ملفات القضية السورية في الصحف العربية والأجنبية

للاستماع..

عواصم ـ راديو الكل

صحيح أنّ بشّار انتصر، إلا أنّه لم ينتصر بقوّته الذاتيّة. لقد تدخّلت قوى هائلة، إقليميّة ودوليّة، لجعله ينتصر، كما يقول حازم صاغيّة في الحياة اللندنية. وفي المدن كتب مهند الحاج علي مقالاً تحت عنوان “اللاجئ الكهربائيّ السوري” تحدث فيه عن تحميل اللاجئين السوريين في لبنان مسؤولية ضعف التغذية الكهربائية. ونشرت مجلة “ذا أتلانتك” مقالةً تحت عنوان “هكذا ساعد العالم (الدكتاتور) في الحرب السورية.

وفي الحياة اللندنية كتب حازم صاغية تحت عنوان “إعجازا السلالة الأسديّة”.. في الفترة المقبلة، والمقبلة سريعاً، سوف نقرأ أو نسمع تنويعات كثيرة على المحاضرة التي ألقاها الشيخ محمّد عبد الستّار السيّد، وزير الأوقاف حول ضوابط وقواعد تفسير القرآن الكريم تفسيراً معاصراً وفق المرتكزات الفكريّة لبشّار الأسد في الإصلاح الدينيّ.

الشيء المهمّ هنا، وهو الجديد نسبيّاً، هو تجديد ذاك الميل الذي قطعته سنوات الثورة ثمّ الحرب الأهليّة وهو إسباغ الإعجاز على السلالة الأسديّة، ثم تمليكها «مرتكزات» فكريّة أو سياسيّة لا يحلم الآخرون، كلّ الآخرين، بامتلاكها.

لكن لنلاحظ أنّ الإعجاز الأسديّ مرّ بطورين وانطوى على معنيين: مع حافظ خصوصاً، وقبل الثورة عموماً، كان واحداً من التعابير المضخّمة لعبادة الشخصيّة التي تستعرضها، بقدر ما تستدعيها، سلطة بالغة العتوّ والفيضان. هذا سبق أن رأيناه في الصفات الخارقة التي نسبت لستالين وماو تسي تونغ وكيم إيل سونغ وصدّام حسين، وهم يتربّعون في ذروة البأس والتمكّن.

مع بشّار خصوصاً، وبعد الثورة عموماً، بات الإعجاز تمكيناً يعوّض نقص التمكّن، صحيح أنّ بشّار انتصر، إلا أنّه لم ينتصر بقوّته الذاتيّة. لقد تدخّلت قوًى هائلة، إقليميّة ودوليّة، لجعله ينتصر. إذاً الإعجاز مطلوب بوصفه الأداة التي تجعل الخيال، لا الواقع، مسرح الفعل. إنّه إعلان عجز لا إعلان قدرة. وفي أنظمة كهذه تقوم على الهيبة المفروضة بالقوّة، سيكون صعباً التعامل بجدّ مع تلك الهيبة بعد كلّ الوحل الذي لطّخت به أسماءً وصوراً وتماثيل. هكذا تتعاظم الحاجة إلى الإعجاز الذي سيغدو، مع مرور الزمن، أكثر فأكثر غرائبيّة وأقلّ فأقلّ قابليّةً للتصديق!

لقد كان إعجاز حافظ في حياته، وفي عداده «انتصاراته» في تشرين وفي عدم التوقيع، سبباً للغضب الممزوج بالخوف. إعجاز بشّار، ومعه إعجاز حافظ في الزمن البشّاري، هو سبب لقهقهة طويلة لا يمنعها ألم السوريّين العميق.

في المدن كتب مهند الحاج علي تحت عنوان “اللاجئ الكهربائي السوري”.. “ضعف التغذية من ​التيار الكهربائي​ سببه الزيادة على الكهرباء التي طرأت بسبب وجود السوريين واستهلاكهم للطاقة وغيرها من المشاكل”. هكذا لخّص وزير الطاقة اللبناني سيزار أبي خليل مشكلة الكهرباء في لبنان.

أرقام اللاجئين دائماً سهلة على الحفظ، وعصية على التصديق: 333 مليون دولار. كيف توصلت الوزارة إلى هذا الرقم الذهبي في حسبة بالغة التعقيد، يفترض أن تأتي بفواصل، أو على الأقل بأرقام ليست متشابهةً إلى هذا الحد. المهم أن اللاجئين السوريين هم سبب التّقنين الحالي. ليس في حسابات الوزارة، أن مشكلة الكهرباء متواصلة منذ اندلاع الحرب الأهلية، بينما دخل اللاجئون السوريون البلاد قبل 6 سنوات فقط. الحقائق هنا ليست مهمة، لا بل تفقد علة وجودها في حضور كبش المحرقة. ذاك أن وزارة الطاقة وجدت أخيراً من تلومه بعد عقود متواصلة من الفشل.

من جانبها ذكرت مجلة “ذا أتلانتك” في عنوان “هكذا ساعد العالم (الدكتاتور) في الحرب السورية”.. النظام استخدم أساليب تكتيكيةً ووحشية للحفاظ على الدعم الرئيس في الداخل، بينما كان له في الخارج حلفاء ثابتون وأعداء مترددون وغير أكفاء، كما ساعدت المؤسسات السورية الخاصة الأسد على تحمل ضغوط الاحتجاج والحرب، وظلّت الأجهزة الأمنية وفيةً له؛ فلم يكن هناك انقلاب ضد الأسد، بحسب المجلة.

لكن بحسب المجلة؛ فلا يبدو من الخارج أن الأسد حقق انتصاراً على الإطلاق، فهو أصبح “ملك الرماد، يطلّ من قصره الرئاسي على بلد مزعج”، مضيفة: “يجب على الأسد بناء اقتصاد مثقل بالديون، وهو يعتمد على حليفين قويين -روسيا وإيران- اللذين تسللا إلى مؤسسات الدولة والاقتصاد ويمارسان نفوذاً هائلاً”.

وختمت المجلة: “لكنّ الأسد يجب أن يبدو وكأنه قادر على التغلب على هذه المشكلات، حتى لو استغرق الأمر عقوداً، فبالنسبة له، كانت الحرب تدور حول البقاء، وبهذا المعنى فقد فاز.. هذا درس مروع للدكتاتوريين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى