حقوقيون يوثقون تورط نظام الأسد بـ 90% من جرائم الاختفاء القسري.. ومختصون: التوثيق يحمي المختطف وليس العكس

راديو الكل ـ خاص

يحدث في سوريا اليوم أن يختطف أحدهم من الشارع أو من بيته أو من مكان عمله من قبل عدة أطراف في مقدمتها نظام الأسد، لينتهي الأمر به في أحد السجون أو مراكز الاحتجاز الأمنية، إلا أن القصة الأسوء تبدأ مع  أولئك الذين يتم احتجازهم في مراكز اعتقال سرية بمعزل عن العالم الخارجي وفي ظروف بالغة الصعوبة والقسوة، حيث يظلون قيد الاحتجاز لسنوات طويلة، بانتظار مصير مجهول هو الموت غالباً.

وفي هذا الصدد، قال نائب مجلس القضاء الحر القاضي رياض علي لراديو الكل إن الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري هي صك قانوني ملزم لمعاقبة الأشخاص الذين اختفوا قسرياً، وهي لا تشمل الدولة التي وقعت فيها الجريمة فقط وإنما الدول التي لجأ إليها مرتكبي الجريمة، منوهاً بأن السوريين لم يستفيدوا من هذه النقطة كثيراً إذ يحتمل وجود أشخاص نفذوا جرائم الاختفاء القسري بحق غيرهم وزاروا دولاً أخرى دون أن يحاسبوا، لكنه أكد من جهة أخرى أن جريمة الاختفاء القسري لا تسقط بالتقادم ويمكن ملاحقة الفاعلين بأي وقت ويتم الاعتماد لاثباتها على أقوال الشخص المختفي وابداء شهادته وعلى الوثيقة التي جرى بموجبها تبادل المعتقلين.

وأشار إلى أنه يمكن محاسبة نظام الأسد الذي يعتبر المتورط الأكبر بهذه الجريمة ضمن ظروف الحرب بسورا على هذا العمل أمام أي من المحاكم التي وقعت على هذه الاتفاقية أو محكمة جنائية سورية أو دولية، مبيناً أنه شهد حالات حينما كان يعمل في السلك القضائي التابع للنظام لأشخاص جرى اعتقالهم على الحواجز لمجرد كونهم ينتمون لطائفة أو محافظة معينة كحمص مثلاً وهم بطريقهم لدمشق، ويلي ذلك اتصال أمن ذلك مع أقارب المختفي للتفاوض معهم على مبلغ معين لمعرفة مصير قريبهم المعتقل ثم يعاودون الاتصال لقبض مبلغ آخر بغرض إخلاء سبيله

وفي السياق ذاته، وثقت منظمة العفو الدولية في آخر تقرير لها حالات الاختفاء القسري في سوريا بخمسة وستين ألف شخص منذ بداية الثورة قبل خمس سنوات، وكشفت في تقريرها كيف تحول الاختفاء القسري إلى تجارة رابحة امتهنها عناصر النظام لابتزاز أهالي الضحايا، معتبرة بأنها جريمة ضد الإنسانية.

وقالت مسؤولة قسم المعتقلين والمختفين قسراً في الشبكة السورية لحقوق الإنسان نور الخطيب لراديو الكل إن أغلب المختفين قسرياً وبنسبة 90% هم لدى نظام الأسد، ويتوزع بقية المختفين غالباً لدى ثلاثة أطراف أخرى وهي المعارضة المسلحة ووحدات الحماية الكردية أو التنظيمات المتطرفة كداعش، ويعرف الشخص المختفي قسرياً على أنه كل من يأخذ عنوة من بيته أو من الشارع إما من قبل شخص أو جماعة زي مدني أو عسكري دون الإفصاح عن هويتهم، ليختفي المختطف من حياة عائلته وهذا يمثل قضية أخلاقية وقانونية وإنسانية، لكون هناك ضحيتين وهما المختطف وأقاربه

وبينت أن الأرقام التي توثقها الشبكة حول المختفين القسريين هي أقل بكثير من الرقم الفعلي، ولكن صعوبة الوصول لكثير من المناطق في ظل الحرب يصعب معرفة جميع المختفين قسرياً، كما تواجه الشبكة مشكلة أخرى تتعلق بعائلة المختفي نفسه التي تشعر بإمكانية تعرض الضحية للخطر وخاصة ان كانت الجهة المعتقلة هي نظام الأسد فهم يتوقعون ان ابلاغ الجهات الحقوقية يعني تعذيب قريبهم، مؤكدة أن الشبكة تحاول إبداء أهمية التوثيق ومراسلة المعني بحالات الاختفاء القسري لدى الامم المتحدة والتوثيق لا يضر بالمختفي وانما يؤمن له الحماية وهو يعتبر ذاكرة سوريا، وقد استطاعت الشبكة معرفة مصير عدد من المختفين قسرياً خلال العام 2015

 

هذا وتقدر الشبكة السورية لحقوق الإنسان عدد الأشخاص الذين يحتجزهم نظام الأسد بشكل عشوائي بأكثر من ثلاثة آلاف وتسعمئة، خلال العام المنصرم، فضلاً عن نحو ألف وأربعمئة آخرين لدى جهات أخرى هي تنظيم داعش وقوات الإدارة الذاتية الكردية، وجبهة النصرة، وبعض فصائل المعارضة.

رزق إخفاء الأرواح:

تحولت جريمة الإخفاء القسري في سوريا إلى تجارة ومصدر رزق واسترزاق لعناصر النظام وبعض المحامين، والزبون عادة الأسرة التي تحاول عبثاً معرفة مصير أحد أفرادها، حيث تتراوح الرشاوى بين مئة دولار حتى عشرات الآلاف لقاء معلومات يكون أغلبها غير صحيح.

وأفادت منظمة العفو الدولية وفي تقريرها الأخير “بين السجن والقبر”  الصادر بتاريخ الخامس من نوفمبر عام ألفين وخسمة عشر؛ عن جني نظام الأسد أرباحاً جراء انتشار عمليات الاختفاء القسري في سوريا، ما أدى إلى ظهورسوق سوداء من الخداع والحيلة على هامش هذه الممارسات، تستغل رغبة أهالي الضحايا لمعرفة مصير أقاربهم المعتقلين مقابل مبلغ من المال يقدم عادة إلى وسطا لديهم علاقات وثيقة مع النظام، من بينهم حراس سجون، او محامين، أو معتقلين سابقين، أو أئمة مساجد.

إذاً هي جريمة أخرى ضد الإنسانية تضاف إلى رصيد الأسد وتكرس شريعة الغاب التي ينتهج، في وقت يغيب الآلاف خلف الشمس في مكان لا يعلم أحد متى العودة منه..

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى