منطقة “السيدة زينب”.. بؤرة “صراع النفوذ” بين قوات الأسد والمليشيات الإيرانية

منذ آذار الماضي شهدت المنطقة الواقعة جنوبي دمشق مواجهات عنيفة بين المليشيات الإيرانية و"الفرقة الرابعة"

يتواصل الخلاف بين قوات نظام الأسد والمليشيات الإيرانية في “السيدة زينب” جنوبي دمشق، على وقع مواجهات تندلع بين الحين والآخر بين الطرفين، في منطقة شكّلت منذ سنوات تجمعاً لمقاتلين طائفيين متعددي الجنسيات، دخلوا سوريا تحت ذريعة “الدفاع عن المقامات المقدّسة”.

وبعد سنوات من قتال الجانبين تحت راية واحدة ضد الثورة السورية، تبرز في هذه الأوقات خلافات حادة بين قوات النظام والمليشيات الإيرانية، سعياً لبسط النفوذ على الأرض، وصراعاً على واردات الإتاوات والجبايات والسرقات من جيوب المدنيين.

وتنقل صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصدر (لم تسمّه) قوله إن استياء كبيراً يسود في أوساط “الفرقة الرابعة” التابعة لقوات الأسد، والتي يقودها “ماهر” شقيق بشار الأسد من جهة، والمليشيات الإيرانية متعددة الجنسيات من جهة ثانية، على خلفية سعي الأخيرة إلى “ابتلاع” منطقة “السيدة زينب” ذات الخصوصية الدينية لدى أتباع الطائفة الشيعية.

ويشير المصدر -بحسَب “الشرق الأوسط”- إلى قيام مليشيات إيران ببناء مجمع ضخم على مساحات شاسعة في شمال منطقة “حجيرة” المجاورة لـ”السيدة زينب” بحجة أنه “مجمع ثقافي ورياضي وترفيهي”، إضافة إلى وجود ثكنة كبيرة لتلك المليشيات في جنوب المنطقة، ومواصلة تجار تابعين للمليشيات بشراء المنازل.

وأفاد المصدر للصحيفة نفسها أن أهالي “السيدة زينب” والمناطق المحيطة، هم من يدفعون ثمن الصراع بين الجانبين، بسبب سياسة إغلاق الطرق بين منازلهم وأعمالهم ومدارس أولادهم.

ويتم الدخول إلى منطقة “السيدة زينب” الواقعة على بعد 7 كيلومترات جنوبي العاصمة دمشق، حصراً عبر طريقين رئيسيين: الأول يعرف محلياً باسم “مفرق المستقبل” ويقع على طريق “مطار دمشق الدولي”، والثاني من دمشق إلى المنطقة، ويبدأ من حي “القزّاز” على المتحلق الجنوبي، ومن ثم بلدة “ببيلا” فبلدة “حجيرة”، وصولاً إلى “السيدة زينب”.

ومنذ نحو شهرين، أبقت قوات النظام والمليشيات الإيرانية على طريق واحد فقط هو “طريق المطار”، مع إغلاق “طريق حجيرة” وسط تضارب الروايات حول الجهة التي أقدمت على هذه الخطوة.

ولم تكتفِ قوات الطرفين بإغلاق الطرق المؤدية إلى السيدة زينب، إنما امتد الأمر إلى إغلاق مداخل الجادات الفرعية في البلدة بسواتر ترابية عالية، وإبقاء اثنتين إلى ثلاث مفتوحة فقط، وهي تؤدي إلى مقرات إيرانية، ما أدى إلى تقطيع أوصال المنطقة.

ووفقاً لـ”الشرق الأوسط” فإن أصحاب سيارات يدخلون إلى “السيدة زينب” عبر “مفرق المستقبل” يذكرون أنه بعد أن كانت المليشيات الإيرانية تهيمن على الحاجز الموجود منذ زمن بعيد في المفرق، يوجد حالياً ثلاثة حواجز: الأول مشترك للمليشيات و”إدارة المخابرات العامة” و”الفرقة الرابعة”، والثاني لـ”الأمن العسكري”، والثالث لـ”إدارة المخابرات العامة”، وهو آخر حاجز تمر منه السيارات قبل دخولها إلى السيدة زينب وحجيرة.

ومنذ عقود خلت، شكّلت منطقة “السيدة زينب” اسماً مهماً فيما يُعرف بـ”السياحة الدينية” في سوريا، حيث يقصدها سنوياً آلاف الزوار الشيعة من إيران والعراق ولبنان ودول أخرى.

وعقب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، أصبحت منطقة “السيدة زينب” تجمعاً سكانياً كبيراً للاجئين عراقيين من الطائفة الشيعية، تملّكوا فيها عقارات ومتاجر وأصبحوا أشبه بـ”مستوطنين” في المنطقة.

وبعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، رفعت إيران شعار “الدفاع عن المقدسات” و”حماية المقامات” في سوريا، كذريعة للدفاع عن نظام بشار الأسد ومحاربة المناطق الثائرة، ما جعل منطقة “السيدة زينب”، بواقع الحال، خزاناً بشرياً لمئات المقاتلين العراقيين القاطنين في المنطقة، وأصبح العدد يقدر بالآلاف بعد وصول مقاتلين إضافيين من إيران والعراق ولبنان وأفغانستان وباكستان.

وفي نهاية نيسان الماضي، تجدّدت الاشتباكات بالأسلحة الثقيلة بين “الفرقة الرابعة” والمليشيات الإيرانية، في “السيدة زينب” على خلفية رفض المليشيات الشيعية إعادة فتح الطريق الواصلة بين منطقتي “حجيرة” و”ببيلا”، بحسب ما أورده موقع “صوت العاصمة”.

وأوضح حينها الموقع المختص بأخبار دمشق وريفها، أن “الفرقة الرابعة” حاولت إعادة فتح الطريق المذكورة، بعد تلقي عدة شكاوى من البلديات ومؤسسة النقل، حول ما ترتّب عليهم من أعباء في النقل نتيجة إغلاق الطريق، إضافة للازدحام الذي شهدت المنطقة المحيطة بـ”قصر المؤتمرات”، حيث أُجبرت السيارات على الالتفاف حوله لدخول منطقة “السيدة زينب” والبلدات المجاورة.

وفي 19 من الشهر نفسه، عاد الهدوء إلى منطقة “السيدة زينب”، بعد نحو ثلاثة أسابيع من التوتر الأمني بين الجانبين، على خلفية “اتفاق مبدئي” بينهما على تهدئة الأوضاع إلى حين انتهاء موسم “الحج”، ونص الاتفاق على إعادة فتح الطريق الرئيسية المؤدية إلى “قصر المؤتمرات”، الأمر الذي يبدو أن المليشيات الشيعية لم تلتزم به.

ومطلع نيسان الفائت، دارت اشتباكات بين المليشيات الإيرانية والشيعية من جهة، و”الفرقة الرابعة” من جهة أخرى، على الأطراف الغربية لمنطقة السيدة زينب، من جهة “حجيرة” و”البويضة”، بعد صراع نشب بينهما أواخر آذار الماضي، وخلال المواجهات، اختطفت المليشيات الشيعية تسعة عناصر من “الرابعة” في البساتين المحيطة بمنطقة السيدة زينب من جهة “البحدلية” وفقاً لـ”صوت العاصمة”.

ونهاية آذار الماضي، أرسلت قوات نظام الأسد تعزيزات عسكرية إلى منطقة “السيدة زينب”، شملت عشرات العناصر المزوّدين بأسلحة خفيفة ومتوسطة، إضافة لبعض الآليات والعربات المصفّحة، على خلفية تصاعد التوتر الأمني.

وتصاعدت المواجهات مؤخّراً بين المليشيات الإيرانية متعددة الجنسيات، و”الفرقة الرابعة” (مدعومة أيضاً من إيران) في خلافات بين الطرفين تتعلق بالسيطرة على مواقع النفوذ وتقاسم الإتاوات، في عدة مناطق.

وفي 18 نيسان، سقط قتيل وجرحى في اشتباكات بين مليشيا “حزب الله” اللبناني و”الفرقة الرابعة” في “حي جبرين” شرقي مدينة حلب، إثر خلاف على تقاسم شاحنتي مواد غذائية مسروقة، بحسب ما أورد موقع “عين الفرات”.

وفي الخامس منه أيضاً، قال موقع “عين الفرات” الذي تابع خبر التصعيد بين الطرفين منذ بداياته، إن عدداً من عناصر “الفرقة الرابعة” قُتلوا تحت التعذيب، في سجن “المسلخ” الواقع ضمن “مطار الجرّاح العسكري” الخاضع لسيطرة مليشيات إيران شرقي حلب، بعد أيام من احتجازهم هناك للتحقيق معهم، بعد اتهامهم بالوقوف وراء الهجمات التي تتعرض لها المليشيات الإيرانية في المنطقة.

وفي 29 آذار الماضي، قتل وأصيب 5 عناصر من مليشيا “حزب الله” اللبناني، في اشتباك مسلّح مع دورية تابعة لـ”الفرقة الرابعة” في “دير حافر” بريف حلب الشرقي، بعد منع الأخيرة من دخول المدينة.

ريف دمشق – راديو الكل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى