ملفات القضية السورية في الصحف العربية والأجنبية

للاستماع:

جميع القوى الإقليمية والدولية المتدخلة في الشأن السوري تهدد وتتوعد بالحرب، ولكنها تحرص عملياً على تجنبها كما يقول أكرم البني في صحيفة الحياة اللندنية. وفي صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا مقال حول زيارة وزير الخارجية الأمريكي الأخيرة إلى تركيا، وأنها تأتي في ظروف سيئة للغاية بالنظر إلى العلاقات الثنائية بين الجانبين.  وفي موقع مركز جيوبو ليتيكال فيوتشرز يتوقع المحلل السياسي الأمريكي “جاكوب شابيرو” صداماً قادماً بين أنقرة وطهران.

وفي الحياة اللندنية كتب أكرم البني تحت عنوان “حرب معلنة لا يريد أطرافها أن تندلع”.. اللافت أن الرأي العام كان محقاً في استبعاد نشوب حرب إقليمية بعد الغارات الإسرائيلية على مواقع عسكرية في العمق السوري تعود غالبيتها للقوات الإيرانية، ولم يخدعه إسقاط طائرة إسرائيلية أو عبارات التهديد والوعيد التي عادة ما يطلقها قادة تل أبيب وطهران ضد بعضهما بعضاً.

وإذا استبعدنا نظرية المؤامرة التي يعتقد أصحابها بأن ما جرى مجرد مسرحية وزّعت أدوارها جيداً لتسويغ ما بات يعرف بصفقة القرن، أو لتلميع وجه أنظمة الممانعة التي لم تعد تشكل خطراً جدياً على دولة إسرائيل، فثمة عامل جديد لا يصح اليوم إغفاله وقد ساهم في تثبيط تلك المواجهة العسكرية وتخميد تداعياتها، وهو دور موســكو المتصاعد في تقرير شؤون المنطقة، والتي ما أن أطلقت صفارة النهاية حتى امتثل جميع الأطراف لمطلب التهدئة ووقف التصعيد.

الجميع يهدد ويتوعد بالحرب، ولكنّ الجميع يحرص عملياً على تجنبها، ليصح تفسير تصعيد طهران الأخير والتي طالما اكتفت بـ «أضعف الإيمان» رداً على ضربات إسرائيلية أكثر إيلاماً، بأنه محاولة لحفظ ماء الوجه ضد استباحة إسرائيلية طالت زمنياً وطاولت الكثير من مواقعها ومراكز حلفائها، أو في أحسن الأحوال كخيار اضطراري باتت الحاجة لتوظيفه تعبوياً وإعلامياً ملحة، إن لترميم مكانتها ومكانة محور الممانعة، وإن لشــحذ الهمم للمضي قدماً بخططها التوسعية، وإن لكسب نقاط تخفف من شدة أزماتها ومن مسؤوليتها عن تفاقم الاحتقانات والصراعات الطائفية والمذهبية وما آلت إليه أوضاع المنطقة من خراب.

وفي صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا وتحت عنوان “تركيا تمنح تيلرسون الفرصة الأخيرة” كتب إيغور سوبوتين أن أنقرة لا تنوي الاحتفاء بالسياسة الأمريكية في سوريا، ولا التراجع قيد أنملة عن سياساتها ضد الأكراد.

وأضاف: لا يبدو أن الحديث بين الولايات المتحدة وتركيا حول سوريا أمر بسيط. فزيارة تيلرسون إلى أنقرة تأتي في وقت سيئ للغاية بالنسبة لعلاقات الشريكين في حلف شمال الأطلسي.

وتحاول القيادة الأمريكية أن تتصرف بمزيد من التحفظ. فخلال اجتماعه مع وزير الدفاع التركي، نور الدين جانيكلي، على هامش اجتماع وزراء دفاع الناتو في بروكسل، أكد جيمس ماتيس (وزير الدفاع الأمريكي) أن واشنطن تدرك التهديد الذي يمثله حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا ومستعدة لدعم أنقرة في حربها ضده.

وقال الكاتب: إن القيادة الأمريكية، بدورها، تريد الحدّ من طموحات أنقرة، من دون أن تضعف أهمّ شريك لها في الحرب ضد تنظيم داعش، مشيراً إلى أن الأمريكيين بحاجة إلى مزيد من إثبات عزمهم على دعم قوات سوريا الديمقراطية، ولذلك فهم لا يستطيعون تسليم منبج ببساطة. لأن في ذلك فقداناً لماء الوجه.

وفي موقع مركز جيوبوليتيكال فيوتشرز يقول المحلل السياسي الأمريكي، جاكوب شابيرو: إن الصدام قادم بين أنقرة وطهران ولهذه الأسباب تهاجم إيران غصن الزيتون.

وقال المحلل السياسي: إن الشراكة التركية الإيرانية لن تستمر في هذا العام، مشيراً إلى أن الانتقادات الإيرانية للعملية العسكرية التركية ترجع إلى أنها مكّنت أنقرة من التواصل مع جماعات المعارضة المسلحة المعزولة، ولأنها وضعت تركيا أيضاً في موقع أفضل للوصول إلى حلب مباشرة.

وقال شابيرو: إن البلدين بدآ هذا المسار التصادمي بعد أن دعمت إيران وروسيا عدوان نظام بشار الأسد، على محافظة إدلب، وهي إحدى مناطق خفض التصعيد التي يفترض أن تكون تركيا مسؤولةً عن أمنها. وقد أجبر هذا العدوان، ولا مبالاة النظام السوري في الرد على الاعتراضات التركية، القوات التركية على التحرك وأدت إلى شن العملية العسكرية التركية على عفرين التي تحقق تقدماً مستمراً، حتى أن تركيا كانت تحاول تنصيب نقطة عسكرية في جنوب غربيّ حلب منذ أكثر من أسبوع.

وختم المحلل الأمريكي بأن الصدام المتوقّع قد لا يكون نتيجةً نهائية، حيث ما يزال من الممكن لتركيا أن تتراجع، أو أن تتوصل على الأقل إلى صيغة حول رسم حدود مؤقتة ترضي مصالح جميع الأطراف، إذا تم الوصول إلى اتفاقية عملية مع الأسد وإيران.

واستدرك شابيرو بالقول: إن هذا النوع من العمليات العسكرية، التي ما زالت قيد التنفيذ، بدأت تدخل في زخمها الخاص. كل ما يتطلبه الأمر هو أن يقع أحد الأطراف في خطأ شنّ هجمة صغيرة تتحول إلى معركة كبيرة يصعب التراجع عنها. كان توقعنا هو أن 2018 لن تكون هي السنة التي ستصطدم بها تركيا وإيران مع بعضهما بعضاً، لقد توقعنا هذه الشراكة، ولكن من الصعب أن تستمرّ إلى نهاية العام. وقد وضع هذا التوقع الآن موضع الاختبار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى