ملفات القضية السورية في الصحف العربية والأجنبية

للاستماع :

ما إن تلوح واشنطن بإمكاناتها الهائلة حتى تهرع موسكو أو طهران إلى تلبية شروطها كما يقول عمر قدور في مقال له في صحيفة الحياة اللندنية. في حين يقول عبد الوهاب بدرخان في صحيفة العرب: إن ثمة جديداً هو أن واشنطن توشك أن تعلن استراتيجية تمهّد لعودتها إلى التعاطي مع الأزمة السورية. وتنشر مجلة نيوزويك تقريراً تقول فيها: إن بشار الأسد لن يتمتع بالشرعية أبداً.

وفي صحيفة الحياة اللندنية كتب عمر قدور: ثمة ميل إلى عدم تثمين التصريحات الروسية والإيرانية الفخورة بإحراز نصر استراتيجي في سوريا، هذا الميل يستند إلى اعتبار ديمومة ذلك النصر رهناً بموافقة القوة الدولية الأعظم.

أما عدم محاولة واشنطن حتى الآن إعاقة النصر فلا يجب النظر إليه باعتباره استراتيجية لتوريط موسكو وطهران في المستنقع السوري، وإذا لم تكن الورطة تتعلق بالشق العسكري فهي مرتبطة بتحمل كلفة بلد منهار وسلطة بحاجة دائمة لمن يمنع سقوطها.

بحسب هذه الفرضية، ما إن تلوّح واشنطن جدياً باستخدام إمكاناتها الهائلة حتى تهرع موسكو أو طهران إلى تلبية شروطها. وغير بعيد عنها، تستأنف نظرية المؤامرة فعلها، ليدلل أصحابها على أن كل ما حدث لإجهاض الثورة السورية أتى بمشيئة أمريكية وأداة إيرانية ثم روسية، بينما خلف المشيئة الأمريكية تقبع الإرادة الإسرائيلية المسيطرة على صانعي القرار.

أيضاً بحسب هذه الفرضية، تُثمَّن الأهمية الاستراتيجية لسورية بأكثر مما هي عليه بالنسبة لواشنطن، أو بأكثر مما بدت عليه بالنسبة لإدارتين متعاقبتين منذ انطلقت الثورة.

في الواقع ليس هناك ما يمنع حلفاء بشار من ترسيخ هيمنتهم في سوريا وتبعاتها في المنطقة، والتعويل على عقلانية موسكو أو طهران لدى بروز جدية أمريكية في التصدي لأيٍّ منهما ينقصه ما تراه موسكو أو طهران من محدودية القدرة الأمريكية على المخاطرة، بينما تمتلكان تصميماً لا تحدّه روادع داخلية. إننا، على فرض جدية العقوبات الحالية واستمرارها، سنكون في انتظار طويل جداً لتجبر موسكو وطهران على تغيير سلوكهما أو انهيار نظاميهما. إلى أن يحين ذلك الموعد، سنكون قد دفعنا الثمن مرتين، مرة جرّاء الانكفاء الأمريكي ومرة أخرى لإقامة توازن قوى لا يستهدف الساعون إليه تقديم جديد في ما يخص حقوق السوريين أو سواهم من أهل المنطقة.

في صحيفة العرب كتب عبد الوهاب بدر خان تحت عنوان “حرب تلد أخرى في سوريا” .. إن استراتيجية روسيا السورية تعاني مشكلة مزدوجة، فهي من جهة لم تكن تملك تصوّراً لنهاية الصراع المسلح ولا لما بعده، إلا أنها توصّلت بعد عامين من التدخّل المباشر إلى خطط تحاول تطبيقها على الأرض، وتحتاج فيها إلى شركاء (أمريكا والأردن وإسرائيل في الجنوب، وتركيا في الشمال، ودول الخليج في خلفية المشهد…)، ومن جهة أخرى تريد استخدام هذه الخطط في مساومات لا علاقة لها بالوضع السوري (مقايضات في أوكرانيا وملفات الدفاع في أوروبا…)، لكن الأطراف الغربية تستبعد مساومات كهذه.

وأضاف أن ثمة جديداً هو أن واشنطن توشك أن تعلن استراتيجية تمهّد لعودتها إلى التعاطي مع الأزمة السورية، والمعروف من عناصرها أنها تدعم حكماً محلياً في مناطق الشمال والجنوب التي لا يسيطر عليها النظام في انتظار بلورة حل سياسي. بل إن أمريكا تسعى إلى «مناطقها» للضغط على روسيا كي تشارك، بشكل أو بآخر، في تحجيم نفوذ إيران وصولاً إلى إخراجها من سوريا. وأقلّ ما يعنيه ذلك أن حرباً في صدد أن تلد حرباً أخرى في سوريا.

صحيفة نيوزويك الأمريكية كتبت تحت عنوان “بشار الأسد لم يتمتع بالشرعية أبداً” ..إذا كانت موافقة المواطنين المفتاح للشرعية السياسية؛ هل يمكن أن يؤيد أتباع بشار الأسد، سواء من السوريين أو الإيرانيين أو الروس، أن النظام الذي تهيمن عليه عائلة الأسد يمكن أن يكون نظاماً حاكماً لديه الشرعية في ذلك؟
وتقول: إن السوريين الذين دعموا نظام بشار، لعدة أسباب، ضد أعدائه على مدى السنوات الست الماضية؛ يعدّون النظام غير شرعي، وهم يدعمون الأسرة تحت ظرف أنهم لا يرون فيها بديلًا قابلاً للتطبيق أو آمناً.
ومع ذلك، ليس لديهم أيّ وهم لتلتمس السلطة موافقتهم في أيّ من قرارت إدارة البلد؛ بل إنّهم يدركون أنّ الدولة السورية لزمرة استبدادية مفترسة، بعضهم يقبلونها لأنهم لم يعرفوا شيئاً آخر منذ 1970، وبعضهم يدعمه لأنهم رأوا كثيراً من معارضة النظام تقع في أيدي القوى الإقليمية التي دعمت بدائل طائفية مروعة.
ولكن، من يستطيع القول بأن جموع المواطنين السوريين يعدّون النظام الذي فرضه بشار لديه الشرعية؟ هل هناك إجماع على أنّ له الحق في حكم سوريا؟ هل يدّعي أيّ سوري أنه تُحقّق من موافقته إزاء هذه المسألة؟  الجواب الواضح تماماً: «لا».

وقالت: سيغادر مواطنون سوريون يعارضون النظام من سوريا بشكل جماعي إذا أتيحت لهم الفرصة لذلك، وعديد منهم بالفعل غادر، وربما سيعود عدد قليل من الستة ملايين المغادرين.

واختتمت «نيوزويك» تقريرها بأنّ موافقة المحكوم أو المواطن هي المعيار الذهبي للشرعية السياسية النظامية، وإذا أرادت سوريا أن تكون أيّ شيء آخر بعيدة عن حكم المتطرفين الطائفيين من جميع المشارب، بما في ذلك الإيرانيون والمجرمون الإقليميون الذين يستغلون الفوضى أسوأ استغلال؛ فإنّ مسألة بطلان الشرعية تأتي في الواجهة والعمق من المسألة السورية ككل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى