في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. حقوق الإنسان السوري أم حقوق النظام؟

راديو الكل – تقرير

تحيي بلدان العالم اليوم الاثنين 10 من كانون الأول ذكرى اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان في العام 1948 تحت شعار “لنقف جميعاً من أجل المساواة والعدالة والكرامة الإنسانية”، وهو وثيقة تاريخية أعلنت حقوقاً غير قابلة للتصرف ومكوّنةً من 30 مادةً أساسية، تلتها معاهدات تزيد عدد هذه المواد وتكمّلها في الاقتصاد والسياسة والحقوق المدنية لتشكل المعاهدات والإعلان معاً ما يسمى بالشّرعة العامة لحقوق الإنسان.

وتأتي ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على السوريين هذا العام في ظل استمرار حرب يشنها النظام منذ نحو 8 سنوات على الإنسان السوري، ولا يزال يضرب بشرعة حقوق الإنسان عرض الحائط، مدعوماً من روسيا وإيران بعد أن ارتكب جرائم ضد المدنيين أدت إلى مقتل مئات الآلاف من السوريين، وأجبرت نحو نصف عدد السكان على النزوح أو اللجوء بعد الخراب الذي أحدثته طائراته وصواريخه التي انهالت على المدن والبلدات في مختلف المناطق.

وتؤمّن روسيا للنظام حمايةً دوليةً ولا سيما في مجلس الأمن من خلال استخدامه الفيتو ضد قرارات تدينه، في حين شجّعت مع بدء قمع الاحتجاجات السلمية في سوريا آلة النظام العسكرية على مواصلة القتل، ورفضت دعوات وجّهتها إلى مجلس الأمن نحو خمسين دولةً غالبيتهم من البلدان الأوروبية تطالبه بإحالة ملفّ التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ولا تضع الدول المتدخلة أو المعنية بالشأن السوري مصالح السوريين في أولوية معالجتها لملفات القضية السورية؛ بحسب المبعوث السابق للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، الذي أكد أن الدول الأجنبية لم ”تزعج نفسها بمصالح الشعب السوري، وأنّ نظام بشار الأسد كان مقتنعاً منذ البداية بأنه سينتصر من دون أن يهتم بالثمن الذي كان يدفعه الشعب السوري، على الإطلاق“. ومن دون أن يلتفت حقاً إلى احتياجات السوريين أو مصالحهم.

وتتوافر لدى المجتمع الدولي آلاف الأدلة على ارتكاب جرائم حرب في سوريا خلال السنوات الماضية، ولا يزال المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية عاجزاً عن حماية المدنيين الذين قتلهم نظام الأسد وداعموه الروس والإيرانيون وميلشياتهم.

وعلى الرغم من أنّ استراتيجية النظام العسكرية منذ اليوم الأول للثورة كانت إطلاق النار عمداً أو عشوائياً على المدنيين وتدمير المدن والبلدات بالطيران والصواريخ والمدفعية.. بقي الغرب مركّزاً على تنظيم داعش الذي لا تقارن حصيلة جرائمه بحصيلة جرائم النظام وحلفائه.

ولم تنظم الدول التي تطرح قضايا حقوق الإنسان بوصفها أولويةً في سياستها ولاسيما الغربية منها اجتماعاً أو فعاليات خارج إطار مجلس الأمن لمناقشة مسألة اختفاء مئات آلاف السوريين لدى معتقلات النظام، بينما اجتمع مسؤولون ووزراء دفاعيون وأمنيون غربيون في العاصمة الكندية في الآونة الأخيرة لمناقشة مصير نحو 700 إرهابي من تنظيم داعش يحملون جنسية هذه الدول ومعتقلين في مناطق شرق الفرات.

ولا يزال المجتمع الدولي أيضاً عاجزاً عن وقف انتهاكات حقوق الإنسان التي مازال نظام الأسد يرتكبها بحق مئات الآلاف من المعتقلين، والتي أدت إلى مقتل الآلاف تحت التعذيب من دون أن تتمكن المنظمات الدولية والمحلية من توثيق جميع الحالات لأسباب في مقدمتها منع النظام دخول لجان حقوقية وإنسانية دولية إلى تلك المعتقلات.

ولم تعط تقارير المنظمات الحقوقية أو الإنسانية الدولية نتائج توقف انتهاكات النظام لحقوق الإنسان رغم دعواتها بمحاسبة المتورطين، ومن بينها دعوة لجنة التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان برئاسة سيرغيو بينيرو التي تضمنها تقرير قدّمه إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أخيراً، وتحدث فيه عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ترتكب في سوريا بلا عقاب.

وفيما يتعلق بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإنه يشمل جميع الحقوق الأصيلة للأفراد والجماعات من بينها الحقّ في الحياة، والحرية، والأمن الشخصي، والحق في المساواة، والتعليم، والملكية الخاصة، والحقّ في الحماية من الاعتقال التعسفي والنفي، والحقّ في معاملة عامة عادلة، وحرية المعتقد والدين، والحقّ في الزواج وتكوين الأسرة، والحقّ في الضمان الاجتماعي، والحقّ في الراحة والترفيه، والحقّ في التجمع السلمي والجمعيات، والمشاركة بالحياة الثقافية للمجتمع، والحقّ في مستوًى معيشي ملائم، وحرية الرأي والمعلومات، والحقّ في العمل المرغوب، وحرية الانضمام إلى الجمعيات النقابية، والحقّ في الحركة والتنقل بحرية داخل وخارج البلاد.

وفيما يتعلق بالثورة السورية التي اندلعت تحت عنوان “الكرامة” وهو يجمع الكثير من مفردات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. فلاتزال عبارة “أنا إنسان ماني حيوان، وهالعالم كلها متلي” تمثل صرخةً للرأي العام تكشف جوانب من معاناة الإنسان السوري مع هذا النظام منذ عشرات السنين، في حين لا يزال النظام مطمئناً إلى أن “حقوقه” في استمرار قمعه لا تزال محفوظةً عربياً ودولياً من دون مساءلة أو محاكمة دولية بعد قتل وتهجير نحو نصف سكان البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى