وسائل إعلام غربية ترسم صورة مأساوية لأوضاع البلاد بعد 8 سنوات من الحرب

راديو الكل ـ تقرير 

أولت وسائل إعلام غربية اهتماماً خاصاً بتطورات الأوضاع في سوريا مع دخول البلاد مراحل يفترض معها أن تكون الحرب وصلت إلى خواتيمها بحسب ما أشارت صحيفة لوموند الفرنسية التي نشرت تحقيقات على مدى أربعة أيام، في حين سلطت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية الضوء على الحالة المعيشية للسوريين، مشيرة إلى أن الحياة باتت قاسية جداً على السكان في ظل غياب أبسط الخدمات وانتشار البطالة بين الشباب، وهو الأمر الذي يفتح باب التكهنات أمام ثورة ثانية ضد نظام الأسد.

“سوريا، السنة صفر” عنوان التحقيقات الأربعة التي نشرتها صحيفة لوموند، وانطلقت من فرضية أنّ “الحرب السورية” وصلت إلى خواتيمها وركزت على تشخيص الحال الذي آل إليه النظام ومعارضوه، لاستشراف مستقبل سوريا حينما تضع الحرب أوزارها بصورة نهائية، وهذا المقصود بالـ “سنة صفر”، أي الستاتيكو الجديد الذي سيسود في البلاد.

ورأى الكاتب والصحفي سمير طويل، أن الوضع الآن ليس بخواتيمه، فالأوضاع لا تزال متحركة:

حمل التحقيق الأول لصحيفة لوموند عنوان “في سوريا ما بعد الحرب، ما زال الجيش في محور اللعبة”..  تحدث فيه عمّا أسماه بمعضلة تواجه النظام، تتلخص في إدراكه للخدمات التي وفّرتها له ميلشيات أنشأها وهي ما تعرف بالشبيحة، ولا سيما اضطلاعها “بالأعمال القذرة”. إلا أن التحقيق تساءل عما إذا كان بإمكان النظام “إشباعها” في فترة ما بعد الحرب، لأنّ استمرار كلّ ميلشيا بمراكمة المكاسب المادية في مناطق وجودها يتناقض مع سعي النظام لفرض سلطته كما كانت الحال قبل العام 2011.

وسعى التحقيق الثاني إلى استشراف مدى قدرة النظام على إحكام سيطرته الاقتصادية على البلاد، ويشير نقلاً عن خبير اقتصادي إلى أن النظام لديه رجال أعمال، مثلما لديه أجهزة أمنية، يتقاسم وإياهم الأرباح مقابل خدمات وتسهيلات يوفّرها لهم ويقول: إن إعادة رسم المشهد الاقتصادي السوري بعد الحرب لن تكون بالأسماء ذاتها. فلكلّ زمان “رجال أعماله”، إلا أن القاسم المشترك بين هذه الحقبات هو تحكّم النظام في إدارة المشهد الاقتصادي وتوزيع الأدوار.

ورأى الكاتب سمير طويل، أن النظام يسيطر على الاقتصاد من خلال رجال أعمال غير معروفين في السابق من أجل الالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة على النظام:

التحقيق الثالث تحدث عن حال المعارضة التي انتهى الأمر بها إلى التفات الثوار إلى حياتهم الخاصة كالعمل والدراسة الجامعية، فلم يعد هناك وجود للثورة بحسب أحد الناشطين، ما يفرض عليهم التأقلم مع واقعهم الجديد لسنوات مقبلة، بعيداً من الشعارات التي لا توفّر القوت اليومي.

وتحدث التحقيق الرابع عن حال المنفيّين السوريين وهم شريحة تعدّ نفسها مهزومة. هؤلاء ثاروا على النظام لاستعادة حرية التعبير، لكنهم يعدّون أنفسهم مهزومين، لأن النظام نجح في مصادرة حقهم هذا من جديد، أكان خوفاً منهم على عائلاتهم التي ما زالت داخل سوريا، أو رغبةً في العودة إلى بلادهم يوماً ما.

ومن جانبها سلطت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية الضوء على الحالة المعيشية للسوريين بعد ثماني سنوات من الحرب ، مشيرةً إلى أن الحياة باتت قاسيةً جداً على السكان في ظل غياب أبسط الخدمات وانتشار البطالة بين الشباب، وهو الأمر الذي يفتح باب التكهنات أمام ثورة ثانية ضد نظام الأسد.

ويتوقع الكاتب سمير طويل، أن تشهد المرحلة المقبلة تطورات تحمل مطالب جديدةً من الأهالي بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة:

وتنقل الصحيفة عن كاتب مقيم في دمشق، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه؛ خوفاً على سلامته: إن “هذا أسوأ وضع نعيشه، لم نعهد ذلك مطلقاً، بالكاد يستطيع الناس البقاء على قيد الحياة، والنسبة المئوية للفقراء تتزايد طوال الوقت”، كما أدى النقص الحادّ في الوقود وغاز الطهي والكهرباء إلى غياب الكهرباء ووسائل التدفئة خلال فصل الشتاء القاسي هذا العام، في حين واصلت العملة السورية انخفاضها، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.

واستبعدت الصحيفة اندلاع مثل هذه الثورة في ظلّ هذه الظروف التي عانتها وتعانيها سوريا، وهي خرجت للتو من صراع مسلح دام، ما زالت بعض فصوله لم تحسم بعد.

وتنقل الصحيفة عن داني مكي، الصحفي والمحلل البريطاني السوري، الذي يعيش في دمشق قوله: إن ما يجري وصفه بأنه انتصار عسكريّ كبير للنظام لم يترجم إلى تحسين المعيشة، “اليوم هناك بين 3 و 4% من الناس تتركز بيدهم غالبية الثروة، أما البقية فإن الحياة بالنسبة لهم صراع، هناك مزاج كئيب في هذا الشتاء القاسي، عندما كانت هناك معارضة مسلحة على أعتاب دمشق لم يكن لدينا مثل هذه القضايا الكبيرة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى