المحاكم الأوروبية بصدد استخدام “تقنية جديدة” لمحاسبة نظام الأسد على جرائم الحرب

تقنية "الذكاء الاصطناعي" تسعى للاستفادة العملية من آلاف البيانات التي توثّق جرائم الحرب في سوريا

قالت صحيفة أمريكية إن السلطات الأوروبية وجماعات حقوق الإنسان بدأت باستخدام أداة جديدة لمحاسبة نظام الأسد على جرائم الحرب التي ارتكبها في سوريا منذ العام 2011، وهي تقنية “الذكاء الاصطناعي”.

وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، في تقرير ترجمه موقع “الحرة”، اليوم الأحد، أن الجهود الأوروبية لمساءلة نظام الأسد عن جرائم الحرب تكتسب قدراً من التسارع في المحاكم الأوروبية، عبر استخدام تقنية “الذكاء الاصطناعي” في رصد وفرز تلك الجرائم.

ووفقاً للصحيفة، فإن “الذكاء الاصطناعي” والتعلم الآلي يمكن أن يؤديا دوراً أساسياً في تقديم مجرمي الحرب للعدالة في سوريا، من خلال المساعدة في فرز مجموعة ضخمة من الأدلة، والعمل كنموذج للتحقيقات في عشرات القضايا التي لم يعتمد أي منها على “الذكاء الاصطناعي” من قبل.

وتشير “وول ستريت جورنال” في هذا الصدد إلى أنّ “الصراع السوري” هو “الحرب الأكثر توثيقاً في التاريخ” من حيث “الكمّ الهائل من الأدلّة” التي تتضمّن الملايين من مقاطع الفيديو والصور ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي وصور الأقمار الصناعية، لكنها تستدرك بأن كل تلك الأدلة لا تساعد بسهولة على المساءلة عن الجرائم المرتكبة أثناء الحرب، بما فيها عمليات القتل والتعذيب والهجمات على المتظاهرين، والضربات الصاروخية العشوائية والبراميل المتفجرة، التي خاطر النشطاء على الأرض بحياتهم لتوثيقها، وفقاً للصحيفة.

ونقل التقرير عن “كاثرين مارشي أوهيل” التي ترأس هيئة الأمم المتحدة المكلفة بجمع المعلومات السورية، قولها: “لدينا استخدام للتكنولوجيا لالتقاط المعلومات ونشرها على حدّ سواء، والآن للبحث عنها بشكل مختلف تماماً”.

وتهدف هذه التقنية إلى المساعدة في معالجة البيانات وتنظيمها وتحليلها وتقليل الوقت الذي يقضيه المحققون البشريون في فرز ومشاهدة ما يعادل حجم “تيرابايت” من مقاطع الفيديو والصور المؤلمة.

وتتابع الصحيفة أن خوارزميات “الذكاء الاصطناعي” تساعد في تجميع مقاطع الفيديو لنفس الحادث والتخلص من النسخ المكررة أو الصور غير ذات الصلة، كما تعمل الخوارزميات أيضاً على التعرف على الأشياء، وإيجاد جميع البيانات ذات الصلة بسلاح معين للمساعدة في حالة معينة.

ويوضح تقرير “وول ستريت جورنال” أنه في العام 2017، أراد “هادي الخطيب” مؤسّس “الأرشيف السوري” (وهي مجموعة حقوقية مستقلة تعمل على أرشفة الأدلة منذ عام 2011) تجميع قاعدة بيانات قابلة للبحث عن جميع هجمات الذخائر العنقودية.

ويأمل “الخطيب” أن تساعد قاعدة البيانات التي جمعها، في إثبات أن نظام الأسد وداعمه العسكري الرئيسي روسيا، استخدموا أسلحة محظورة دولياً أثناء الحرب.

وبدا أنه “من المستحيل على فريق الخطيب الصغير فرز أكثر من 1.5 مليون مقطع فيديو يدوياً للعثور على كل تلك الأدلة المتعلقة بالقنابل العنقودية”، ورغم وجود “تقنية فرز الأدلة” في بعض الحالات، إلا أنها “مكلفة للغاية” بالنسبة لمجموعات حقوق الإنسان، لذلك لجأ “الخطيب” إلى “آدم هارفي” (وهو مهندس برمجيات مقيم في برلين يقود مشروعاً في مجال “التعلم الآلي” في مجال حقوق الإنسان، يحمل اسم “VFRAME”)، لبناء كاشف ذكاء اصطناعي قادر على مثل هذا البحث.

ويأمل كل من “الخطيب” و”هارفي” أن تكتمل قاعدة البيانات وأن تكون جاهزة للعمل بحلول منتصف عام 2021.

وفي غضون ذلك وعلى الاتجاه نفسه، يشارك مشروع “مايكروسوفت” للذكاء الاصطناعي المخصص للعمل الإنساني، والذي تبلغ تكلفته 40 مليون دولار، ومؤسسة “Benetech” غير الربحية، في البحث عن أدلة على استخدام الذخائر العنقودية خلال الحرب السورية، حيث أكملت “مايكروسوفت” تطوير نظام لتحديد الأسلحة في مقاطع الفيديو المتعلقة بالذخائر العنقودية العام الماضي، ويستطيع النظام اكتشاف هذه المقاطع من الصوت، باعتبار الصوت المميز لانفجار هذا النوع من القنابل المحرّمة دولياً.

ويختم التقرير بالإشارة إلى أن المحققين في قضايا حقوق الإنسان بما يخص الملف السوري، لا يحتاجون فقط إلى توثيق جرائم الحرب وإثباتها من خلال مقاطع الفيديو والصور الكثيرة، لكنهم يبحثون كذلك عن “التسلسل القيادي” في إعطاء الأوامر لارتكاب تلك الجرائم، والذي غالباً ما يوجد في الوثائق المهربة إلى خارج سوريا.

سوريا – راديو الكل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى