هكذا نجحت عقوبات “قيصر” بخنق “حزب الله” وإبعاده عن حلفائه

حلفاء الحزب بدأوا ينأون بأنفسهم عنه لضمان بقائهم السياسي

يبدو أن العقوبات الأمريكية الجديدة التي تستهدف نظام الأسد بموجب قانون “قيصر” بدأت تخنق حليفه في لبنان مليشيا حزب الله أيضاً، وتبعده عن حلفائه السياسيين، وتضعف استخدامه لمؤسسات الدولة لمساعدة النظام، بحسب تقرير لموقع “صوت أمريكا”.

ووصف زعيم المليشيا حسن نصر الله عقوبات قيصر التي بدأ العمل بها في 17 حزيران الماضي، بأنها “حرب اقتصادية” تهدف إلى “تجويع سوريا ولبنان”، ودعا الحكومة اللبنانية، لتجاهلها.

ورغم أن عقوبات “قيصر” قد لا تكون مدمرة لـ”حزب الله”، إلا أنها قد تردع أطرافاً أخرى في الائتلاف الحاكم في لبنان عن اتباع رغبة المليشيا المدعومة من إيران في تحسين العلاقات مع إدارة رأس النظام بشار الأسد، بحسب “حنين غدار”، الزميلة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.

وقالت غدار لصوت أمريكا، إن حزب الله يدعو الحكومة اللبنانية لتطبيع علاقات لبنان مع نظام الأسد، مضيفة أن أياً من حلفاء حزب الله لا يرغب حالياً في تحدي قانون قيصر، ولاسيما مع وجود مفاوضات مستمرة مع المجتمع الدولي لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية المدمرة.

وتصنف الولايات المتحدة “حزب الله” كمنظمة إرهابية منذ عام 1997، وقد تم معاقبة الجماعة بموجب قانون منع تمويل حزب الله الدولي لعام 2014، الذي يمنع الكيانات المرتبطة بحزب الله من الوصول إلى الشبكات المالية واللوجستية الدولية ويمنع قدرتها على تمويل الإرهاب العالمي أنشطة.

 كما أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في وقت سابق من هذا العام فرض مزيد من العقوبات على تلك المليشيات، حيث أدرجت 15 كياناً يتبعه على القائمة السوداء.

السيطرة السياسية

وقال لقمان سليم، المحلل المقيم في بيروت لصوت أمريكا، إن حزب الله يعمل منذ سنوات على تعزيز تسلل الدولة والجيش اللبنانيين من خلال نسج شبكة من التحالفات عبر الطيف اللبناني المتعدد الطوائف.

ووصلت سيطرة “حزب الله” على المشهد السياسي في لبنان إلى ذروتها في 2016، عندما دعم بنجاح ميشال عون، المسيحي الماروني ورئيس حزب التيار الوطني الحر، ليصبح رئيساً.

وقال سليم إن حلفاء ذلك التحالف بدأوا الآن ينأون بأنفسهم عن حزب الله لضمان بقائهم السياسي.

وأضاف أنه عندما يتولى نبيه بري، الحليف الرئيس لحزب الله الدفاع عن القطاع المصرفي، وعندما تشكك أصوات من داخل التيار الوطني الحر، الذي يتزعمه الرئيس ميشال عون، في جدوى اتباع “حزب الله” بشكل أعمى، وعندما يدعو البطريرك الراعي، أعلى سلطة مسيحية في لبنان، الأمم المتحدة لمساعدة لبنان على تأكيد حياده، لا يمكننا القول أن حزب الله في أفضل أيامه”.

معاملات حزب الله

بالإضافة إلى الدعم المالي من إيران، يستخدم حزب الله طرق التهريب عبر حدود لبنان مع سوريا، بينما يستغل في الوقت نفسه مؤسسات الدولة اللبنانية لجمع الإيرادات.

يقول الخبراء إن قانون قيصر قد لا يحد من أنشطة حزب الله السرية، ولكنه سيعطل قدرته على استخدام مؤسسات الدولة هذه لدعم حكومة النظام.

وبحسب لقمان سليم، يجبر “حزب الله” الحكومة اللبنانية، من خلال البنك المركزي اللبناني، على استيراد، وبأسعار مدعومة، كميات من بعض السلع الأساسية، ولا سيما الوقود والقمح والإمدادات الطبية، التي تتجاوز احتياجات لبنان، ومن ثم يقوم بإرسال أجزاء من البضائع الزائدة إلى سوريا عبر طرق التهريب التقليدية.

ويقول مراقبو حزب الله إنه على الرغم من تهديداته، فقد لا يكون الحزب مستعداً لزيادة التوترات مع الولايات المتحدة، خاصة عندما تواجه إيران الداعم الرئيس لإيران عقوبات قاسية خاصة بها.

وقالت غدار، إن حزب الله مشغول بالوضع الاقتصادي الحالي في لبنان، وهو يعلم جيداً أن أي تصعيد مع الولايات المتحدة سيكون خطيراً.

وترى غدار أن أولوية حزب الله وإيران حالياً تقوم على الانتظار ومحاولة البقاء على قيد الحياة خلال الأشهر القليلة القادمة على أمل تغيير الإدارة الأمريكية خلال الانتخابات القادمة.

المساعدات الأمريكية

أثناء محاولتها كبح “حزب الله”، قدمت الولايات المتحدة المساعدة العسكرية للجيش اللبناني منذ عام 2006، بما في ذلك الأسلحة والتدريب والدعم الاستشاري.

وزار قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال فرانك ماكنزي، بيروت في وقت سابق من الشهر الحالي، حيث شدد على ضرورة استمرار التعاون الأمريكي مع الجيش اللبناني للحفاظ على استقرار البلاد وسيادتها.

وتأتي الزيارة بعد أن أعلن الجيش أنه أغلق ثلاثة طرق تستخدم لتهريب المركبات المسروقة والسلع الأخرى إلى سوريا.

وتعتبر الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة للبنان، وقدمت له 1.8 مليار دولار منذ بداية أزمة اللاجئين السوريين، وفي العام الماضي وحده، منحت الحكومة الأمريكية 750 مليون دولار للبنان.

في غضون ذلك، قال مسؤولون لبنانيون مراراً إنهم يرحبون بأي تحسن في العلاقات مع الولايات المتحدة، خاصة وأنهم يكافحون من أجل إنقاذ اقتصادهم.

التأثير على الاقتصاد

يواجه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ نهاية حربه الأهلية عام 1990 ويقول مسؤولون لبنانيون إنهم يخشون من أن تؤدي العقوبات الأمريكية على نظام الأسد إلى تفاقم الأزمة.

وخلال مؤتمر دولي حول المساعدة الإنسانية لسوريا عقد في بروكسل الشهر الماضي، ناشد رئيس الوزراء اللبناني حسن دياب المانحين الدوليين مساعدة بلاده على الهروب من العواقب السلبية للعقوبات.

ويقول المسؤولون في واشنطن إن قانون قيصر لا يستهدف الأنشطة الاقتصادية المشروعة للبنان ولن يكون له تأثير على الشعب اللبناني.

غير أن نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي جويل رايبورن قال في 17 من حزيران، إذا “دخلت الحكومة اللبنانية أو الشركات اللبنانية في معاملات مع نظام الأسد لشراء وقود له، ستكون الصفقة محفوفة بالمخاطر للغاية، ومن شأنها أن تعرضهم للعقوبات”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى