النظام يعوّض نقص اليد العاملة بتدريب نساء على صيانة “التوتر العالي” وقيادة شاحنات القطاع العام

دمشق ـ راديوالكل

دفع النقص في اليد العاملة في المناطق التي يسيطر عليها النظام إلى تشغيل النساء في مهن قاسية حتى على الشباب تبعاً للجهد، ومن بينها صيانة خطوط التوتر العالي الكهربائية وقيادة سيارات وشاحنات في مؤسسات القطاع العام، وذلك بعد أن تقلصت نسبة الذكور في المجتمع إلى نحو 30% بحسب إحصائية للأمم المتحدة، بسبب حشد الشباب في جيش النظام، ومقتل واعتقال مئات الآلاف منهم، وهجرة أعداد كبيرة تحاشياً للالتحاق بالخدمة الإلزامية وتجنباً للملاحقات الأمنية.

وبدأت شركة الكهرباء التابعة للنظام بتدريب وتأهيل عدد من النساء للعمل بصيانة خطوط “التوتر العالي”، في خطوة هي الأولى من نوعها للشركة، والثانية للقطاع العام بعد أن منحت حكومة النظام فرصة للنساء لقيادة سيارات وشاحنات في المؤسسات الرسمية، في سابقة هي الأولى من نوعها في البلاد.
وسبق أن أعلنت المؤسسة السورية للتجارة مسابقةً لتعيين سائقين وسائقات في الإدارة العامة وجميع فروعها بالمحافظات، لتكون أول سابقة تمنح فيها إناث فرصة قيادة سيارات وشاحنات حكومية.
ونقلت وكالة “سانا” التابعة للنظام عن مدير الشركة مصلح الحسن قوله: إن خطط الشركة تقوم على إدخال النساء للعمل في عدة مجالات ميدانية؛ منها: “صيانة خطوط التوتر المنخفض والمتوسط، إلى جانب أعمال التأشير وقراءة العدّادات والضابطة العدلية والطوارئ”، وغيرها من الأعمال .
وأكد الحسن، أن هذه الخطوة تأتي لتعويض النقص الحاصل باليد العاملة في العديد من مواقع العمل .
وتعد هذه الخطوة هي الاولى من نوعها، باعتبار هذه المهنة ليست من الأعمال النسائية، تبعاً للجهد، فضلاً عن خطورة المهنة وصعوبتها. وهو ما يشير إلى مدى حاجة مؤسسات النظام إلى اليد العاملة بسبب ارتفاع نسبة الإناث إلى نحو 70%، بينما نسبة الذكور لم تتجاوز 30% بحسب إحصاءات للأمم المتحدة، بينما كشفت نقاشات مجلس الشعب التابع للنظام أخيراً عن نقص حادّ في الشباب يمنع تشغيل المصانع و”إعادة الإعمار” المفترضة.
بالرغم من أن النسبة بين عدد الرجال والنساء كانت متساويةً سابقاً، فإن الوضع الآن هو رجل مقابل كلّ سبع نساء، وفقاً للهيئة السورية لشؤون الأسرة، وهي منظمة حكومية تعنى بشؤون السكان.
ويمثل وضع الجامعات السورية اليوم مثالاً واقعياً لمعرفة الأعداد الكبيرة من الشباب التي غادرت البلاد، وانخفاض أعدادهم مقارنة مع الإناث.
وتظهر صور لمدرّجات الجامعات يبثّها ناشطون تعجّ بالإناث، إذ أشارت إحصائيات غير رسمية إلى أن نسبة الذكور تبلغ 10% من المجموع الكلي للطلاب.
وهاجر مئات الآلاف من الشباب من سن 18 إلى سن 48، هرباً من الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياط أو من الملاحقة الأمنية، بالإضافة إلى تثبيت دائرة الأحوال المدنية 32 ألف حالة وفاة خلال العام الحالي، و 68 ألفاً في العام الماضي. غالبيتهم من الذكور من دون تحديد أسباب الوفاة.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وجود أكثر من 118 ألف معتقل سوري بالأسماء؛ 88% منهم موجودون في معتقلات النظام، لكن التقديرات تشير إلى أن العدد يفوق 215 ألف معتقل. كما وثّقت الشبكة مقتل أكثر من 13 ألف شخص تحت التعذيب في سوريا، 99% منهم أيضاً على يد النظام الذي أفصح في الأشهر الأخيرة، عن موت نحو 7 آلاف معتقل في سجونه، ضمن قوائم تم تسليمها لدوائر الأحوال المدنية.
وفي ظل هذا الوضع، تقوم الكثير من النساء بأدوار جديدة لهنّ، إذ بتن يتحملن أعباء العمل ولعب أدوار جديدة من جراء الحرب، فالمرأة اليوم هي الحامل الرئيس للأسرة والمجتمع والاقتصاد.
ويشير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى أن المرأة في سوريا تخلّت عن دورها التقليدي ودخلت سوق العمل، في حين من المتوقع أن تتعاظم النتائج المترتبة على زيادة عمالة النساء في سوريا، ما سيترك نتائج اجتماعيةً خطيرةً على المجتمع السوري، الذي شهد “كوارث” اجتماعيةً واقتصاديةً عديدة، منذ اندلاع الثورة ولما تتكشف نتائجها بوضوح بعد.
وأكد رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، الدكتور أكرم القش، أن من أهم المواضيع التي تعمل عليها الهيئة هي المرأة وتوظيف التغيرات التي حدثت بمشاركة المرأة في سوق العمل، وكيف من الممكن التوجه بها إلى الاتجاه التنموي.
واعتادت غالبية الأسر في سوريا، على اعتمادها على الأبناء الذكور، فهم من يتحمّلون أعباء الأسرة إلى جانب آبائهم، فور إتقان أحدهم مهنةً ما، أو حمله لشهادة تخوّله للتوظيف.
اليوم اختلفت هذه العادات، العمل أصبح واجباً على جميع أفراد الأسرة، واضطرت معظم النساء إلى الدخول في دائرة الإنتاج، وتحوّلن إلى عاملات يساهمن في إعالة ذويهنّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى