التشرد والمخدرات والانتحار والعنف ضد الأطفال ظواهر تزداد نسبتها ومنظمات دولية تدق ناقوس الخطر

محللون : الحرب أدت إلى انهيار منظومة القيم المجتمعية وعلى المنظمات القيام بدورها وعدم الاكتفاء بالدعاية الإعلامية

ينشغل السياسيون بتصريحات ومناكفات، وتغيب عن تلك المواقف تداعياتها على حلقات هي الأضعف ، لتتدحرج على أولئك الأطفال الذين شردتهم مواقف الكبار وحرمتهم براءتهم فلا أحد مخطئا من الساسة كما يدعي الجميع إنما الخطيئة في هذا الجزء من العالم باتت تتلبس البراءة.

منظمات دولية متعددة دقت ناقوس الخطر إزاء وضع الأطفال في سوريا بسبب الحرب مع بروز ظواهر لم يكن يعرفها المجتمع مثل الإدمان على المخدرات والانتحار بين الأطفال أو العنف ضد الأطفال ، مع خروج نحو نصف عددهم من دائرة التعليم وازدياد تدهور الأوضاع المعيشية ونقص الغذاء والدواء ، ويطرح ازدياد نسبة تلك الظواهر أسئلة متعددة ليس حول المتسبب فقط بل إلى الاتجاه الذي يسير فيه المجتمع السوري الذي باتت مجتمعات إن صح التعبير بحكم تعدد المناطق والنفوذ

الحرب أدت إلى انهيار المنظومة القيمية للمجتمع
ورأى الدكتور طلال المصطفى الأكاديمي والباحث في مركز حرمون للدراسات أن الحرب الوحشية التي شنها النظام حطمت منظومة الأمان الاجتماعي وفككت المجتمع وأحدثت خللا في الكثير من الروابط التي تقوم عليها الأسرة وقال إن الحرب لم تحطم البنى المجتمعية فقط بل أيضا القيم والضوابط المجتمعية لدى الشرائح الأكثر ضعفا كالطبقة الفقيرة وهو ما انعكس عنفا وظواهر سلبية مثل المخدرات وغيرها .

وأضاف الدكتور المصطفى أن الانهيار الاجتماعي الناتج عن انهيار اقتصادي معيشي لفترة زمنية طويلة أدى إلى فقدان المنظومة الدفاعية ” الضوابط الاجتماعية ” موضحا أنه من المفترض في الحالة الطبيعية لأي مجتمع أن تلعب القيم أو الضوابط المجتمعية دورا إيجابيا في الحد من الظواهر السلبية والعنف بشكل عام لكن المجتمع السوري في حالة غير طبيعية .

منظمات المجتمع المدني تركز على الدعاية الإعلامية فقط
وأكد أهمية أن تعمل منظمات المجتمع المدني كبديل لشبكات الضمان الاجتماعي وقال للأسف هذه المنظمات أكثر ما تبحث عنه هو الظهور الإعلامي وتركز على الدورات التثقيفة ودورات إرشادية ودعم نفسي وغيره وقال : لا يمكن أن نقدم الدعم النفسي للأسر دون أن نؤمن الغذاء والمأوى لها .

ودعا الدكتور المصطفى المنظمات والجمعيات الخيرية وغيرها إلى التصدي للظواهر الاجتماعية السلبية وعلاجها من خلال تأمين المأوى والغذاء أولا للأسر الأكثر ضعفا وقال إنه لا يمكن على سبيل المثال حل مشكلة عمالة الأطفال دون توفير أمان معيشي للأسرة وقال إن توزيع سلال غذائية دون تأمين احتياجات السكن لا يكفي .

الحرب أوجدت صعوبات على صعيد الصحة النفسية
من جانبه رأى الباحث الاجتماعي صفوان موشلي أن صورة المجتمع قاتمة والحرب الموجهة ضد المدنيين سواء كانوا تحت الخيام أو في المهمشين في مناطق خالية من شروط الحياة الطبيعية أوجدت أزمة بالصحة النفسية ، والمجتمع بدأ يفقد قدرته على المعاوضة ، وهو ما ينعكس عنفا على الحلقات الأضعف كالطفل والمرأة .

وتساءل موشلي هل ننتظر من مجتمع عنفي ألا تتفجر مظاهر العنف فيه ؟ وقال إن المنظومة الأخلاقية لا يمكن أن تؤمن في أي مجتمع ما لم يتم تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للأهالي مشيرا إلى أن الظواهر السلبية لا يمكن التعاطي معها بشكل صحيح دون قيام الأسرة بشكل طبيعي .

وتتشابه الظروف بين مناطق سيطرة النظام والمناطق الأخرى ، والمعاناة واحدة والمتسبب واحد فالحرب استنزفت طاقات البلاد وألقت بثقلها على الطفولة التي هي أضعف الحلقات في المجتمع وأوجدت ظواهر جديد فبالإضافة إلى المخدرات برزت ظاهرة الانتحار بين الأطفال ، إذ تقدر منظمة أنقذوا الأطفال الخيرية البريطانية نسبة محاولات الانتحار أو الانتحار لما دون سن الثامنة عشرة بـ 20% بين أطفال منطقة شمال غرب سوريا .

ازدياد حالات الانتحار بين الأطفال
وتقول المنطمة إنها سجلت 246 حالة انتحار و 1748 محاولة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2020 وحده مشيرة إلى أنه من بين أولئك الذين حاولوا الانتحار، 42% على الأقل تبلغ أعمارهم 15 عامًا أو أقل، بينما 18 في المئة هم من المراهقين والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 20 عامًا.

وإضافة إلى ذلك يعاني الأطفال من عنف مجتمعي وعنف من قبل الأهل كحادثة وفاة طفلة انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي أن والدها قيدها في قفص ، وإن كانت هذه لا تشكل ظاهرة لكنها تستحق التوقف عندها ..

وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن حوالي 90 في المائة من الأطفال السوريين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية العاجلة ، وإن أكثر من مليونين ونصف المليون من الأطفال هم الآن خارج التعليم .

الانتقال إلى وضع معيشي مختلف ومكان مختلف كالنزوح عما كانت تعيشه فيه الأسر لا شك أنه يؤثر بشكل كبير في السلوك وهناك أسباب موضوعية وأخرى ذاتية لمسألة العنف بشكل عام فالخراب والقتل ومشاهد التدمير انعكست على الأهالي بحيث استنفذوا الطاقات المحدودة من أجل تأمين سبل الحياة بينما المسؤول الرئيس عن تفكك المجتمع وهو من قام بالحرب ولكن إلى حين إنهاء دوره أو ربما لن يكون ذلك في المدى المنظور سيبقى المجتمع في ظل استمرار الأزمات يسير نحو المجهول مع ازدياد الجرائم وتلك الظواهر ولا سيما أن جيلا كاملا لا ينتظره مستقبل واضح

راديو الكل – تقرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى