هل تنتهي مأساة مضايا الإنسانية بدخول المساعدات؟
بوجوه حائرة وأرواح بائسة خرجت مئات العوائل ،الاثنين الماضي، إلى قوس مضايا عند أطراف البلدة “المحاصرة منذ أكثر من 6 أشهر” حيث تتواجد حواجز ميليشيات حزب الله والنظام، من أجل الحصول على المساعدات التي دخلت في وقت واحد؛ بالتزامن مع دخول أخرى إلى كفريا والفوعة بريف إدلب، وذلك في إطار الاتفاق المبرم بين الثوار والنظام، وتحت رعاية الامم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري وبرنامج الغذاء الدولي.
ناشطون وصفوا عملية إدخال الشحنات الأربع “بالمهزلة” كونها ضمت “بطانيات” لا حاجة للجياع بها، دون أن تحتوي مادة الطحين الأكثر إلحاحاً، فيما تخوف آخرون من أن فصول المأساة لن تنتهِ هنا، خاصة وأن المساعدات لا تكفِ سوى 15 يوماً، وذلك بالمقارنة مع قافلة المساعدات التي دخلت سابقاً في 18 من أكتوبر الماضي، والتي لم تكف الـ 40 ألف مدني داخل البلدة لأكثر من أسبوع، ليدخل بعدها المحاصرون في حالة جوع رهيبة تسببت بوفاة أكثر من 70 شخصاً بسبب نقص التغذية، إضافة إلى مقتل عدد من الشباب أثناء محاولتهم كسر الحصار جراء الألغام التي كانت ميليشيا حزب الله قد زرعتها بمحيط البلدة.
الناشط الإغاثي والطبي “أبو الفوارس الشامي” أفاد لراديو الكل، إن شاحنات المساعدات التي بلغ عددها “44” التي دخلت مضايا، احتوت أغطية ومساعدات طبية وأدوية ومكملات غذائية كزبدة فول الصويا وحصص يومية من الفيتامينات، منوهاً على دخول حليب أطفال في قسم مع المواد الطبية لكن لم يتم توزيعها، ودون معرفة إن كان الحليب للأطفال الرضع أم لعامة الناس، فيما تم توزيع الأغطية والمواد الطبية والغذائية.
وأكد على خلو المساعدات من مادة الطحين حيث من المتوقع دخول سيارتين آخرتين إلى بلدة مضايا، تضم الأولى طحين ومن المفترض دخولها يوم غد الخميس، أما السيارة الثانية موعدها يوم الأحد المقبل، وفقاً لأحد المسؤولين في الصليب الأحمر الذي تم التواصل معه، على حد قول “الشامي”، فيما لم يتم الرد على الإستفسار عن مادة المازوت التي لم تدخل البلدة.
وأشار إلى أن تأخر دخول السيارات إلى مضايا يوم الاثنين كان بسبب غرق جزئي لشاحنة من مساعدات الفوعة بالوحل بريف إدلب، حيث كان من المشترط دخول المساعدات بشكل متزامن بين مضايا من جهة وكفريا والفوعة من جهة ثانية، منوهاً أن الأمم المتحدة اشترطت على حركة أحرار الشام تجهيز 10 مستودعات لإستقبال المساعدات في مضايا وقامت بتفقدها قبل إدخال المواد.
وعن آلية التوزيع أوضح الناشط الإغاثي إلى إنه تم تقسيم المحاصرين إلى أهالي مضايا والمهجرين من الزبداني وبقين ومن بقية المناطق النازحين إلى مضايا، حيث تم توزيع المساعدات على 3800 عائلة بينها 2200 من أهالي مضايا، مبيناً اختيار مندوب لكل عائلة للتنسيق معه لإستلام المساعدات في حال دخولها مستقبلاً، وأكد في الختام عدم وجود أية معلومة تفيد بإنهاء الحصار عن مضايا بعد دخول المساعدات إليها.
وفي موازاة ذلك أشار الأمين العام للائتلاف الوطني السوري “محمد يحيى مكتبي” إلى إن الإئتلاف كمؤسسة سياسية تواصل بشكل مكثف خلال الفترة الماضية، مع الأمم المتحدة والمبعوث الدولي لسوريا “ستيفان دي مستورا” إضافة لجامعة الدول العربية والدول الشقيقة والمنظمات الحقوقية، وذلك من أجل تسليط الضوء على جريمة الحرب التي تعاني منها بلدة مضايا.
ونوّه “مكتبي” في حوار مع راديو الكل، إلى الوضع الكارثي الذي حل بالبلدة تحديداً مع حملة النظام وحزب الله بتهجير أهالي الزبداني إلى مضايا، حيث تم تهجير أكثر من 1000 مدني منذ أسبوعين، وذلك رغبة من النظام بمعاقبة ثوار الزبداني التي فشل بالتقدم فيها.
ولفت إلى تواصل الإئتلاف مع المجلس المحلي في مضايا يوم دخول المساعدات للتأكد من وصولها وآلية توزيعها، موضحاً أن تعرض قافلة المساعدات التي كانت منطلقة نحو مضايا لتفتيش من قبل حواجز النظام في منطقة المزة بدمشق.
وأكد الأمين العام للائتلاف إن عملية إدخال المساعدات ليس لها رابط مباشر مع المفاوضات المزمع انطلاقها في 25 من الشهر الجاري في جنيف، كما أنها لا تندرج تحت خانة حسن النوايا التابعة للعملية السياسية، مشيراً إلى أن النظام لا يعمل إلا بسياسية المثل، بالإشارة منه على اشتراط النظام دخول المساعدات إلى مضايا مقابل دخولها إلى كفريا والفوعة.
ودعا إلى ضرورة كسر الحصار عن جميع المناطق المحاصرة بشكل كامل ودون أية معوقات، لافتاً إلى إلى عمل الإئتلاف في هذا الإتجاه من خلال اللجنة القانونية برئاسة “هيثم المالح”.
من جانبه قال عضو بالأمانة العامة للمجلس الوطني “ملهم الدروبي”، إن كمية المساعدات التي دخلت مضايا غير كافية وإن سياسية تجويع الناس لاتجوز شرعاً، مؤكداً أن النظام وحلفاؤه من المليشيات الطائفية هي التي تجوع الناس، وأن نظام الأسد لا يمكن التعامل معه إلا بإرغامه بكافة الوسائل الدولية وغير الدولية لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
ولفت “الدروبي” في مقابلة مع راديو الكل، إلى قرار مجلس الأمن الأخير بشأن سوريا رقم “2254” تضمن إدخال المواد الغذائية إلى المناطق المحاصرة دون الحاجة إلى موافقة نظام الأسد، مشيراً إلى أن طائرات التحالف التي تقصف المناطق السورية بإمكانها إلقاء المواد الغذائية إلى أية منطقة محاصرة دون موافقة الأسد أيضاً.
وتابع قائلاً “التقاعس الدولي يضر بمصداقية الأمم المتحدة والدول التي تنادي بحقوق الإنسان والراعية للمفاوضات التي ستنطلق نهاية الشهر الجاري”، مضيفاً ” إذا كانت هذه الدول والمنظمات المعنية بإنطلاق المفاوضات غير قادرة على فك الحصار وإيصال المساعدات وفقاً للقرار “2254”، فهي غير قادرة على إنجاح المفاوضات.
وأكد في الختام أن النظام وحلفاؤه لا يريدون انطلاق المفاوضات ولا إنجاح الحل السياسي ويسعون إلى المماطلة والمراوغة، ويتحملون كل قطرة دم سوري.