زيارة الأسد الثالثة إلى روسيا يغلب عليها صورة لقاء بوتين له في قاعدة حميميم

خاص – راديو الكل

على الرغم من إعطاء روسيا زيارة بشار الأسد الأخيرة صفة زيارة عمل رسمية، فإنها لم تختلف كثيراً عن الزيارات السابقة فهو قد دخل وحيداً ليستقبله بوتين عند المدخل كذلك جلس أيضاً وحيداً داخل القاعة ومقابله فلاديمير بوتين وإلى جانبه وزيرا خارجيته ودفاعه سيرغي لافروف وسيرغي شويغو، وممثله الخاصّ في “التسوية السورية” ألكسندر لافرنتيف.

والزيارة الثالثة أحيطت كما سابقاتها بترتيبات تم تحضيرها على عجل بالتكتم، حيث تم نقل الأسد على متن طائرة عسكرية روسية، وحيداً من دون مرافقين عدا مترجم انشغل أمام كاميرات الصحفيين بكتابة محضر اللقاء.

الزيارة جاءت في ظل ظروف محلية وإقليمية مختلفة عن الزيارة السابقة، فالدول الغربية صعّدت مواقفها إزاء النظام سياسياً وعسكرياً من خلال الضربة الثلاثية على مواقع الأسلحة الكيميائية، وكذلك من خلال قيام إسرائيل بمواصلة غاراتها على مواقع إيرانية في سوريا، في حين أن النظام حقق بمساعدة روسيا تقدماً في مناطق متعددة من البلاد.

وتفسيراً لما نقل عن بوتين من قوله للأسد حول إنجازات جيش النظام قالت صحيفة فيزغلياد المحسوبة على الكرملين: إن تحليل الوضع القائم يشير إلى أن النظام وعلى الرغم من نجاحاته العسكرية، لا يزال ضعيفاً كما في السابق، وأنّ أيامه معدودة من دون مساعدة روسيا؛ إذ إنّ الميلشيات الإيرانية سيتعين عليها أن تقاتل بالإضافة إلى السوريين قوى التحالف الغربي وإسرائيل أيضاً.

ولم تتدخل روسيا لمواجهة القوى الغربية الثلاثية، في حين قالت فرنسا: إنها أبلغتها قبيل تنفيذها وكذلك لم تتدخل روسيا لمواجهة الغارات الإسرائيلية المتكررة على مواقع إيرانية كان آخرها الليلة الماضية في كلّ من دير الزور وريف دمشق، وأيضاً تحدثت الأنباء عن اتفاق بهذا الشأن بين روسيا وإسرائيل التي توجّه إليها أصابع الاتهام بتنفيذ مثل تلك الغارات.

روسيا بالمقابل أرادت إبلاغ الأسد بحسب مصادر مطلعة، بالتركيز على العملية السياسية، في حين أنّ الإعلام الروسي يتحدث عن حرب عالمية ثالثة إذا لم يتم حلّ القضية السورية، وكذلك تحدث الرئيس الروسي عن ضرورة خروج القوات الأجنبية من سوريا، ما فسّر على أنه موجّه خصوصاً إلى إيران وميلشياتها.

وتضيف المصادر، أنّ من بين أبرز أسباب استدعاء بوتين لبشار الأسد إبلاغه بعدم رغبته في وجود إيرانيّ قويّ في سوريا، وإن تركيز الرئيس الروسي في هذه الفترة على الحل السياسي كشف عن تباين في الرؤية بين الجانبين “روسيا وإيران”؛ إذ إن الإيرانيين مستمرون في العمل على دفع النظام ودعمه لمواصلة الحلّ العسكري.

وفي تلميح إلى أن هدف زيارة الأسد هو دفع النظام لإعلان تأييده العملية السياسية قال الناطق الرئاسيّ الروسي ديمتري بيسكوف: إن النتيجة بالغة الأهمية وتكمن في توجيه الأسد وفداً من ممثليه إلى الأمم المتحدة لتشكيل اللجنة الدستورية، المعنية بالعمل على صياغة القانون الأساسي في سوريا على أساس عملية جنيف.

وتؤكد روسيا استمرار وجود قواتها إلى أمد بعيد وغير محدّد؛ إذ إنّ مهمتها بحسب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لم تنته، مبيّناً على وجه الخصوص أن “المركز الروسيّ لمصالحة الأطراف المتناحرة، ينشط بتشكيلته الكاملة، ويواصل خدماته، كما تعمل قاعدتان للقوات المسلحة الروسية، وهما مطار حميميم ومركز الدعم الماديّ التّقنيّ للأسطول الحربي الروسي في طرطوس “.

وتتحدث المصادر، عن أن هذا الوجود من شأنه أن يكون أحد دوافع روسيا في السير في الحلّ السياسي الآن ضمن شروطها التي لخّصتها في تشكيل لجنة دستورية بعيداً عن الحديث عن انتقال سياسيّ وبيان جنيف، وفي ظل بقاء بشار الأسد الذي يعطي وجوده شرعيةً قانونية بحكم استمرار دول العالم بحكمه.

وتقول المصادر: إن الزيارات الثلاث للأسد إلى روسيا -والتي هي بمنزلة استدعاء لإبلاغه رسائل علنية- شكّلت منعطفات في مراحل الحرب في سوريا وممكن أن تكون صورتها هي ما عكسه اللقاء الرابع بين بوتين والأسد في قاعدة حميميم الروسية نهاية العام الماضي، وترافق مع أجواء تعمّد الجانب الروسي فيها أن يظهر بأنه هو الحاكم في سوريا وأن بشار الأسد ليس سوى تابع لها في هذه البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى