ملفات القضية السورية في الصحف العربية والأجنبية

رؤيتان متعارضتان لإعادة الإعمار رغم تشابه المفهوم؛ رؤية غربية تعتبر أنّ إعادة الإعمار مقدّمة وشرط في آن واحد لإعادة بناء ليس فقط الاقتصاد والعمران، بل النظام السياسيّ نفسه، ورؤية النظام وحليفيه الروسي والإيراني والتي لا ترى في إعادة الإعمار سوى فرصة لإعادة إنتاج نظام سياسيّ واقتصاديّ إقصائيّ عبر توسيع شبكة الفساد والزبائنية كما يقول سلام السعدي في صحيفة العرب. وفي القدس العربي كتب زاهد غول مقالاً تحت عنوان “هل روسيا في حالة استراحة في سوريا؟”. ومن جانبها تحدثت صحيفة الغارديان البريطانية عن فيلم وثائقي تحت عنوان “سلالة حاكمة خطيرة.. بيت الأسد”.

وفي صحيفة العرب كتب سلام السعدي تحت عنوان “سوريا.. رؤيتان لإعادة الإعمار”.. هنالك رؤيتان متعارضتان لإعادة الإعمار رغم تشابه المفهوم. رؤية غربية تعتبر أن إعادة الإعمار مقدّمة وشرط في آن واحد لإعادة بناء ليس فقط الاقتصاد والعمران، بل النظام السياسيّ نفسه بما يجعله أكثر تشاركية واستقراراً. ورؤية النظام وحليفيه الروسي والإيراني والتي لا ترى في إعادة الإعمار سوى فرصة لإعادة إنتاج نظام سياسي واقتصاديّ إقصائيّ عبر توسيع شبكة الفساد والزبائنية، والتي شكلت أحد أسباب اندلاع الثورة وما تلاها من موت ودمار وتهجير.

انطلاقاً من هذا التباعد والتفارق بين المفهومين لإعادة الإعمار في سوريا، يمكن إدراك حجم السذاجة التي تعتري التفكير الغربي باستخدام أموال إعادة الإعمار وسيلةً للضغط على النظام للوصول إلى نظام أكثر ديمقراطية وتشاركية.

قد يصلح المنظور الغربي لإعادة الإعمار في حروب أهلية ونزاعات تنتهي بإضعاف جميع الأطراف وعلى رأسها النظام الحاكم أو الطرف الأقوى في معادلة الصراع، حيث يخرج منهكاً ومهدداً بمجموعة من القوى من الداخل والخارج بصورة تدفعه للقبول بشروط إعادة الإعمار.

لكن حالة نظام الأسد، إذا أخذنا بعين الاعتبار تواصل دعم حليفتيه إيران وروسيا، مختلفة تماماً. إذ لا يزال نظاماً مركزياً متماسكاً والأهمّ أنه غير معرّض لأي تهديد وجوديّ بعد هزيمة المعارضة العسكرية وانقطاع قنوات الدعم عنها.

كما يتجاهل هذا المنظور الغربي إلى إعادة الإعمار جوهر نظام الأسد القائم على سياسة القمع والإقصاء للغالبية العظمى من السوريين، مقابل تحشيد وتسمين نخبة اجتماعية وأمنية واقتصادية تدعمه وتؤمّن الاستقرار الداخلي. الحقيقة أنه محكوم بهذه العلاقة إلى درجة لا يمكن تغييرها إلا بتغيير النظام نفسه.

في القدس العربي كتب زاهد غول تحت عنوان “هل روسيا في حالة استراحة في سوريا؟”.. روسيا لا يهمها الآن سرعة الحلّ بقدر ما يهمّها تأمين حياة جنودها وقواتها العسكرية في سوريا، إلى حين انتهاء الأزمة السورية، وانتهاؤها لن يتحقق على يدي بشار ولا إيران وحدهما، والنتيجة أن روسيا وجدت أملاً للخروج من سوريا ـ غير معلنة هزيمتها ـ بالتحالف مع تركيا، ولا تستطيع ذلك قبل أن تضمن لتركيا وجوداً عسكرياً داخل سوريا مدة محدودة، إلى حين تنفيذ تركيا رؤيتها للحل بالاتفاق مع روسيا فيما يخصّ وقف إطلاق النار، ومن ثم التوصل إلى حل سياسي يضمن حقوق الشعب السوري المدنية والسياسية والوحدة الوطنية، بما يؤدي إلى إقامة سوريا الديمقراطية، فالمراهنة الروسية الرئيسة اليوم على تركيا، وقد عبر عن ذلك لافروف بقوله: “إن الشركاء الأتراك يلعبون الدور الرئيس في تنفيذ اتفاق إدلب”.

من جانبها تحدثت صحيفة الغارديان البريطانية عن فيلم وثائقي أنتجه وأخرجه الباحث في تلفاز “بي بي سي” نيك غرين وقالت: إن هذا الوثائقيّ يمثل تأريخاً مذهلاً لأسرة مستبدة فضّلت الثراء على رفاهية الشعب السوري، على غرار مسلسل الدراما والجريمة الأميركي آل سوبرانو وآل كورليوني من زعماء المافيا في أمريكا، مع فارق عدد الضحايا الهائل.

وأضافت أن الفيلم الذي حمل عنوان “سلالة حاكمة خطيرة.. بيت الأسد” يعطي نظرةً خاطفةً على روح الطاغية عبر مقابلات مع بشار وأسماء، ومساهمات من مجموعة رصينة من الخبراء من بينهم صحفيّ سوري قضى أشهراً في الحبس الانفرادي بعد نشره أن الأسد كان مستعداً لدعم الغزو الأمريكي للعراق. وتفاصيل أخرى يشير إليها الوثائقي.

وقالت: إن هناك طغاةً شكلهم يناسب دورهم وهناك الطاغية بشار الأسد بشاربه التبريري وابتسامته نصف المتجمدة يشعّ بارتباك أخرق يصعب التفريق بينه وبين الحماسة التي دافع بها عن قبضة عائلته على السلطة.

وهذا التناقض بين السلوك الذي يشبه “مستر بين” واستعداد طبيب العيون السابق في لندن لتفجير وقصف مواطنيه بالغاز السام، كان اللغز في قلب الحلقة الأولى من الفيلم الوثائقي.

ويتساءل الوثائقي الرصين المثير بحسب وصف الصحيفة “كيف ينتهي الأمر بطبيب العيون المعتدل هذا بقتل الآلاف من الناس؟” ولكن لم تكن لديه إجابة واضحة عليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى