حراك دبلوماسي إقليمي ودولي يستبق قمة إسطنبول

عواصم ـ راديو الكل

تستعدّ مدينة إسطنبول التي انشغلت في الأيام الماضية بمقتل الصحفيّ السعودي جمال خاشقجي في مقر قنصلية بلاده؛ لاستضافة قمة رباعية تجمع قادة كلّ من تركيا وألمانيا وفرنسا وروسيا لمناقشة التطورات التي طرأت على القضية السورية، ومن أبرزها اتفاق إدلب الروسي التركي، وإعادة إحياء العملية السياسية التي تشير بعض التحركات الدبلوماسية دولياً وإقليمياً على البدء بتفعيل مسارها بعد جولة المبعوث الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري، وزيارة وفد روسيّ رفيع من الخارجية والدفاع إلى كلّ من الرياض ودمشق، والزيارة التي سيقوم بها المبعوث الأممي ستيفان ديمستورا قبل تنحّيه من منصبه بعد نحو شهر.

وأعلنت كل من روسيا وألمانيا وفرنسا مشاركتها في قمة إسطنبول الرباعية التي ستعقد في 27 من الشهر الحالي، والتي ستركز على الوضع في سوريا واتفاق إدلب والتسوية السياسية، بحسب المتحدث الرئاسي التركي إبراهيم كالن.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن قبل أشهر، أن القمة ستعقد في السابع من أيلول الماضي، إلا أنها لم تعقد في ذلك الوقت بسبب تطورات الوضع في إدلب، وعوضاً عن ذلك اجتمع ممثلون عن القادة الأربعة للتحضير للقمة، واعتماد تاريخه.

وتجمع القمة الرباعية مسار أستانة مع مسار جنيف الذي تدعمه المجموعة الدولية المصغرة، واستبق الروس القمة بتأكيد أولوية ملفّي إعادة الإعمار واللاجئين لكنهم أبدوا استعدادهم للاتصال والحوار مع هذه المجموعة شرط اعتماد الشرعية الدولية ولا سيما القرار 2254 مرجعيةً لذلك، بحسب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وبالمقابل تربط كل من تركيا وألمانيا وفرنسا هذين الملفين بتحقيق انتقال سياسي.

وتغيب عن القمة أطراف رئيسة لاعبة في ملفات القضية السورية من أبرزها الولايات المتحدة وإيران، وهما البلدان اللذان يوجدان عملياً بشكل فعال على الأرض في سوريا بخلاف فرنسا وألمانيا.

وأعطت الولايات المتحدة أولويةً لطرد إيران من سوريا، وقال المبعوث الأمريكي جيمس جيفري الذي يقوم بجولة في المنطقة بدأها من أنقرة: إن الاستراتيجية الأمريكية في سوريا تتمثل بداية في إنهاء الوجود الإيراني بحسب المسؤول الأمريكي، الذي يضيف أن طهران تعمل ضد العملية السياسية، وتشجع الجماعات المتطرفة، وتمثل خطراً على المنطقة وليس فقط على سوريا. وإن الولايات المتحدة تريد حكومةً سورية جديدة لا ترعى الإرهاب وتطرد إيران وميلشياتها من سوريا، وتقبل بمقاضاة من ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية.

واستبعدت تركيا إيران التي تتعرّض لعقوبات وضغوط أمريكية من المشاركة في القمة على الرغم من أنها تجمع قطبي أستانة الأخريين روسيا وتركيا، وهو الاستبعاد الذي كان حصل في قمة سوتشي الثنائية بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان الأخيرة. ويبدو أن هذا الاستبعاد لطهران يعكس توافقاً بين القوى الفاعلة في سوريا، على تقليص أو إنهاء النفوذ الإيراني داخل سوريا. ويعد تغييب إيران عن قمة إسطنبول عدم وجود رغبة دولية بأن تبقى على طاولة تسويات الملف السوري.

وتأتي القمة بعيد تطورات من أبرزها اتفاق إدلب والحراك الدبلوماسي إقليمياً ودولياً، وتمثل أخيراً بجولة المبعوث الأمريكي وزيارتي وفد روسي رفيع المستوى من الخارجية والدفاع إلى الرياض ودمشق، وكذلك التصريحات اللافتة للمبعوث الأممي ستيفان ديمستورا بوجوب عقد الاجتماع الأول للجنة صياغة الدستور قبيل تنحيه من منصبه بعد نحو شهر، وهو ما طلبته الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا خلال جلسة مجلس الأمن الأخيرة.

وأكد ديمستورا، أنه سيبذل جهوداً مكثفةً للتوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل لجنة لوضع دستور جديد لسوريا قبل مغادرته منصبه في نهاية تشرين الثاني المقبل، مشدداً على أن اعتراضات النظام وتحفّظ روسيا وإيران على اختيار الأمم المتحدة أعضاء اللجنة الدستورية لا تزال تعيق عمل اللجنة.

وتأتي قمة إسطنبول بعد تطورات إيجابية في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، إذ أعلن المبعوث الأمريكي جيمس جيفري خلال زيارته تركيا أن الأتراك يتفقون مع أهداف بلاده الأساسية في سوريا؛ وهي إخراج إيران من سوريا تماماً، وتهدئة الوضع العسكري في إدلب، وإعادة تنشيط العملية السياسية، التي تركز على جهود المبعوث الأممي في سوريا ستيفان ديميستورا لتشكيل لجنة دستورية في خطوة أولى لإجراء انتخابات جديدة في سوريا.

ويتوقع مراقبون أن تحدّد قمة إسطنبول بحسب الأولويات التي وضعتها الولايات المتحدة للقضية السورية، ومن بينها التوجه الدولي إزاء وجود إيران في سوريا، ومسألة لجنة صياغة الدستور التي كانت حصيلة عمل المبعوث الأممي، وتحديد نقاط توائم بين وثيقة المجموعة الدولية المصغرة حول سوريا التي طرحتها الولايات المتحدة مع ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن مطلع هذا العام، وتم تجديدها في الشهر الماضي مع انضمام مصر من جهة، وبين المطالبات الروسية في شكل حل القضية السورية ومن بين تلك المطالبات مسألة إعادة الإعمار واللاجئين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى