الليرة تهبط إلى مستوى غير مسبوق.. والأمم المتحدة تقول إن الأمن الغذائي في وضع كارثي

النظام يصر على إبقاء الـ 50 ليرة في التداول رغم تراجع الليرة المتسارع

تواصل الليرة السورية انخفاضها بشكل متسارع أمام العملات الأجنبية متجاوزةً لأول مرة في تاريخها عتبة 670 أمام الدولار، بعد أن قفزت قبل عدة أيام إلى 660 وهو رقم غير مسبوق، مترافقاً ذلك مع ازدياد الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للأهالي في البلاد سوءاً في ظل الغلاء وشحّ الخدمات الضرورية، في وقت أكدت الأمم المتحدة في أحدث تقرير لها أن وضع الأمن الغذائي في سوريا كارثي، بينما يصدر المصرف المركزي بياناً يؤكد فيه أنّ فئة الخمسين ليرةً ما زالت معتمدة ولم يتم سحبها كما يتم تداوله.

ونفى المركزي السوري سحب أيّ فئة من فئات الأوراق النقدية المتداولة من السوق، مع التأكيد أنه يتم حالياً تداول فئة 50 ليرةً الورقية والمعدنية جنباً إلى جنب مع بقية فئات العملة، وذلك رداً على شح الأوراق النقدية والنقود المعدنية من فئة 50 ليرةً في التداول وإشاعة سحب هذه الفئة من التداول.

ويأتي ذلك في ظل استمرار انخفاض الليرة أمام الدولار، فقد وصلت إلى مستويات لم تصلها عبر تاريخها وتجاوزت 670 ليرة للدولار الواحد، وهو رقم غير مسبوق عبر تاريخها، الأمر الذي سرعان ما انعكس على أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في ظل موجة غلاء مرافقة جعلت معها قيمة النقود من الفئات الصغيرة تتلاشى بحيث لم تعد الخمسين ليرةً قوةً شرائيةً لأقلّ مادة، ما أدى إلى عدم التعامل بها في السوق.

وترجع مصادر النظام انخفاض الليرة إلى العقوبات الاقتصادية وإلى التجار وأصحاب العقارات والأملاك وبعض حديثي النعمة، في حين يرى الباحث الاقتصادي الدكتور عماد الدين المصبّح أن تحريك سعر الصرف هو فعل مدار خدمةً لمصالح مراكز قوى داخل النظام، بينما يرى الباحث الاقتصادي يونس الكريم أن الليرة السورية دخلت مرحلةً حرجة.

وكان مركز دمشق للدراسات والأبحاث / مداد / أشار إلى أن سبب انخفاض الليرة زيادة الطلب المحلي على الدولار الأمريكي، في ظل الحديث عن الحاجة إلى استيراد بعض السلع الضرورية كالمحروقات، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية الغربية.

ومع استمرار انخفاض الليرة تتزايد الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للأهالي صعوبةً، وباتت الأوضاع المعيشية تثقل كاهل الأهالي في ظل الغلاء وشحّ الخدمات الضرورية من غاز وكهرباء ومحروقات، في وقت أكدت الأمم المتحدة في أحدث تقرير لها أن وضع الأمن الغذائي في سوريا كارثي في ظل استمرار الحرب في البلاد منذ 9 سنوات، لافتةً إلى أن أسعار الموادّ الغذائية “تفرض ضغوطاً أكبر على السوريين”.

وقال تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” وبرنامج الأغذية العالمي: “ما يزال الأمن الغذائي يمثل تحدياً خطيراً، بسبب استمرار الأعمال العدائية المحلية، والنزوح الجديد ولفترات طويلة، وزيادة أعداد العائدين الجدد، واستمرار تآكل المجتمعات المحلية بعد نحو تسع سنوات من الصراع”.

وكان مؤشر المعيشة العالمي الذي تعدّه وحدة الاستخبارات في مجلة إيكونوميست صنّف العاصمة دمشق أسوأ مدينة للعيش بين مدن العالم، وتعتمد المجلة في تصنيفها على مستويات المعيشة ومدى انتشار الجريمة، والبنية التحتية والنقل، والتعليم والرعاية الصحية، وكذلك الاستقرار السياسي والاقتصادي.

وانعكست الأزمة المعيشية على الحالة الاجتماعية بحيث هبط انخفاض الليرة بدخل آلاف العائلات إلى ما بين الخمسين والمئة دولار، بينما تتطلّب معيشتها في الحد الأدنى ما يعادل 500 دولار شهرياً، في حين أن نسبةً قليلةً من الأهالي تستطيع أن تسدّ الفجوة بين الدخل وتكاليف المعيشة من خلال تحويلات السوريين في الخارج أو استنفاد مدّخراتها، في المقابل وصل الأمر بالنسبة الكبرى إلى مواجهة معادلة واضحة لا رحمة فيها، بما لها من آثار اجتماعية ونفسية.

راديو الكل ـ تقرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى