قضية القتلى من المرتزقة الروس في سوريا تتفاعل وانتقادات من سياسيين وذويهم لبوتين

موسكو ـ راديو الكل

أكدت مصادر صحفية، أن المرتزقة الروس في سوريا الذين يتم تجنيدهم من خلال شركة فاغنر المرتبطة بالكرملين يقتلون ويدفنون بصمت ومن دون ضجيج إعلامي خاصةً أنهم يتعهدون بعدم مطالبة الدولة بأية حقوق؛ إذ إنّ هدفهم الوحيد هو الحصول على أجر مقابل القتل، في وقت يتعرض فيه الرئيس الروسي لانتقادات بعد الكشف عن مقتل أكثر من 200 من هؤلاء مؤخراً.

وتحدثت مصادر صحفية وناجون، عن أن 300 من المرتزقة الروس الذين يعملون لمصلحة شركة التعاقدات الأمنية «فاغنر»، وهي شركة غامضة مرتبطة بالكرملين قتلوا أو أصيبوا في 7 الشهر الجاري في غارات شنّتها الولايات المتحدة على ميلشيات تعمل لمصلحة النظام حاولت الهجوم على مواقع لقوات سوريا الديمقراطية -التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري- في دير الزور.

ولايزال العدد غير واضح إلا أن صورة بدأت تتشكل من الذين يعتقد أنهم ماتوا، حيث كان بعضهم من المقاتلين المتمرسين في الحرب الروسية في شرقي أوكرانيا سافروا إلى سوريا للحصول على المال.

وقالت فالنتينا برديشوفا: إن أكبر أبنائها ويدعى ألكسندر بوتابوف و 5 رجال آخرين غادروا البلاد للقتال في سوريا كمتعاقدين عسكريين في تشرين الأول، مضيفة أنها لا تعرف شيئاً عن مكان ابنها.

وأضافت لـ”رويترز”: “إنهم هناك بصورة غير قانونية، الحكومة تنصّلت منهم، حتى بوتين يقول: إن جنودنا ليسوا هناك”.

وتحدثت صحيفة الغارديان في تقرير تحت عنوان «يدفنون بصمت ويتم نسيانهم» من إعداد مراسلها في موسكو مارك بينتس. وجاء فيه: إن إيغور كوستوروف لم يكن يخدم في الجيش الروسي ولكنّ أقارب صاحب البقالة السابق البالغ من العمر 45 عاماً يعتقدون أنه كان من بين مواطنين روس قتلوا هذا الشهر بغارة جوية قام بها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قرب دير الزور، الغنية بالنفط شرقيّ سوريا.

وبعد تردد ونفي في البداية اعترفت وزارة الخارجية الروسية يوم الخميس بأنّ خمسةً من مواطنيها ربما كانوا من بين القتلى في العملية إلى جانب قوات موالية لنظام بشار الأسد.

وتقول مصادر مطلعة: إن شركة فاغنر لتجنيد المرتزقة في سوريا تدفع 5 ملايين روبل ما يعادل 80 ألف دولار بحالة الوفاة للمرتزق، و 500 ألف روبل ما يعادل 8000 دولار في حالة الإصابة.

وفي عام 2012 وجّه سؤال إلى فلاديمير بوتين في مجلس الدوما عن إمكانية استخدام الشركات العسكرية الروسية الخاصة باعتبارها واحدةً من أدوات النفوذ في الخارج. فأجاب: “أنا أفهم سؤالك، وأعتقد أن هذا هو في الواقع أداة لتحقيق المصالح الوطنية”، وبعد ذلك بعامين احتلت روسيا جزيرة القرم الأوكرانية من دون مشاركة مباشرة من الجيش الروسي والدولة .

ويسوّق الإعلام الروسي لفكرة محاربة الإرهاب للتغطية على عمليات تجنيد المرتزقة، في حين تبقى الأزمات الاقتصادية والغلاء المعيشيّ الخانق الذي يعيشه المواطن الروسي بسبب الحصار الغربي على الاقتصاد الروسي هو الدافع الرئيس للانخراط في شركات القتل الخاصة.

وأشارت مجلة أتلانتك في تقرير لها، إلى أن بوتين لا يشعر بالراحة الآن، فقد شعر الروس بشحنة من الوطنية عندما علموا أن قائد المقاتلة التي سقطت في إدلب “رومان فيلبوف” قضى آخر لحظاته، وهو يتبادل إطلاق النار مع مقاتلي داعش قبل أن يفجّر نفسه بدلاً من الوقوع في الأسر، لكنّ هذه الحرب ليست عزيزةً على الروس ولا تحظى بدعم شعبي واسع، وتسامحهم معها مرتبط بعدم سقوط ضحايا أو قلة الكلفة المالية.

ومن هنا قادت محاولة موسكو إخفاء الثمن الحقيقيّ للحرب إلى تشكيل شركة التعهدات الأمنية «فاغنر». وهي وإن كانت مسجلةً بوصفها شركةً أجنبيةً خاصة، إلا أنها تظل شركةً روسية التمويل والإدارة والأفراد. وهي شركة أنشئت لتقديم الدعم في جبهات القتال خاصة أن الدعم الروسي منحصر في القوة الجوية والمدفعية والمساعدات الأمنية الخلفية. وعليه فليست هناك حاجة لتسجيل وفيات «فاغنر» أو تنظيم جنازات رسمية لقتلاها.

ومن خلال اعتماده على المرتزقة فمن غير الواضح إلى متى سيظل بوتين قادراً على الحفاظ على «حربه النظيفة». فقد قتل من شركة «فاغنر» منذ 2015 حتى العام الماضي ما بين 200 – 300 مقاتل، وأصبحت هذه الأرقام مختلفةً بعد حادث دير الزور ومعروفةً للرأي العام، والسؤال هل سيتمكن بوتين من تجنب ردة فعل سلبية؟

القوميون الروس يطالبون بنوع من الرد على الهجوم الأمريكي والانتقام لقتلاهم، وهو آخر شيء يريده بوتين. فبعد أن بنى لنفسه صورة بطل روسي مفتول العضلات يجد نفسه الآن أمام انتقادات ليس من الليبراليين ولكن من القوميين الذين يرون أنه لم يحقق وعوده. ومن هنا هل هناك نهاية في الأفق. فرغم إعلان بوتين في كانون الأول (ديسمبر) الماضي أن الحرب قد انتهت فإنها في الحقيقة أصبحت معقدة. وعلى ما يبدو لا يرغب بأي شيء يثير قلق الرأي العامّ الروسي قبل الانتخابات الرئاسية في الشهر المقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى