شركات روسية وإيرانية تشارك في معرض إعادة إعمار سوريا ضمن مساعي تجاوز الحل السياسي

دمشق ـ راديو الكل

اختتم معرض إعمار سوريا دورته الرابعة بمشاركة واسعة من شركات إيرانية وروسية، حيث شغلت الحيز الأكبر من حيث المساحة في المعرض والعدد بعد الجناح الذي يضم الشركات التابعة للنظام من خلال 42 شركةً أساسية أو وكلاء لشركات أجنبية.

وبينما تشير حسابات رسمية من جهات مختلفة للنظام، إلى أن عملية الإعمار في سوريا تحتاج إلى حوالي أربعمئة مليار دولار فإن الدول الغربية تربط بين المساهمة وبين تحقيق الانتقال السياسي، في حين يتحدث محللون عن عدم قدرة إيران وروسيا على المساعدة في إعادة الإعمار في ظل أوضاع اقتصادية صعبة بسبب العقوبات الأمريكية إلا أن مشاركة البلدين في إعادة الإعمار تندرج في إطار تعزيز نفوذهما الاقتصادي في سوريا وتعويض ما أنفقتاه، بيد أن النظام ليس لديه ما يعطيه أكثر من عملية إعادة الإعمار واستثمار ثروات باطنية مثل الفوسفات والطاقة والغاز.

وتتسابق إيران وروسيا، على الاستحواذ على استثمارات في سوريا ثمناً لدعمهما لنظام الأسد مادياً وبشرياً، ويقدّر خبراء اقتصاديون إنفاق إيران بأكثر من ستة مليارات دولار، في حين تنفق روسيا نحو مليار دولار سنوياً على العمليات الحربية، وفق تقديرات مجموعة استشارية بريطانية.

وبحسب محللين فإن الاستثمارات التي حصلت عليها إيران وروسيا في سوريا لا يبدو أنها ترضي الجانبين بشكل تام، حيث تستمر طهران وموسكو في السعي للمزيد من ترسيخ وجودهما في سوريا بمختلف المجالات.

ويشير عدد الشركات الإيرانية المشاركة في المعرض، وهو 38 شركة وجميعها شركات مقاولات وإنتاج موادّ خاصة بموضوع البناء والاتصالات والكهرباء بالتزامن مع وجود مسؤولين من قطاعات حكومية وخاصةً إيرانية في سوريا.. إلى إصرار إيران على تعزيز نفوذها الاقتصادي في البلاد لكي يتوازن مع حجم نفوذها العسكري والسياسي، خاصةً بعد حصولها على عقود الطاقة وميناء نفطي في طرطوس، وترسيخ وجودها الثقافي والديني مع انتشار مظاهر التشيع بشكل غير مسبوق، وانتشار تعليم اللغة الفارسية في مدن سورية عديدة.

وحصلت روسيا حتى اليوم على اتفاق للتنقيب عن النفط والغاز بمياه سوريا الإقليمية ومشاريع في قطاعات الغاز والمطاحن والأعلاف والكهرباء والقمح، إضافة إلى اتفاقيات تخص القواعد العسكرية الروسية في سوريا تضمن استمرارها 49 عاماً، في حين استحوذت إيران على مشروعات تعاون استراتيجية في مجال الكهرباء من بينها مشروع عقد لإقامة محطة توليد كهرباء في اللاذقية مع “شركة إدارة مشاريع محطات توليد الكهرباء في إيران “مبنا”، التي توصف بأنها أحد أبرز أذرع الحرس الثوري الاقتصادية والتي تخضع لعقوبات أمريكية لتمويلها الإرهاب.

وبينما قال مستشار المرشد الإيراني للشؤون الاستراتيجية رحيم صفوي: “إن إيران تريد تعويضات عن جميع التضحيات والتكاليف التي قدّمتها، وهي تحارب الإرهاب في سوريا.. تحدث ديمتري روغوزين نائب رئيس الوزراء الروسي عن “ضرورة التفكير بطريقة جني الأموال لقاء العمل الكبير الذي قامت به روسيا على أراضي سوريا. فروسيا ليست فاعل خير أو دولةً مانحة وإنما ستحسب كلّ روبل وضعته في هذه الحرب من دون التساهل فيما يخص مصالحها وأرباحها”.

وتشكل مشاريع إعادة إعمار سوريا بعد انتهاء الحرب فرصة لكل من روسيا وإيران لإنعاش اقتصادهما وشركاتهما في مختلف المجالات، فسوريا دولة مهدمة، ولذا تمثل مشاريع استثماريةً واعدة للبلدين خاصة في مجال العقارات وإقامة المناطق التنظيمية واستثمار الثروات النفطية والمعدنية وغيرها، وعلى هذا فقد تحدثت مصادر متعددة من العاصمة دمشق عن وجود ما يشبه الحرب الباردة بين الجانبين.

وبحسب المحاضر في جامعة شهيد بهشتي بطهران حامد رضا عزيزي فإنه “عندما يصل الأمر إلى إعادة الإعمار في سوريا فقد تبدأ الخلافات بين المشاركين في عملية أستانة. وطهران تكثّف جهودها لكيلا تبقى على الهامش”.

وبينما تسعى إيران في ضوء الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها بسبب تصاعد العقوبات الأمريكية لتعزيز نفوذها في سوريا للتعويض عن حصار متوقع، فإن روسيا تعمل على إشراك الدول الغربية في المساعدة في إعادة الإعمار إلا أن هذه الدول تربط مشاركتها بالانتقال السياسي.

ودفعت روسيا بالكنيسة الأرثوذكسية لديها لحض المجتمع الدولي والطوائف المسيحية على المساعدة، حيث أعلن رئيس قسم العلاقات الخارجية في السينودس المقدس لبطريركية موسكو، المطران هيلاريون، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام روسية: “إذا تحدثنا عن مهمة إعادة إعمار سوريا والتوصل إلى تسوية شاملة للوضع في منطقة الشرق الأوسط، فلا يمكن لأي بلد أن يفعل ذلك وحده”.

وتندرج مشاركة روسيا في معارض إعادة الإعمار في سوريا وقيامها بالحشد له دولياً وعربياً وآسيوياً في إطار سعيها في السير في إعادة الإعمار بعيداً عن مسار جنيف ومؤسسات الأمم المتحدة، وتدعو إلى رفع العقوبات المفروضة من جانب واحد على النظام من دون اشتراط ربط ذلك بـانتقال سياسي أو تقدم في تنفيذ القرار 2254.

ومؤخراً بعث ممثلو الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وبولندا والسويد رسالةً إلى الأمم المتحدة، تؤكد القلق من الضغوط المتزايدة للدفع في مسار بدء جهود التنمية وإعادة الإعمار في سوريا، بصرف النظر تماماً عن موقف العملية السياسية الراهنة

وأشار المسؤولون إلى أن رسالتهم الموقّعة تحظى بدعم دول الاتحاد الأوروبي بموجب استراتيجيته المعلنة في نيسان / الماضي، التي عبّر فيها عن الاستعداد التام للمساهمة والمساعدة في بناء سوريا بشرط بدء سريان الانتقال السياسي الشامل، والصريح، والحقيقي بكل جدية وحزم وتأييد هذا الموقف في بيان قادة دول مجموعة السبع الكبرى في اجتماعهم في مايو / أيار / عام 2017.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى