تباين ردود الفعل حول أبعاد إصدار مرسوم العفو عن الفارين.. وروسيا تربطه بملف اللاجئين

دمشق ـ راديو الكل

تباينت ردود الفعل حول مرسوم العفو عن العسكريين الفارّين والمنشقين الذي أصدره النظام مؤخراً شريطة أن يسلموا أنفسهم خلال مدة محددة، وذلك في ظل تراجع عدد عناصر جيش النظام بسبب الانشقاقات والفرار، وبينما رحّبت روسيا بالمرسوم وربطت بينه وبين مسألة اللاجئين.. عبّر سوريون ولاسيما ذوو المعتقلين منهم عن خيبة أملهم من عدم شموله عشرات آلاف المعتقلين في وقت يواصل النظام تسليم قوائم بأسماء معتقلين قتلوا تحت التعذيب.

ويقتصر مرسوم العفو الذي أصدره بشار الأسد على الفارين والمنشقين الراغبين بتسوية أوضاعهم ممن كانوا في مناطق المعارضة، ولا يشمل المتوارين عن الأنظار والفارين عن وجه العدالة إلا إذا سلموا أنفسهم خلال مدة أقصاها 4 أشهر للفرار الداخلي، و 6 أشهر للفرار الخارجي.

وكانت وزارة الدفاع الروسية تحدثت قبل صدور العفو بنحو أسبوعين عن أن النظام بصدد إصدار مرسوم تشريعي يقضي بمنح عفو عام عن “المسلحين الذين لم يشاركوا في النشاطات الإرهابية”. وقال رئيس “المركز الوطني لإدارة الدفاع عن روسيا الاتحادية” اللواء ميخائيل ميزينتسيف، في جلسة لمكتب التنسيق الخاصّ بملف إعادة اللاجئين السوريين: “إن الهيئات المختصة التابعة للقيادة تعدّ مرسوماً بهذا الشأن”.

وبعيد صدور المرسوم ربطت روسيا بينه وبين عودة اللاجئين، حيث رحب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف وقال: إن المرسوم خطوة في اتجاه المصالحة الوطنية وإيجاد ظروف مقبولة للاجئين الذين يريدون العودة إلى سوريا إلى جانب النازحين داخلياً، وذلك في وقت أكدت فيه مصادر الأهالي أنه ليس جميع اللاجئين فارين أو منشقين، كما أن الفارين والمنشقين لم تنته أسباب فرارهم ليعودوا.

وبحسب وسائل إعلامية روسية، فإن النظام أحصى من 6 إلى 7 ملايين لجؤوا إلى خارج البلاد منذ 2011 معظمهم إلى تركيا والأردن ولبنان.

وبينما يتخوف اللاجئون من العودة فقد شنّ النظام حملات تجنيد إجباريةً في المناطق التي سيطر عليها وزجّ بآلاف الشباب في المعارك، وذلك لزجهم في صفوف جيش النظام وتعويض النقص الكبير في صفوفه؛ بعد أن وصل العدد إلى أدنى مستوى له بسبب الانشقاقات واسعة النطاق وارتفاع عدد القتلى، الذي يقدر بعشرات الآلاف.

وتزامن إصدار المرسوم مع استمرار النظام تسليم أهالي المعتقلين أسماء أبنائهم ممن قضوا تحت التعذيب في سجونه، حيث تسلم أهالي حي برزة شرقي العاصمة دمشق مؤخراً، قائمةً بأسماء معتقلين طلب منهم تسجيل شهادات وفاة لهم بشكل عاجل.

وأحصى تقرير أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مقتل 14024 شخصاً تحت التعذيب في سوريا، منذ آذار 2011 حتى أيلول الماضي.

ورأت المصادر أن غالبية من انشق وفرّ خارج البلاد لن يفكر بالعودة وتسليم نفسه، إذ لو كان لدى هذه الفئة رغبة بالقتال، ما فرّوا من الخدمة العسكرية، اللهم إلا من يرغب منهم الآن بدفع بدل مالي. لكن من جهة أخرى فإن النظام من خلال إصدار العفو يشير إلى إمكانية عودة الفارين إلى الخارج والمتوارين خلال الأشهر الستة المقبلة؛ بعد أن دأبت وسائل إعلام النظام على تشويه سمعة مئات الآلاف من الرجال السوريين الذين غادروا البلاد لتجنب التجنيد واعتبروهم خونةً أكثر من المعارضين.

وتحدثت مصادر صحفية، عن أن النظام يهدف من خلال المرسوم إلى زيادة عدد المقاتلين في صفوفه كي يصبح بإمكانه تسلم المناطق التي لا تزال بحوزة إيران وحزب الله.

وتشير المصادر إلى أن روسيا وإيران وحزب الله يرون بأن أدوارهم العسكرية في سوريا انتهت بعدما أصبح الأسد في مأمن. وتواجه هذه القوى جميعها ضغوطاً محلية كبيرة للانسحاب من العمليات المكلفة والدموية.

وتربط المصادر بين محاولات النظام حشد أعداد جديدة من الشبان ضمن الجيش وبين الاستعداد لمعركة إدلب المؤجلة، وتشير إلى أن ضعف النظام أعطى فصائل المعارضة في إدلب جرعة ثقة جديدة، خاصة في ظل استبعاد مشاركة إيران وميلشياتها في أي عمل عسكري في الشمال تجنباً لعدم تدهور علاقاتها مع تركيا شريكتها مع روسيا في اتفاقات أستانة.

وأشارت إلى أن مرسوم العفو جاء بطلب من روسيا بشكل خاص من أجل تلميع صورته لكي تستطيع الضغط دولياً من أجل السير بملف إعادة الإعمار؛ بعد رفض الدول الغربية المساهمة من دون تحقيق انتقال سياسي، في حين تلوح روسيا للغرب بإمكانية حل مسألة اللاجئين التي تشكل عبئاً عليه.

وترى مصادر المعارضة، أن المرسوم كبقية مراسيم العفو السابقة تفتقد إلى الحد الأدنى من المصداقية كونها تتجاهل معتقلي الرأي وناشطي المجتمع المدني والمعارضين السلميين، ولا تعطي ضمانات قانونيةً واضحةً وملموسةً تكفل عدم تكرار الاعتقال بعد إصدار العفو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى