نظام الأسد يعيد الأخذ عسكر إلى واقع السوريين


“أخد عسكر”.. مصطلح من عهود غابرة، بات اليوم واقعاً، بل وكابوساً يؤرق السوريين، وسط حملات الاعتقال التي يقوم بها النظام لإجبار الشبان على الالتحاق بالجيش بصفة “احتياط”، وذلك من أجل تعويض النزيف البشري الحاصل في قواته، إثر تخلف الآلاف من الشباب عن الخدمة العسكرية، وانشقاق آخرين، من دون أن يعلن ذلك بشكل رسمي، خوفاً من هرب الشبان أو تخفيهم عن الأنظار.

 

في إطار ذلك، كثفت الحواجز المنتشرة في المناطق التي يسيطر عليها النظام من تدقيقها على المارة وركاب الحافلات والسيارات، خاصة مع الأشخاص الذين تترواح أعمارهم بين الرابعة والعشرين والخامسة والثلاثين، بوصفها الفئة العمرية الأنسب للسحب إلى الاحتياط.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت اعتقال قوات النظام ما لا يقل عن ألف ومئتي شاب منذ مطلع نوفمبر حتى منتصف ديسمبر من العام الماضي، رغم أن نصف المعتقلين لديهم وثائق رسمية بتأجيل الالتحاق بالخدمة العسكرية من بينهم أكثر من ثلاثمئة طالب جامعي، وأضافت الشبكة بأن الشباب الذين يتم اعتقالهم يتم تحويلهم إلى مقر الشرطة العسكرية، ومنها إلى مناطق الاشتباكات العسكرية مع فصائل المعارضة، مشيرة إلى ان حملات الاعتقال تركزت بشكل رئيسي في دمشق، ثم حلب وحماة وحمص.

في شوارع العاصمة دمشق، ولو أن وتيرة الاعتقالات قد تراجعت عما كانت عليه من قبل؛ إلا أن النظام قام بتوسيع الفئة العمرية المشمولة بقانون الاحتياط، لتبدأ من الشبان مواليد عام ألف وتسعمئة وستة وسبعين، بدلاً من عام ألف وتسعمئة وواحد وثمانين، بحسب (معاوية حمزة) عضو اتحاد تنسيقيات الثورة في دمشق وريفها.

مناطق عديدة أخرى تشهد اعتقالات عشوائية كل يوم، ففي مدينة حلب؛ تختلف أعمار الشبان الذين يتم اقتيادهم إلى الاحتياط باختلاف المناطق وحتى الحواجز، والتي لم تعد تقبل أي رشاوى لقاء الإعفاء من السحب إلى الخدمة الإجبارية تحديداً، بسبب حاجتها المتزايدة للعناصر، كما ذكر مراسل راديو الكل في حلب (مجاهد أبو الجود).

أما في حمص، فمبلغ مئة ألف ليرة سورية قد يفي بالغرض، يتم دفعه لشعبة التجنيد لقاء إغلاق ملف الاحتياط لفترة محدودة، والزبون هنا من يرغب بالتخلف عن الخدمة، حسب ما قال مراسل راديو الكل هناك (محمود سليمان).

فيما أفاد ناشطون أن حكومة النظام وزعت في مطلع نوفمبر من العام الماضي، قوائم بأسماء عشرات الآلاف من المطلوبين بهدف التجنيد للقتال مع الجيش أو المليشيات المحلية، وشملت القوائم الشباب السوري من أعمار خمسة وعشرين حتى خمسة وثلاثين، من بينهم طلاب جامعيون وموظفون في الدوائر الحكومية، كما تم تبليغ الأطباء والممرضين ممن تجاوزت أعمارهم الأربعين عاماً بضرورة القدوم إلى المشافي العسكرية والميدانية التابعة لقوات النظام، وذلك في مؤشر كبير على أزمة النظام الذي استنفزت المعارك والعمليات العسكرية جنوده ومليشياته.

 

قضية الخدمة الإلزامية باتت نقطة محورية في حياة كل شاب، وهو يدرك تماماً أن ما من عودة قريبة بعد سحبه إلى جبهات القتال الساخنة في المدن المختلفة، الأمر الذي وضع الشبان أمام خيارين أحلاهما مر، إما التطوع من تلقاء أنفسهم في صفوف شبيحة الدفاع الوطني، أو السحب إلى الاحتياط، فيما يختار آخرون الهجرة خارج البلاد رغم مخاطرها وتكاليفها الباهظة، تاركين خلفهم دراستهم ومشاريع عملهم وأحلامهم في الاستقرار وتأسيس عائلة.

وبينما يواصل النظام زجّ الشباب في صفوف الاحتياط؛ يقف الشعب الأعزل حائراً أمام مؤسسة الجيش التي تفننت في إذلاله وإهانته، بدل الدفاع عنه وحمايته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى