تراشق بالتصريحات بين الولايات المتحدة وروسيا والنظام فوق رؤوس السوريين ما الهدف؟

محللون: ضغوط أمريكية على النظام للانصياع للحل السياسي، وتوقعات بتغيرات كبيرة قبل منتصف العام

حفلت الأيام القليلة الماضية بالتراشق بالتصريحات بين كل من الولايات المتحدة وروسيا ونظام الأسد بعد أن أثارت واشنطن ملف الأسلحة الكيميائية ووجهت إدانات إليهما باستخدامها ضد السوريين وضد مواطنين روس بحسب ما قاله وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في كلمة ألقاها عبر الفيديو أثناء مؤتمر حول نزع السلاح عقد في جنيف برعاية الأمم المتحدة الإثنين الماضي
ولكن لم تحضر حتى الآن في التصريحات الأمريكية ملفات القضية السورية الأساسية عدا بضع كلمات قالتها المبعوثة الأمريكية بالإنابة إيمي كوترونا لهيئة التفاوض السورية بأن لا تغير في مواقف بلادها السابقة إزاء القضية السورية، ولا جديد حتى الآن بحسب ما نقل عنها عضو الهيئة بدر جاموس.
التصريحات الأمريكية المتعلقة بتحريك ملف الكيميائي ضد النظام وروسيا المترافقة مع حراك أوروبي يتمثل خصوصا بالمحاكمات التي تجري في ألمانيا لعناصر من مخابرات النظام وصفها المحلل السياسي الدكتور زكريا ملاحفجي بأنها مقدمة لطرح الملف الرئيس الذي ينتظره السوريون وهو فرض الحل السياسي ردا على تعنت النظام ورفضه الانخراط في العملية السياسية معللا كلامه بالقول: نحن أمام سياق يتحدث عن إدانة النظام بارتكابه جرائم حرب وقرب موعد انتخابات الرئاسة في سوريا، ومن الممكن أن يكون هناك شيء في أذهان الأمريكيين
وقال ملاحفجي “نحن أمام ضغوط ستضع النظام على حافة الهاوية والتصريحات الأمريكية واضحة بهذا الخصوص”، مشيرا إلى أن الأوضاع المعيشية في سوريا آخذة بالتدهور ولذلك من الممكن أن تكون هناك تطورات ما حتى منتصف هذا العام.
ويتفق الكاتب والصحفي مصطفى النعيمي مع موقف الدكتور ملاحفجي ويشير إلى أن الأوضاع المعيشية في البلاد تتعرض لانهيارات بسبب سياسة النظام، مع استمرار تصاعد الضغوط الغربية عليه ويقول إن الاستراتيجية الأمريكية مستمرة في إطار محاسبة النظام وإن الحاضنة الشعبية بدأت بالتحرك ضد سياسات النظام.
ولكن في نفس الوقت لم تعد الولايات تتحدث عن عدم شرعية نظام الأسد على الرغم من أنها فرضت عليه قانون قيصر لعدة أهداف من بينها الالتزام بالحل السياسي، وسحب الميليشيات الايرانية من سوريا في حين تأتي تصريحات بلينكن ولا سيما بخصوص الوجود الإيراني في سوريا وربطه بموضوع الجولان كسبب رئيس لاستمرار اعتراف الولايات المتحدة على سيادة إسرائيل على الجولان لحماية أمنها ليوجه بوصلة تلك التصريحات باتجاه ملفات أخرى إلى حد ذهب معه محللون سياسيون ومن بينهم سامر خليوي إلى الحديث بأن تلك التصريحات مناورات من أجل ملفات أخرى.
اللافت أن نظام الأسد لم يرد على تصريحات سبق لبلنكن أن أعلنها بخصوص مواصلة بلاده الاعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان كذلك روسيا إلا أن الجانبين سارعا للرد على تصريحات بلينكن بخصوص السلاح الكيميائي إذ وصف السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف الاتهامات الأمريكية لبلاده بأنها استخدمت السلاح الكيميائي ضد معارضي الحكومة الروسية بأنها عديمة الأساس وقال إن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي لديها مخزون أسلحة كيميائية وتبعه في هذا الموقف فيصل مقداد وزير خارجية النظام.
استحضار الدبلوماسية الأمريكية مسألة الأسلحة الكيميائية، وسيادة إسرائيل على الجولان المحتل مع بدء وضع الخارجية عناوين توجهها خلال السنوات المقبلة كان لافتا، إذ إنها تندرج أكثر في إطار العلاقات الدولية بالنظر لتعدد الأطراف المعنية فيها ما يبقي المؤشرات على توجه الإدارة الأمريكية في المرحلة المقبلة لصيقة بمصالح تلك الأطراف.
ملفا الكيميائي والجولان ترتبط بهما الولايات المتحدة وروسيا واسرائيل والنظام بشكل مباشر من خلال اتفاقيات وتفاهمات تم تعديل بعض بنودهما لصالح هذا الطرف أو ذاك وعلى إيقاع التطورات التي وقعت على الساحة السورية خلال السنوات الماضية.
والثابت أن الملفين هما سوريان بالأساس وضحاياهما هم سوريون، ومن لا صوت لهم فيهما هم السوريون، وهذا يتكامل مع خفوت تأثيرهم خلال المدة الماضية بالنسبة لقضاياهم المصيرية ذات الأولوية، ولكن الآن وفي ضوء الضغوط الأمريكية والغربية عموما فقد تكون هناك تطورات متسارعة على صعيد الأوضاع في سوريا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وفي ظل مؤشرات على انهيارات في الوضع المعيشي مع استمرار تراجع قيمة صرف الليرة السورية مقابل الدولار.

راديو الكل ـ تقرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى