ملفات القضية السورية في الصحف العربية

للاستماع

لن يكون هناك انتقال فعليّ إلى الجدّية، إلّا في اليوم الذي يصبح فيه الكلام واضحاً عن أنّ الأسد الابن ونظامه لا يَصلحان سوى لتمرير مرحلة يتركز البحث فيها على إعادة تشكيل بلد كان اسمه “الجمهورية العربية السورية” كما يقول خير الله خير الله في صحيفةِ العرب. وفي صحيفة النهار اللبنانية كتب موسى عاصي حول ما يتمّ تداوله من أن فاروق الشرع سيرأَسُ نوعاً من الحكومة الانتقالية. وفي الحياة اللندنية كتب رائد جبر عن استدعاء بشار الأسد إلى سوتشي مؤخراً.

وفي صحيفة العرب كتب خير الله خير الله تحت عنوان “بوتين ملك سوريا” .. في ظل استسلام أمريكي لا يمكن لروسيا ولا لغير روسيا إبقاء بشّار الأسد في السلطة، هناك شعب سوري يرفض النظام القائم ولا يمكن أن يقبل به بغض النظر عن القوى الدولية والإقليمية التي تحاول تغيير مجرى التاريخ والتحكّم به وفق تمنياتها.

بعد اللقاء بين بوتين والأسد الابن في سوتشي، وبعد القمة الثلاثية الروسية- الإيرانية- التركية، وبعد معركة البوكمال والظروف التي أحاطت بها، يصحّ التساؤل هل استسلمت إدارة دونالد ترامب لبوتين نهائياً وباتت تكتفي بوجود عسكري في إحدى ضفّتي الفرات، أم تحضر لمعركة مقبلة، خاصة أن لدى الأمريكيين 14 قاعدة على الضفة الشرقية للفرات، فضلاً عن قواعد أخرى في أنحاء مختلفة من الشمال السوري.

أثبت فلاديمير بوتين من دون شكّ، أنّه قادر على تغيير المعادلات في سوريا، الدليل على ذلك أن الأسد الابن ما زال في دمشق، إلى أي حدّ سيذهب في لعبته، خاصة إذا تبيّن أن الأمريكيين غير راضين عنها وهم ينظرون بريبة إلى الحلف الروسي- الإيراني- التركي؟

سيتوقّف الكثير على ما إذا كان في الإمكان الحديث عن استسلام أمريكي أمام روسيا أم لا؟

يبدو أنّ الحرب في سوريا ما زالت في بدايتها، على الرغم من أن سيطرة إيران على البوكمال تطورت في غاية الأهمّية، الأمر الوحيد الثابت أن من الباكر الحديث عن إعداد روسي لمرحلة انتقالية يُبحث فيها جدّياً في حلول سياسية.

لن يكون هناك انتقال فعلي إلى الجدّية، إلّا في اليوم الذي يصبح فيه الكلام واضحاً عن أنّ الأسد الابن ونظامه لا يصلحان سوى لتمرير مرحلة يتركز البحث فيها على إعادة تشكيل بلد كان اسمه “الجمهورية العربية السورية”. من المجنون في هذا العالم الذي يتصوّر أن بشّار الأسد يمكن أن يحكم سوريا في مرحلة عودة السلام إليها… هذا إذا عاد السلام يوماً؟

في صحيفة النهار اللبنانية كتب موسى عاصي تحت عنوان “سوتشي يفسح المجال أمام جنيف… هل يقود الشرع المرحلة الانتقالية؟”.. لقد مُنح مسار جنيف هامشاً واسعاً من الحركة بعد الحديث شبه الأكيد عن تجميد “مضاربة” موسكو لجنيف، وتأجيل مؤتمر سوتشي الذي كان مقرراً مطلع كانون الاول المقبل.

‎وبموازاة التحضير لسوتشي، عاد فاروق الشرع، نائب رأس النظام إلى الواجهة خلال اليومين الأخيرين مع الحديث عن دور مهم قد يلعبه الشرع في المرحلة الانتقالية، ويقول معارضون على صلة وثيقة بموسكو: إن الشرع سيرأس المؤتمر الوطني السوري “ما يمنح هذا المؤتمر الكثير من الجدية والمصداقية لحوار عالي المستوى”، ويضع عدد من الشخصيات المعارضة ثقتهم بنائب رأس النظام كونه “بقي على الحياد في الأزمة المستمرة منذ ما يقارب 7 سنوات، ويحظى باحترام لدى معظم الأطياف السورية، وبثقة المجتمع الدولي.

وإذا رأسَ الشرع المؤتمر الروسي فإنه بالتأكيد سيلعب دوراً محورياً في المرحلة الانتقالية السورية، ويجري الحديث لدى الجانب الروسي أن الشرع سيرأسُ نوعاً من الحكومة الانتقالية تطبق ما يتفق عليه السوريون في سوتشي وفي جنيف وأستانة، إلى أن تجري الانتخابات السورية في موعدها أو في موعد يتفق عليه السوريون.

في الحياة اللندنية كتب رائد جبر تحت عنوان “زيارة الأسد والمرحلة الجديدة”.. توقيت ترتيب الزيارة عشية القمة الحاسمة لرؤساء البلدان الضامنة وقف إطلاق النار في سوريا، عكس استعجال موسكو رسم ملامح المرحلة المقبلة التي سيكون عنوانها الأساسي إعلان انتهاء الجزء النشط من العمليات العسكرية في سوريا والانتقال إلى مسار سياسي.

المطلوب من الأسد إعلان موقف واضح يؤيد الترتيبات الروسية لعقد مؤتمر الحوار السوري، ويؤكد الاستعداد للتعامل إيجابياً مع نتائجه، وهذا يوفر لموسكو مساحة أوسع للتأثير في إيران باعتبارها الطرف القادر على وضع عراقيل أمام التوجه الروسي.

في المقابل، لا تمانع موسكو في تقديم ضمانات بتقليص تأثير «اللاعبين الخارجيين» في مسار المفاوضات السورية- السورية، كما أنها ستواصل الضغط لتأجيل طرح ملف مصير الأسد خلال المرحلة الانتقالية.

والاستعجال الروسي لدفع الترتيبات المقبلة على رغم التعقيدات الكبرى التي تواجهها له أسباب داخلية ضاغطة؛ إذ يحتاج الكرملين بشدة وهو يستعد لإطلاق حملة الانتخابات الرئاسية المقبلة إلى إعلان نصر حاسم على الاٍرهاب قبل حلول نهاية العام، وتقديم إنجازات كبرى تسوّغ للناخب الروسي قرار التدخل في سوريا.

لكن العقبات التي تسعى موسكو إلى تجاوزها وهي تضع ترتيبات المرحلة المقبلة، لا تقتصر على ضمان انخراط النظام في المسار المرسوم، إذ يبدو الحفاظ على توازن العلاقات مع الشريكين التركي والإيراني أصعب مهمة، كما أن غياب التنسيق مع واشنطن يزيد من تعقيدات المسار الروسي للتسوية، فضلاً عن غموض الفكرة التي تسعى موسكو إلى تثبيتها حول «تكامل» مسارَي جنيف وسوتشي. بهذا المعنى، فإن الطرف السوري بمكوّنَيه الموالي والمعارض بات أسهل حلقة في المعادلة الروسية مهما بدت هذه العبارة غريبة؛ إذ لم تخفِ روسيا وهي تستقبل الأسد بهذه الطريقة وهذا التوقيت، ارتياحَها لما وصفته: ابتعاد «العناصر المتشدّدة» في المعارضة السورية عن تشكيلة الوفد المفاوض. المعضلة التي تواجه موسكو باتت تقتصر وفقاً لقناعة نخب روسية على آليات إدارة توازنات المرحلة المقبلة مع الأطراف الإقليمية والدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى