كيف وسّع النظام سيطرته عبر اتفاقات “المصالحة”؟

راديو الكل – تقرير

على عكس القيمة التي تحويها كلمة المصالحة، والتي لجأ إليها نظام الأسد بوصفها كلمة حقّ وظفت لخدمة الباطل، فإن هذا المصطلح أصبح كابوساً يؤرّق الشعب السوري على اختلاف توزعه في الأراضي السورية.

مصالحة لم تعرف سوى معنى الخضوع والاستسلام لما ما قد ينتهجه نظام الأسد من ممارسات وحشية وقمعية، تجاه المنطقة التي يبسط سيطرته عليها.

في قاموس النظام، فإن المصالحة هي الوجه الآخر للتهجير القسري، والممنهج، والذي يدخل ضمن الخطوات المتجهة نحو إقامة سوريا المفيدة كما باتت تعرف، والتي تقوم برعاية إيرانية بحتة، من حيث إخراج الأصول السورية التي تشكّل خطراً على استمرار حكم الأسد ونظامه، واستبدال تلك الأصول بعناصر أجنبية إيرانية بغية إبدال البنية الديمغرافية السورية.

بدأت فكرة المصالحات من خلال تعهد الروسي بوصفه ضامناً موثوقاً بتأمين الحماية للمدنيين؛ مقابل إلقائهم السلاح والخروج من مناطقهم إلى الشمال السوري، إلا أن النظام وأجهزته ضربت تلك التعهدات عرض الحائط مستبيحةً تلك المناطق سواء عبر عمليات التعفيش أو الاعتقالات أو حتى القتل والتعذيب ومعاملة سكان هذه المناطق على أنهم “درجة ثانية” معرّضون لكل أنواع الانتهاك والقمع.

العديد من المدن والمناطق في سوريا والتي كانت خاضعةً لسيطرة المعارضة، أجرت اتفاقات المصالحة مع النظام عن طريق الجانب الروسي، والتي تضمّن بنودها عدم دخول أيّ قوات للأسد إلى تلك المدن والبلدات، وعدم اقتحامها، أو اعتقال مدنيين أو مقاتلين في الجيش السوري الحر وقّعوا اتفاق تسوية، بالإضافة إلى تأمين الخدمات كافة للمدنيين.

وخلال الأعوام الأخيرة، أجري العديد من اتفاقات المصالحة، منها اتفاق مدينة داريا جنوب غربيّ دمشق في منتصف عام 2016، والتي قامت قوات النظام بتسوية أبنيتها على الأرض، وجرى نقل المدنيين إلى مراكز إيواء مؤقت لا تتوافر فيها مقومات الحياة الكريمة، كما نقل المقاتلون ومدنيون معهم إلى الشمال السوري.

في العام نفسه جرى اتفاق مدينة معضمية الشام غرب دمشق والقريبة من داريا، ثم أحياء القابون وبرزة وتشرين، وذلك عام 2017، بالإضافة إلى حي الوعر في مدينة حمص، وتبعها منطقة القلمون الشرقي شمال شرقي دمشق، ثم تبعها الغوطة الشرقية ودرعا.

لم تكن المصالحة هي الخيار الأول لدى السكان في تلك المناطق التي خرجوا منها مكرهين، فتحت وطأة الحصار والقصف الجوي والصاروخي بالإضافة إلى مجازر الكيميائي، أصبحت المصالحة واقعاً كان يؤمّل منه أن يكون خلاصاً لقلوب أنهكتها الحرب.

شمال غربيّ البلاد، بقيت محافظة إدلب، وأجزاء من ريفي حلب وحماة، تحت سيطرة المعارضة، والتي بحسب مراقبين فإنها تتجهز لحرب طويلة مع النظام، في ظل تسويقه لفكرة “المصالحة” في هذه المنطقة من خلال موالين له موجودين في تلك المناطق، لكن ما جرى في مناطق المصالحات السابقة من انتهاكات جسيمة تدفع الشارع المعارض إلى رفض فكرة المصالحة مع النظام، حتى لو كان الثمن حرباً قاسية يهدد بها.

بالحديث أكثر حول هذا الموضوع أجرى راديو الكل مقابلات مع:

الصحفي سمير السعدي:

الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد الدكتور عبد الله الأسعد:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى