ملفات القضية السورية في الصحف العربية والأجنبية

للاستماع

عواصم ـ وكالات

لا تستطيع روسيا احتمال الفشل في سوريا وقد ألقت بكل أوراق هيبتها هناك، فالفشل يعني فشل مشروع الثأر الكبير الذي حمله فلاديمير بوتين إلى الكرملين وأخفاه في البداية تحت ابتسامته بانتظار التوقيت الملائم للتنفيذ كما يقول غسان شربل في الشرق الأوسط. وفي العربي الجديد كتب محمد أبو رمان: إن ما يحدث في الغوطة بمنزلة مرحلة جديدة تعكس التعقيدات الدولية والإقليمية التي أصبحت سوريا مختبرها الأول في المنطقة. ومن جانبها قالت صحيفة “الغارديان”: إن الوحشية انتصرت في سوريا.

وفي الشرق الأوسط كتب غسان شربل تحت عنوان “بالحبر السوري الأحمر”.. لا تستطيع روسيا احتمال الفشل في سوريا وقد ألقت بكل أوراق هيبتها هناك. الفشل يعني فشل مشروع الثأر الكبير الذي حمله فلاديمير بوتين إلى الكرملين وأخفاه في البداية تحت ابتسامته بانتظار التوقيت الملائم للتنفيذ. الثأر من القوى التي دفعت الاتحاد السوفياتي إلى متاحف التاريخ، ومن عالم القوة العظمى الوحيدة، ومن تحريك حلف الأطلسي بيادقه قرب حدود الاتحاد الروسي، ومن الثورات الملوّنة، والمجتمع المدني، وكلّ أشكال القوة الناعمة التي لا تحتاج إذناً لعبور الحدود.

لا تستطيع روسيا احتمال الهزيمة على الملعب السوري. الأمر يتعلق بموقعها، وهيبة جيشها، وقدرة دبلوماسيتها، وصورتها كحليف موثوق يمكن الاتكال عليه في الشدائد. الفشل يعني انهيار حلم استعادة الموقع وإرغام أمريكا على التعامل بندّية مع البلاد التي خرجت مجروحةً من الركام السوفياتي.

إن ما يجري على أرض سوريا هو أكبر من سوريا، وإن مجريات المأساة المتمادية تحمل في طياتها تشكّل ملامح نظام دوليّ جديد يعيد للقوة مكانها البارز في العلاقات الدولية، ويقدم مصلحة الاستقرار على حسابات التغيير والديمقراطية وحقوق الإنسان وتطلعات المجتمع المدني. يلاحظ الدبلوماسي تراجع منظومة الأمم المتحدة، وتراجع القيادة الغربية للعالم، وتراجع دور مجموعات الضغط الشعبية وتأثير المظاهرات والإعلام. يعتقد أن سوريا قد تكون منطلقاً لتبلور نظام إقليميّ جديد. ويعتبر أن المأساة هي أن هذه الملامح ترسم بدم المدنيين السوريين. ملامح جديدة تكتب بالحبر السوري الأحمر.

في العربي الجديد كتب محمد أبو رمان تحت عنوان “مذبحة الغوطة.. ماذا بعد؟”.. تتجاوز غارات طيران النظام البربرية في الغوطة الشرقية محاولةً تغيير موازين القوى هناك، وإنهاء وجود الفصائل المسلّحة، إلى تغيير قواعد الصراع في سوريا بأسرها من جهة، وإلى تحولات في واقع الحرب السورية الداخلية ومواقف القوى الدولية والإقليمية من جهة ثانية.

بالفعل، ما يحدث في الغوطة بمنزلة محاولة استنساخ لما حدث في حلب، نهاية 2016، ليس من الناحية العسكرية، بل من الناحية الاستراتيجية، أي بوصفها منعطفاً آخر في الصراع السوري الداخلي، بعدما تحوّلت أولويات الدول ومواقفها، وحدثت استدارات عديدة، من أهمها في ذلك الوقت التحوّل في الموقف التركي، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة (يوليو/ تموز 2016)، والتقارب الروسي- التركي الذي كان إنهاء معركة حلب بمنزلة ترجمة سورية له.

يبدو هذا السيناريو واقعياً، لولا أنّ النظام السوري (يحظى بدعم روسي- إيراني) في مذابح الغوطة الحالية يستخدم الاستراتيجية العسكرية الروسية (الأرض المحروقة) ما يخلّف كوارث إنسانيةً كبرى، قد يؤدي، في الحدّ الأدنى، إلى ردود فعل دولية إنسانية وقانونية لوقف المذبحة (مثل جهود وقف إطلاق النار نهائياً)، ولولا أنّ هنالك وجوداً مسلّحاً قوياً ما يزال لـ “جيش الإسلام” و”فيلق الرحمن” والفصائل الأخرى التي لا تجد أمامها خيارات بديلةً عن الغوطة الشرقية، كما كان عليه الحال في حلب، عندما انتقل المقاتلون منها إلى الأرياف الشمالية المحيطة. فالمخرج الوحيد لآلاف المقاتلين في الغوطة، وأغلبهم من سكان دمشق وأريافها أصلاً، هي درعا، ومعادلة درعا، كما هو معروف، مختلفة، ليست كمعادلات الشمال، فهي مرتبطة بنفوذ أردني – أمريكي من جهة، وباتفاقيات مع الروس من جهة أخرى. لذلك سيكون هنالك رفض كامل إقليميّ ومحليّ لانتقال المقاتلين إلى درعا.

ما يحدث في الغوطة بمنزلة مرحلة جديدة تعكس التعقيدات الدولية والإقليمية التي أصبحت سوريا مختبرها الأول في المنطقة.

من جانبها قالت صحيفة “الغارديان” في مقال تحت عنوان “سوريا ليست مغلقةً بإحكام عن جيرانها أو عن أوروبا.. ماذا تعني؟!”..  إن الوحشية انتصرت في سوريا، لأن القوى الدولية تخشى من مواجهة القوة بالقوة، وذلك في إشارة إلى المجازر التي يرتكبها النظام مع حلفائه من الروس، بحق أهالي الغوطة الشرقية التي تتعرض لقصف وحشي، منذ أكثر من أسبوع.

وبحسب الصحيفة، فإن أعداد الضحايا المتزايدة في الغوطة وما قبلها، لن تجعل حلفاء “الأسد” بالتأكيد يعيدون النظر في دعمهم له.

وقالت الصحيفة: منذ بدء الحرب في عام 2011، استخدمت موسكو حقّ النقض (الفيتو) ضد 11 مشروع قرار حول سوريا، وفي الوقت الذي تتحمل فيه روسيا بوصفها عضواً دائماً في مجلس الأمن، مسؤوليةً خاصةً في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، قامت بدلاً من ذلك بحماية (الأسد) من عواقب أفعاله، ومن ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية داخل سوريا، وشاركت قواتها بنشاط في الهجمات على المستشفيات وغيرها من جرائم الحرب، وقد وثّقت هذه الفظائع توثيقاً جيداً.

وسخرت الصحيفة من طريقة استجابة الدول الغربية للأهوال في سوريا، بأنها هي نفسها دائماً تشجب وتدين ما حدث، وتناشد من أجل وضع حدّ للعنف!!

وتابعت: “في العامين الأوّلين من الصراع بلغ متوسط بيانات الاتحاد الأوروبي ما يقرب من بيان واحد في الأسبوع، ثم أصبحت البيانات أقلّ تواتراً، ولكن لم تكن أكثر فعالية.

ودعت الصحيفة القادة الغربيين للتفكير في مصالحهم الخاصة إذا حقق النظام وحلفاؤه النصر، وأن عليهم مجابهة القوة بالقوة، إن كان “الحلّ السياسي” الوحيد في سوريا هو إعادة فرض حكم (الأسد) الاستبدادي في جميع أنحاء البلاد، فإن سوريا ليست مغلقةً بإحكام عن جيرانها أو عن أوروبا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى