ملفات القضية السورية في الصحف العربية والأجنبية

للاستماع

عواصم ـ وكالات

تدخل الولايات المتحدة إلى عقر دار روسيا وإيران، وهنا بيت القصيد كما يقول محمد قواص في الحياة اللندنية، ويضيف أن واشنطن لم تعد تغضّ الطرف عن الرعاية الكاملة لخطط سيّد الكرملين في سوريا. وفي الجريدة الكويتية يكتب صالح القلاب: إنّ الحلّ في سوريا هو أن يخرج الإيرانيون من سوريا، وأيضاً أن يخرج بشار الأسد من دمشق. وتنشر الغارديان البريطانية من جانبها تحت عنوان “إذا لم تنته الحرب السورية فسيصبح البلد بلا سكان وساحة حرب للمتنازعين”.

وفي الحياة اللندنية كتب محمد قواص تحت عنوان “واشنطن في سوريا: فتش عن إيران”.. حين يصبح «مكتوباً» على الولايات المتحدة وروسيا أن تتعايشا في ميدان عمليات واحد، كما الحال في سوريا، فسيكون على بقية الأطراف الإقليمية أن تتحسس رؤوسها. يطلق وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون استراتيجية بلاده الجديدة في سوريا، لكنه من داخل النص يقرأ السمات المتقدمة لسياسة بلاده الجديدة في الشرق الأوسط.

ووفق ما قدّمه وزير الدفاع جيمس ماتيس مكملاً ما نفخ به زميله تيلرسون، فإن واشنطن تعود إلى المواجهة لوقف صعود صيني بات مقلقاً ولكبح جماح روسيا التي زيّنت سوريا لها أمر ارتقائها نحو قمة العالم. يكشف رجال الدبلوماسية والدفاع في الولايات المتحدة أن ذلك النأي الذي مارسته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما عن الانخراط الفعلي والفاعل في أزمة سوريا، أتاح تقدماً لبكين وموسكو، وأن العودة إلى سوريا هي الفيصل في استعادة زمام أمور زعامة الولايات المتحدة على العالم أجمع.

تدخل الولايات المتحدة إلى «عقـر دار» روسيا وإيران، وهنا بيـت القصيد، أسقطت واشنطن عقد الشراكة الملتبس الذي أبرم بين أوباما وفلاديمير بوتين، لم تكن شراكةً بالمعنى الدقيق، بل كانت غضّ طرف أمريكي يشبه الرعاية الكاملة لخطط سيّد الكرملين في هذا البلـد. تمّ تقاسم الأدوار بين الدولتين، بحيث يبقى التنافر تقليدياً حول أوكرانيا على أن يكون تواطؤاً كاملاً في سوريا. أوفى بوتين بقسطه من العقـد، بأن أشرف على سحب سلاح النظام الكيميائي (الذي ثبت لاحقاً أنه لم يسحب) وسهر على صيانة أمن إسرائيل في سوريا، وراحت آلته العسكرية تحرق وتدمر على نحو لا تريد المنظومة الغربية التورط فيه، وسعى بدأب إلى صناعة حلّ سوريّ يقي الغرب إرهاباً ومهاجرين.

قد تستفز سياسة واشنطن الجديدة في سوريا الجميع، روسيا وتركيا وإيران. لكنّ روسيا لن تصطدم مع واشنطن وكذلك لن تفعل تركيا، على رغم الصخب العسكريّ حول عفرين. فبين تلك البلدان حسابات دقيقة التي لا تتيح أن يتحوّل تناقض المصالح إلى مواجهة ميدانية. تعرف واشنطن ذلك، وهي في مقاربتها الهجومية تجذب الشركاء-الخصوم إلى تموضع آخر يفضي إلى توازنات جديدة. في المقابل، فإن طهران هي الوحيدة التي لها مصلحة في تقويض الوجود الأمريكي في سوريا كما فعلت سابقاً في العراق وأفغانستان.

في الجريدة الكويتية يكتب صالح القلاب تحت عنوان “اقتراح ماكرون!”.. لأن الأوضاع في سوريا وصلت إلى كل هذه المستويات من التداخل والتعقيد، ولأن مهرجان “سوتشي”، الذي من المفترض أن ينعقد في الثلاثين من هذا الشهر، سيكون مصيره كمصير اجتماعات جنيف واجتماعات “أستانة”؛ فإنه لابد من تفاهم المعنيين الفاعلين على صيغة جديدة، وفرضها على الأطراف المعنية، لا بالحوار والدبلوماسية الناعمة، ولكن بالقوة “الغاشمة”، وهذه “المفردة” الأخيرة كان قد استخدمها بشار الأسد في غير مكانها أكثر من مرة.

وهكذا، فإن على الروس، الذين (كما هو واضح) يريدون استعادة وضعية العالم المتعدد الأقطاب، واستعادة صراع المعسكرات والحرب الباردة؛ أن يدركوا أن هناك في واشنطن ذئاباً متحفزة، وأن أيّ خطأ ترتكبه موسكو في سوريا والشرق الأوسط أو في أوكرانيا وجمهوريات البلطيق أو في أوروبا الشرقية، سيؤدي إلى مواجهة ساخنة بالتأكيد، وهذه مغامرة لا يجوز دفع الأمور إليها، حتى وإن اقتضى الأمر أن تكون هناك تنازلات متبادلة.

وهنا فإن الشرط الوحيد، هو أن يخرج الإيرانيون من سوريا، وأيضاً أن يخرج بشار الأسد من دمشق، لحساب نظام تعددي وديمقراطي تشارك فيه جميع مكونات الشعب السوري العرقية والمذهبية… وأيضاً الحزبية!

ونشرت الغارديان البريطانية تقريراً تحت عنوان “إذا لم تنته الحرب السورية فسيصبح البلد بلا سكان وساحة حرب للمتنازعين”.

وقالت الغارديان: إنّ الأوضاع داخل الأراضي السورية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وأصبحت الأطراف الفاعلة هناك كثيرةً للغاية، وهو ما ساهم في تعقيد الأمور للغاية، والضحية الوحيدة الشعب السوري، الذي قتل منه حتى الآن أكثر من نصف مليون شخص ونزح الملايين الآخرون؛ محذّرةً من أن استمرار الأوضاع كما هي عليه حالياً سيفضي في النهاية إلى وجود سوريا من دون مواطنين، بل دول تحارب بعضها بعضاً على مناطق النفوذ والمزايا الاستراتيجية فقط.

وأكّدت الصحيفة، أنه لا يمكن وصف ما يجري هناك بأنه «حرب أهلية»، بل ساحة معركة دولية تشارك فيها قوًى عظمى وجيران إقليميون وقوًى عراقية وفرق دينية وفرق وطنية، والجميع ضد بعضهم بعضًا؛ في سعي كل منهم إلى فرض النفوذ والتأثير الاستراتيجي في الأرض والسلطة.

وبعد كشف النقاب عن خطط المشاركة الأمريكية العميقة في سوريا ورغبتها في الوجود الدائم هناك من أجل حماية مصالحها، أوشكت الحرب على الدخول في مرحلة جديدة، بعدما خلّفت حتى الآن ما يفوق النصف مليون إنسان، وأكثر من خمسة ملايين وأربعمئة ألف لاجئ وستة ملايين ومئة ألف نازح داخلياً، ويزيد الأمر سوءاً يوماً بعد يوم من دون أي بوادر لتحسّن الأوضاع.

وأفضل ما يمكن فعله حالياً البدء باتخاذ خطوات إصلاحية لمعالجة الانقسام الذي مزّق سوريا، وإذا لم تتغير الديناميكية التي تتعامل بها الدول جميعها على الأراضي السورية فالوضع سيزداد سوءاً أكثر فأكثر، ومن الممكن أن تتحوّل سوريا في وقت من الأوقات إلى منطقة غير مأهولة بالسكان، بل بجيوش دول تحارب بعضها بعضاً؛ سواء السعودية أو تركيا أو قطر أو تنظيم القاعدة أو روسيا أو إيران وبشار وأردوغان والأكراد وغيرهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى