوتر بمشاركة قوى إقليمية.

ربما يبقى السقف الأقرب إلى حالة السوريين من بين تلك التصريحات والمواقف ما أعلنه المبعوث الأممي من أن لحظة الحقيقة حانت، وجاء وقت الحديث عن الانتقال إلى المسار السياسي لإنهاء الصراع السوري، وأن موعد جولة جنيف القادمة هو في 28 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، ويستند في أقواله تلك على القرار الدولي رقم 2254 وبيان جنيف الذي يؤكد الانتقال السياسي وإجراء انتخابات رئاسية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى